كثيراً ما بدر في بالي أن للإنسان هيةٌ وِلد لأجلها!..
و آمنتُ أن الخير يتغلب على الشر مهما طالْ الزمن وطالَ الشخص ذنب العُمق!!.و في ذلك اليوم الخريفي الباهت سألت امي سؤالاً مُشابه؛ قد كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل كنتُ أجالسها وحدتها في غياب ابي ..
و في لُجةِ الإكتظاظ داخل دماغي رُحت أحدثها عن جزءٍ من الأفكار التي تروادني ..
- هل للعمق ذنب أماه؟! ..نفت التلفاز الصغير ذا الطابع البسيط من نظراتها و حطت بمقلتاها البراقتين على وجهي مقطبةً..!
ثم قالت تلامس أصابع يدي الملفوفة بالقُطن الأبيض..- أجل، أعتقد أن هناكَ ذنبٌ يحمله صاحب العمق نفسه!.
جال في ذهني أنني مُذنب و أتى في تفكيري صوت "رسلان" الشبل الضعيف حينما قال..
- أنا عميق التفكير!.و من أين آتَ لسانه بتلك الكلمة؟!، ليس من ذهنه وليس من التلفاز باهظ الثمن في منزله بل من "زويا"
فتاة الغراب فقد كانت تتحدث عن عمق الزهرة في الأرض و قد شبهتهُ بعمق تفكير طفلٍ تعرفه!!.لم يخطر ببالي أن اسألها عن الطفل! على الرغم من أنها سألتني لمَ لم أسأل!!..
أجبتها إجابةً مختصرة ذاك اليوم جعلتها تغضب مني لبقية النهار..
- لا أهتم لما لا يخصني.
أبعدتُ زويا و رسلان عن أفكاري.و حينئذ أجبت نفسي ببعض الكلمات، إجابة أمي لم تكفيني فقد كانت أشبه لإجابة سطحية..
- كلّ أنسانٌ على هذه الأرض مُذنب لأنه و ببساطة هوَ عميق التفكير مع نفسه فقط!.و بغتةً، دون إنذار أو حتى تلميح صدر صوتٌ مني!! جعل والدتي تزداد تقطيباً، ترمقني نظرةً كأنها ترى مسخاً .. قلدتُ غرابي في نعيقه!!.
رباه!، ما بال نفسي تضيع مني؟!..
ما بال أيامي تجري بي بعيداً حيث شيخوخةً لا تظهر على ثنايا جسدي!!..و لماذا خلايا دماغي لا ترفض التوقف عن الحديث!، فتراودني الأفكار في تزاحم و كأنما السيارات تقف أمام حادثٍ نستهُ الشرطة .. و أبواقها تتسابق للرنين في ذهني!.
- كوك لماذا هذا الصوت؟!
سألتني!، ضربتها!!.ابتعدت عني تحمل نظرات التعجب و الجزع سوية وكنت أجرُّ يدي بثقلٍ عما ستفعل!!.
- ما بكَ كوك لمَ هذه التصرفات!!.
صرخت بوجهي لأول مرة مُذ وِلدت.- لا أستطيع التوقف!!.
صرخت أيضاً و ركلت المنضدة أمامي ..
أنت تقرأ
الديجور
Spiritualو كم رغبتُ بدمعٍ يغسل صفحتي المُلطخة!، كانت تلكَ أشبه بأمنيةً عقيمة الولادة يا أمي.. ولكم قُلت أنني لم أقصد!، كانت تلك جملةً بكماء لا تُسمع و كفيفة للرؤية لأبتي.. يا أماه. ما الشرور الذي زرعت في رحمكِ حتى أجني الشوكَ في مهدي و ما تبقى لي من حياة؟. ...