-3-

3.7K 576 336
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
.
.
.

اِبتسم السيد جثه كما أَطلقت عليه،  نظر لها ثم لسترتهِ الحَمراء،  رَسم أحرفه بسائِله الدَبق،  أو على أرجح بالدِماء :
-"تَعرفِين قِصتي،  أو قِصتنا بالأَحرى صحيح ؟ الأَحمرُ هُوَ ملاذُنا ، ملاذُنا الذِي يُدخلنا للكابُوس الأبدِي !"

نَظرَت  للأَسفل ، لَطالما  كانت  الأَرض  قَريبة ، تمشي  جاثِيةً ، تركُض  و  تَحمل  جَسدها  بيديها ؛ لَطالما  قيلَ لها أنها  ستكونُ طويلة  القامَة  لو  اِمتلكت  قدمين .

عادَت  لواقِعها  بعد ثلاث  ثوانٍ من  السَرحان  في  زُهور  الهَلوسات ، أومأت  بالإيجاب  و  ابتسمت  بمرح كَردٍ ثاني .

-"ماذا  تَفعلِين ؟ لقد  أَتى  اِبن  السيد  بَاول  لزيارتكِ ."
نبست  والِدتها  بسخط  ثم  أشاحت  بنظرها  هاربة  و  نظرةُ قرفٍ قد  رُسمت  على  محياها .

نهضت  ذاتُ التِسع  سنين  و  توجهت نَحو  صديقِها  أو  من  تظنه  كذلك ، بينما  شيد  على ثغره  بسمة  متصنعة  و  تحدث :
-"مرحبًا ! كيف  حالكِ ؟ ألديكِ لعبةٌ لنلعب ؟"

لمعت  عيناه  نهاية  حديثه ، بينما  اكتفت طِفلتنا  ببسمةٍ  متكلفه ؛ همست  بعتاب و  بعضٍ من  الدُعابَة :
-"سيئه ! كل  ما  تهتم  له  يا  "ڤيك" هي  اللُعب !"

قهقه  ڤيك  ثُم  أومَأ  سلبًا ، بينما  السيد  جثة  مُختبِئ  فِي  الخِزانةِ يُراقِب  مِن  مَخرجِ  ضوءٍ ضيق .

وَ اِستمر  الحال  بِلعب  الصغيرين ، وَ لم يخلو الأَمر من قَزحٍ يلتمع بِجشَع  وَ تسلط  في  مُقلتي ڤيك ، بَينما مزيجٌ من  البراءة  وَ الفُتنةِ اِرتميا معانقين  ملامح  الطفلة الماثلة  قربه .

وَ بعدَ ما  يُقارب  نصف  ساعَةٍ غادَر  ڤِيك  معَ  تَلوِيح لَم  يكترث  لهُ كثيرًا .

جَذبَت  بابَ الخِزانةِ مُحتضنةً المِقبض  بكَفها  الناعمِة ، فَيَظهرُ جَسد  الجُثة  الذي  اِضمحل  أثناء  تلكَ الزِيارة  وَ يعود  للكيان  خارِج  السِجن ؛ لِتنبس  بقلق  أدرج  لمسته  في  نبرتها  الطُفوليةِ :
-"آنتَ بخير ؟ آصِبت  بمكرُوه ؟ أتتنفس  ذَرات  الأُكسجين ؟"

حملق  بِها بينَما  نقش  بسمة  عَلى محياه  الذابل  كزهرةٍ نفث  بشريٌ بَتلاتها ؛ أطلق  سائِله  المعتاد  ليحلق :
-"أنا  بخير ، فأَنا  جُثة !"

تنهدت  لِتظهر  معالم الراحة  عَلى  وجهها ، ثم  مدت  يدها  لِتُنِير  شاشة  التِلفاز  الطلساء ؛ اِكتست تعابيرها ببُردِ الضجر بينما أخذت تضغط عَلى أزرار جهاز التحكم حتَى توقفت و تغيرت تعابيرها للسخرية .

-"فِي  الآوِنة  الأَخيرة  اِزدادت  حالَة  الهَلع  التي  تَنال  مِن  فِئة  الحالاتِ الخَاصةِ و  اِدعائهم  أنهم  يرَون "جثث" ما  أن  يستيقظوا  من  السهاد ؛ أَو  ما  سميناه "متلازمة  جُثَة  السَّنا" . وَ قَد تُوفي حَوال  أربعة  عشر  شخصًا  هَذا  الأُسبوع ."

أخذت  المذيعة تثرثر  مُدعية  مثاليةَ الحديث ، لتتوسع  اِبتسامة  الصغيرة  المُستفزة  وَ تحملق  نحو  السيد  ذو  السُترة  الحمراء :
-"يَبدو  أَن  أقرانَك اِشتهروا ! يالَ البَشر  ؛ يؤسفني  كوننا  كائِنات  تحكم  عَلى  اِحمرار  التُفاحة  دون  تفحص  اللب ! لَو  كانوا  قَد  صبروا  وَ لم  يغتالوا  الجثث ، ما  كان  مقتلهم  كالزَخات السرمدية !"
...
فِي  عالَم  الأَرواح  تَنزل الجثث  تِباعًا ، لِيمنحوا  البشر  العَطف ، فَحينها  يقرر  البشري  إن  كان  هذا  كابوسه  الأَسوأ  أو  حُلمه  الأجمل !
...
-اِنتهى
-346 كَلمة ، 18.8.2017

سُترةٌ حَمراءٌحيث تعيش القصص. اكتشف الآن