دَبَّ كلامه الرعب في قلبي ، حيث تسلل إليه ليتأبط به ويعتصره كمن ينتقم من عدو قديم له داساً فيه جرعة مركزة من الخوف، وهذا ما أثار في نفسي هواجس أخرى أكبر وربما أعمق !
كان يقص أحداث المستقبل بكل هدوء وكأنها أحداث اعتيادية تسقط سهواً لتقع على جريدة الحياة فتشغل ركناً مهملاً يستسخفه من يراه ويستعظمه من يعيشه .
بين الحاضر والماضي والمستقبل أنا الضحية ، لا أدري أي ذنب ارتكبته لأقع في مصيبة كهذه ، لأُفجع بنفسي قبل موتي ، لا أدري أي جرمٍ لا يغتفر اقترفته يداي ، يا إلهي أيُّ مستقبلاً هذا الذي ينتظرني !
اختفى الطيف تاركاً أياي أنتظر موعداً مجهولاً معه ، سيظهر فجأة كعادته لأنه يعتقد بأني إذا عرفت متى سأهرب ! وقد صدق في تخمينه ! من يركض إلى الموت حافي القدمين مجرد من السلاح ؟! أيّ مجنونٍ سيفعل!
أخبرني برؤوس أقلام لا تقدم ولا تؤخر ، ربطني بوعد لا أعرف منه سوى القليل القليل ، لا أدري أي عاقبة تليه ، أريد العيش لمزيد من الأيام ، أن أشتري حياتي بمغامرة أفضل بمرات من فقدنها في المغامرة ذاتها، الكلام لا ينفع الآن ولا مجال للتراجع .
مرت الثواني كأنها ساعات طويلة ، قاتمة كالدجن، رُمت النوم في ليلايها ولكن النوم جافاني، قاسية تلك النجوم التي أرى في كل منها صورة سكينٍ يغرس في صدري ، راودني كابوس ذات ليلة بأن الطيف يجتث قلبي من صدري بيديه المجردتين وأنا أصرخ وأصرخ وأصرخ ،لكن لم يجبني أحد ناديت بأعلى صوتي لكن لم يسمعني أحد.. كانت ليلة جائرة خارجة عن المألوف، رباه أبعد هذه الكوابيس عني.
مشتاق أنا لذلك اليوم الذي أتخلص به من تلك اللعنة ، لا أدري أأتصل بمن أريد توديعهم ، أم أن اتصالي سيلهب قلوبهم ، فليبق الأمر سريراً في قلبي فلن يصدقني أحد ، بمجرد التفكير أصواتهم جاءت على مسمعي تقول "مس الفتى الجنون" ، "أنت تهذي" ، وبعضهم سيسألني "من أنت"
من أنا !! لا أدري ، أنا بالكاد أعرفني ، كيف أخبركم من أنا ، أنا الذي وقع ضحية نبأ ، أنا الذي بات ليلةً لا يعرف نفسه، وأخرى يحاول تذكرها ، قد تصلكم بعض عني بعد أيام فانتظروا لعلكم تعرفون من أنا ولعلني أدرك أنني لم أبرح مكاني و إنما تغيرت في بعض الأشياء .. ستزول الهموم قريباً. ، وسأعود لطبيعتي كما كنت قبلاً مرحاً محباً للألوان ، سأجتث جذور الخوف قبل أن تجتثني تلك الجذور ... وعدت لأهذي .
مرت عدة أيام طويلة جداً ، خرجت بعدها من المنزل بغية تغيير حالة الاكتئاب المرابطة في عقلي توجهت نحو بائع المثلجات ، ما الذي يمكنه تغيير المزاج ولو لثوان في هذا الجو الحار غير المثلجات ؟! لا أنكر بأني لا أزال خائفاً من موعدٍ مجهول ولكن ما باليد حيلة .
جلست على كرسيٍ بالقرب من شجرة صنوبر طويلة في الحديقة أمامي أطفال يلعبون ويقفزون ، قد نمت بعض نباتات الهندباء فقطفها البعض ونفخوها لتطير في الهواء لتستقر إحدى تلك المظلات الصغيرة بجانبي ، ما كدت أم ألمسها حتى ظهر الطيف بجانبي لأقفز فتقع المثلجات أرضاً ويبدأ الطيف بالقهقهة، لا أحد يسمعه غيري لا أحد يؤى نظراته المخيفة غيري اقترب وهمس في أذني"حان الموعد"

أنت تقرأ
ضحية نبأ
Misteri / Thrillerبين الحاضر والماضي والمستقبل أنا الضحية ، لا أدري أي ذنب ارتكبته لأقع في مصيبة كهذه ، لأُفجع بنفسي قبل موتي ، لا أدري أي جرمٍ لا يغتفر اقترفته يداي ، يا إلهي أيُّ مستقبلاً هذا الذي ينتظرني !