كان "وارث آفينيو" الشارع الأنيق للمحلات والمخازن الفخمة المرتفعة الأسعار , أكثر أناقة
مما توقعته أليدا .. أطالت الوقوف أمام واجهة بوتيك حيث أعجبها ثوب فضفاض من
الدانتيل اليدوي الصنع .. وكان سعره مذهلاً .
عرجت في جولتها على الصالون المرتفع الأسعار , حيث رحبت بها بائعة بصوت وديع .. لكنها
لم تكن قد وجدت فستاناً يتناسب تماماً مع ذوقها , أو بالأصح مع المال الذي رصدته لهذه الغاية .
نظرت حولها حائرة , وتساءلت في سرها عن المكان الذي تجد فيه مطلبها .
ثم رأت واجهه أخرى حجبتها عن الأنظار نبته نخل في وعاء كبير , خلف زجاج كومة من الثياب الناعمة.
كانت تقف مرتبكة تتساءل عما يناسبها وإذا أطل رأس فتاة من بين كومة الثياب لتقول :
_ هل تودين لباساً معيناً ؟
وكان الرأس لفتاة شرقية صغيرة الجسم لها عينان تشبهان حبات اللوز , وبشرة بلون زهرة الخوخ ..وكانت تبتسم ترحيباً بها .. أحست بالأسى على الفتاة وقالت :
_حسناً .. أنا .. أجل .. أعتقد هذا.
واضح أن الفتاة كانت تحاول خلق شيء من النظام في الفوضى السائدة في الواجهة ,
ولم تنجح كثيراً .. لحقت أليدا بها إلى داخل المحل المعتم ..كان للبوتيك طابع شرقي غريب ..
قالت الفتاة الشرقية وهي تنظر إلى الواجهة بخجل :
_إنه محل جديد .. وأنت أول زبونة .. أنا آسفة للفوضى في الواجهة .. لم يتسع لي الوقت لتنظيمها في الصباح.
هزت أليدا رأسها تحاول التظاهر بالتفهم :
_أنا أبحث عن فستان لأرتديه في حفلة راقصة .. حفلة أنيقة جداً .. هل لديك شيء مناسب ؟
_أتعرفين ؟ قد أجد لك ما يناسبك تماماً ,تعالي معي .
تبعتها أليدا لتجد لنفسها في غرفة قياس صغيرة .. ناولتها الفتاة قطعة قماش كبيرة مطوية قائلة :
_هذا ساري هندي .. إنه لا يناسب أيا كان . لكن بجسدك النحيل .. حسناً .. فلنجربه .
مررت أليدا أصابعها فوق القماش .. إنه من الحرير الشفاف , مع لمعان خفيف بلون أحمر مرجاني ,
يحده عند الأطراف رسم زخرفي فضي دقيق .. شهقت إنه جميل .
_وهذا رأيي به أنا كذلك .. فالساري الهندي فستاناً .. إنه قطعة قماش طولها عشرون قدماً
تقريباً , وعرضها ثلاثة أقدام .. الطريقة التي يلتف فيها الساري حول الجسم
هي التي تجعله قطعة ثياب .
خلعت أليدا ملابسها , وتركت البائعة تلف الحرير حولها .. ثم قالت بلهفة :
_ألن تحتاجي إلى دبابيس أو أزرار ؟
هزت الفتاة رأسها نفيا :
_لا .. فالهنديات لا يستخدمن أي مثبتات ..
أنهت عملها برمي الطرف الأخير من الحرير الناعم فوق رأس أليدا :
_هاك .. ما رأيك ؟ فتنت أليدا بصورتها في المرآة فقد كان لون الفوشيا الأحمر الأرجواني يأتلف
بشدة مع سواد شعرها , والطيات الملفوفة بفن تزيد من إبراز خصرها ..
_ إنه يعجبني !
ثم تذكرت ميزانيتها , فسألت :
_لكن كم ثمنه ؟
_لك , كأول زبونة , هناك حسم .
وذكرت سعراً تتحمله أليدا بسهولة , وأصبح القرار سهلاً .. سيكون الساري مختلفاً كثيراً
عما سترتديه أغلب النساء في الحفلة ..
لكنه أنيق حقاً , ومناسب . لذا قالت على الفور :
_سآخذه .. لكنني بحاجة إلى تعلم كيف ألفه حولي .
تلا ذلك درس قصير , ثم تمرين لبضع مرات , ووقفت أليدا أنها ستتمكن من تنفيذ الطيات المعقدة بدون صعوبة.
بينما كان ما اشترته يلف بعناية , سألت أليدا أين يمكن أن تتناول الغداء .
_أقترح عليك مطعما ً في الهواء الطلق في النهاية هذا الزقاق .
ابتسمت أليدا وودعت الفتاة.
بعد بضع خطوات رأت المطعم وجلست على إحدى الطاولات قدم لها الغذاء ..
لكنها لم تعره كبير اهتمام .. غير أنها لم تستطع منع نفسها من سماع حديث بين سيدتين أنيقتين متوسطتي
العمر كانتا تجلسان إلى طاولة قريبة .. ولاحظت أن اسم الأميرة ذكر أكثر من مرة
في حديثهما .. قالت المرأة البنية الشعر لرفيقتها :
_أتعرفين أن ابنتها تايثي مخطوبة تقريباً .
أجفلت أليدا وجلست مستقيمة .. هذه أول مرة تسمع فيها عن خطوبة تايثي .
أجابتها ذات الشعر الرمادي :
_اجل .. مخطوبة لليندكت راولي .. إنه محط أنظار الفتيات .. مع أنني شخصياً أفضل مايس.
مالت بنية الشعر إلى الأمام نحو صديقتها :
_حسناً .. اسمعي هذا إذن .. تعرفين كيف تتصرف الفتيات الصغيرات إذ يتركن شاباً ليجرين وراء الآخر.
سمعت من مونيكا أن الأميرة خططت لإعلان خطوبة تايثي وبن في لآخر حفلة أقامتها في نهاية
الموسم الاجتماعي .. لكن تصوري من رأت جاكلين بوندر يراقص تايثي في المربع الليلي الجديد ؟ إنه مايس!
ليس هذا فحسب بل يحكي أيضاً عن خلاف بين مايس وبن حول زانادو !
أخفتت المرأتان صوتهما إلى الهمس , بحيث لم تعد أليدا تسمع المزيد .
حاولت إقناع نفسها أن هذا ليس من شأنها .. وأنها لا تهتم حقاً إذا تزوجت تايثي من بن .. سيكون زواجاً منطقياً يتساوى فيه المركز والمال .. لكن , هناك ما هو أبعد من المنطق في الزواج
فالزواج يشمل العناية والاهتمام والثقة , إنه شرارة يمكن لها أن تتحول إلى لهيب .. ولم تعد قادرة
على البقاء .. لا تريد أكثر من أن تصل إلى غرفتها في زانادو لتختلي بأفكارها .
لكن ما إن أصبحت في غرفتها , حتى تزاحمت أفكارها وراحت تدور في رأسها وكأنها الوحوش الكاسرة
داخل القفص .. وتطور الأمر إلى صداع أليم فاستلقت في السرير آملة أن تنام قليلاً قبل موعد
أنت تقرأ
على باب الدمع
Romanceهل يغشَ القلب أحياناً؟؟..إذا كان الجواب لا، فهل يستطيع قلب أليدا أن يشرح لها لماذا يخفق لبن راولي رغم عداوته واتهاماته بينما لا يعبأ هذا القلب بأخيه مايس راولي الذي يحاول جاهداً التقرب منها؟... قدم لها مايس كل ما تحلم به الفتاة..، لكن قلب أليدا ظل ي...