الجزء الثاني: |غير متوقع|

302 44 17
                                    

ذهبت سارة لمناداة قطز بينما بسمل البقية وشرعوا بتناول الطعام ، أخذت أم سارة تطعم صادق الذي كان عن يسارها ، ومريم التي في حضنها تلعب وتتحرك :
" مريم اهدئي قليلاً دعيني أطعمكِ ، صادق تعال لا تذهب بعيداً ، أوه لا يا مريم !! ما الذي فعلتِه ؟"

عاد صادق بجانب أمه وبدأ يلعب بالطعام ، كما يفعل دائماً ، أما مريم فقد كانت تضرب بيديها لأعلى وأسفل بسعادة وتضحك عندما تقوم بإسقاط الطعام من يد والدتها التي لم تعد بوعيها منذ عدة أيام ، أدخلت الأم لقمة بعد جهد جهيد إلى فم مريم .

وفجأة أحس الجميع برعشة تسري في أجسادهم ، وانقطعت الكهرباء ، سقطت مريم أرضاً فاقدة وعيها ، وطارت اللقمة في الهواء ، وكذلك صادق إثر تلك الموجات المتتالية ، ثم طارا مع الألعاب الصغيرة التي كان يلعب بها صادق ومريم ، والطعام الذي كان على الأرض .

جاء قطز وسارة ليخبرا والدهما بما حدث إلا أن لسانهما انعقد عندما رأيا أخويهما يطيران وحولهما بعض الأشياء الخفيفة تطير ، فصرخت سارة:
" - منزلنا مسكون ، أبي أمي " .

لكن والدها هدأها :
" - إنه ليس كذلك بل إن الجاذبية خفَّت ".

هدَأتْ سارة قليلا ..

ثم سمع الجميع صوت السيارات وقد اضطرب سيرها ، تذكر سالم ابنه خالد وخاف عليه وقال بتوتر آمرا لقطز:
" - اذهب وأحضر خالد من الغرفة ، بسرعة " .

حاول قطز أن يمشي بسرعة متجها إلى غرفة والديه ، وجد أخاه يطير ، فحمله وكان خفيفا كالريشة ، حاول أن يوقظه لكنه لم يستجب بل كان خامدا لا يُحرك ساكنا ، وضع قطز أذنه على صدر خالد ، فلم يسمع شيئا ، صرخ برعب :
" - أمي أبي . . إنه لا يتنفس ، قلبه لا ينبض !! " .

دخل قطز على والديه ليجد أمه تنظر إليه بنظرات غريبة . . مصدومة . . عاجزة ، يداها قد سقط منهما الطعام وأصبحتا غير قادرتين على الحركة وكأنما أصابهما شلل ، نظر إلى والده ليجد أنه يحاول إيقاظ مريم بينما سارة تحمل صادق وهي تبكي وتخرج من فمها عبارات مبعثرة : :
"لماذا . . أمي . . مريم . . صادق حرارته مرتفعه . . قلبه لازال ينبض . . و . . خالد . . ما الذي حدث . . فجأة . . أبي . . " .

تقدم قطز وقال بهدوء :
"أمي . . أبي . . وأيضا سارة . . خالد لا يتحرك ".

تحدثت والدته أخيرا:
"ماذا ؟ ! أحضره إلى هنا " .

تقدم قليلا ، تعثر وسقط فأُفلت خالد من يديه لكنهما - قطز وخالد - لم يسقطا بل طارا في الهواء ، رفع قطز رأسه وقال لوالديه والعبرة تخنقه :
"إنه بارد وقلبه لا ينبض " .

خافت الأم على ابنها وأخذته وضمته وبدأت دموعها بالانسياب ، وكذلك أطلق قطز شلالا من الدموع .

نهض سالم وقال بعجلة وخوف :
" -ياسمين تجهزي سنذهب إلى المشفى " .

لم تتحرك ياسمين من مكانها وزادت قبضتها وهي تحضن خالدا ، لم يتمالك سالم نفسه بعد أن فشلت محاولاته هو الآخر في إيقاظ مريم ! فصرخ بها وهو يأخذ مفاتيح السيارة :
" - هيا ، لا تريدين لهم أن يموتوا ، صحيح ؟ ؟ انهضي " .

النهايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن