حين يكون للماضي صدى مسموع ... عالق في متاهة الحاضر ... دائم التكرار كالنظام الأزلي لارتفاع الشمس و نبضاتها لكن نقيض لضوءها ... معزوفة سوداء حالكة تترنم في فضاء مندثر ... نقوش ضبابية لا يمكن فهمها بل يد ترتعش خوفاً من تلاشيها عند لمسها ، حين يتداخل الصوت مع صداه ... اللون مع نقيضه ... و الماضي مع حاضره ... لا تلبث المعاني سوى أن تتلاشى من قاموس الحياة ، فيضحي كل شيء كأنه لا شيء ! ...
********************
" المجرم يهرب غرباً بإتجاه الشارع التاسع ! إلى جميع الوحدات التوجه إلى هناك و على الوحدة التي تغطي تلك المنطقة توخي الحذر إذ سيمر المجرم جوارها بعد دقائق ... أكرر ....
دارت تلك الكلمات عدة مرات في جميع أجهزة المناداة لسيارات الشرطة ، و بداخل إحداها تمت مقاطعتها و إغلاقها قبل التكرار الثاني ! .
أطلق الشاب ذي الإحدى و عشرين عاماً الجالس ، بل ( النائم مسترخياً ) في السيارة بعضاً من التذمر يفتح عينيه ذات الدوامات الظلامية السوداء الناعسة " تباً ! ألم يجد سوى الشارع التاسع للهرب منه ؟! ... "
رفع يده يرمي خصلة عابثة كالبقية من شعره غير المنتظم المكتسي بلون الحداد الحالك ذاته الذائب في عينيه ... مرت عليه عدة دقائق مملة يحدق من نافذة السيارة ساكنة الحركة ... و في لحظة ما تنهد بعمق يفتح الباب بقوة .
انحنى يطرف عدة مرات موجهاً نظراته ناحية ذاك الشخص الذي تختلف حالته تماماً عما كان عليه منذ لحظات ! ... إذ كان يولج أقصى سرعة في جريه الهارب و الآن هو كومة فاقد للوعي على الأرض بعد ارتطام شديد بباب السيارة الذي فُتح بشكل لا متوقع ! .
وصلت الوحدات الثلاث المسؤولة عن مطاردة المجرم ليروا المنظر ذاته ... زعزع جدران الفوضى الحانقة المتذبذبة في الأرجاء صوت رئيس الوحدة المتوسط لعقده الرابع ... شعر رمادي ينمّ عن تهالكه في هذه المهنة و عينان بنيتان تحاولان تأنيب الشاب الناعس المقابل له " ما الذي فعلته روبرت ؟! هو فاقد لوعيه ! "
أخذ روبرت يلوح بيديه دون اهتمام موزعاً نظرات مغرورة ضيقة تجاه الجميع " ثلاث وحدات من الشرطة لا نتيجة لها سوى مطاردة عقيمة ! ... و في النهاية من يلقي القبض عليه هو محقق نائم في سيارته بمجرد فتح الباب ، و الرحمة ! لا أرى أي مشكلة بفقدانه الوعي ! " ... ابتسم ببراءة مردفاً " هو هادئ الآن كما ترى سيدي "
ضرب رئيس الوحدة جبهته فاقداً الأمل " و تعترف أنك كنت نائماً ؟! ... حقاً لا فائدة ! "
*********************
* في مكان آخر تسيطر عليه ملامح الظلام و يندلع الخريف جواً له *
جلس ذلك الشاب بشعره البني الداكن على إحدى الصناديق الخشبية الضخمة التي ملأت ذلك المستودع الضخم والذي بدا مهجوراً من الخارج إلا أنه من الداخل احتوى ما لم يمكن للعقل تخيله ! .
أنت تقرأ
رنين القدر ( متوقفة مؤقتاً)
Mystery / Thrillerحين يكون للماضي صدى مسموع ... عالق في متاهة الحاضر ... دائم التكرار كالنظام الأزلي لارتفاع الشمس و نبضاتها لكن نقيض لضوءها ... معزوفة سوداء حالكة تترنم في فضاء مندثر ... نقوش ضبابية لا يمكن فهمها بل يد ترتعش خوفاً من تلاشيها عند لمسها ، حين يتداخل...