{من هنا بدأت}-1

715 7 9
                                    

مضى الليل إلا اقله و لم يبق لانفراج اللمة عن جبين الفجر شيء ، و أنا لا أزال أرقب السماء الحالكة و الأفق علي أنال بركتهما فينير وجهي و تنقشع غمامة البؤس عن عيناي فأرى الحياة بمنظور غير الذي كنت أراه ، انتظرت بصبر لم أعهده في نفسي قط و يداي ترتعشان تعبا و إرهاقا ، قد مضى عهد طويل و قد تهت في شوارع الأرق فلم أجد للنوم سبيلا و لم يسلك لي النوم طريقا ، فكأنما ترفع الإمساك بجفون ملأتهما الحياة فسادا جما و كأنما رحمني فأبى رفع روحي القاتمة للسماء فيغلب سوادها على صفاء النجوم و يطغى .

لا ارى لي حاجة للنوم فجسدي منهك ضئيل فاسق تتخبطه معاصيه تباعا و تلقي به في قفص الذنب لأتعذب بضمير يستيقظ برهة و يموت قرونا ، و لو كان باليد حيلة لرميت بجسدي لأسود الغابة تنهشه و تكسر عظامه تحت أسنانها فلا يبقى لي وجود، كأنني لم أكن قط فأغدو نسيا منسيا .. و لكن ما أظن ملوك الغابة بمنحطين يرغبون أكل لحم كلحمي و جسد كجسدي ، فليسا من أطايب المآكل و لا بأحسنها ، و ما يرغب باللحم السيء رائحته إلا المنحط مثلي ، فلا حيوان يريد و لا أنا أريد إلقاء نفسي للموت ، جيوبي فارغة و زادي قليل فكيف ألقى خالقي بعد هذا الزمن الذي أمضيته أفسق في الأرض فسوقا لا أظن أحدا بلغه و لست ظانا أن بلوغه سهل .

مصاعب الدنيا أرغمتني ، و رغباتي حرضتني ، و قلة حيلتي دفعتني و نفسي أغوتني فتبعتها كخروف لم يجد بدا من القعود جائعا فسعى جريا لمرعى الذئاب غيرخائف و لا مبالي ، أعلم أني قد تماديت فحزنت حزن يعقوب و لم أصبر صبر أيوب فها أنا ذا أعاني و ما معاناتي إلا جزاء لي على ما قمت به من خطايا و آثام .

شجون و هموم تباغتني ، فأجد بين جنبي أسا أعلم مأتاه ، حتى يخيل إلي أن عارضا من عوارض الجنون قد خالط عقلي فيشتد خوفي و اضطرابي ، و ما الجنون بهين ، فهو ما دفعني للقيام بما قمت به فأوجل عند سماع طاريه و يتصبب جسمي عرقا و يرتعد .

إني أعيش في هم و عياء و لست أحيى بأمل ولا رجاء ، انا شقي ! لا أعلم لي داءا فأعالجه و لا شفاءا فأرجوه .

الحياة مظلمة و قاتمة ، و هذا الفضاء على سعته و انفراج ما بين طرفيه إلا أنه أضيق في عيناي من كفة الحابل ، و منظر العالم استحال إلى شيء غريب لا أعلمه و لا عهد لي بمثله ، فأظل أنتقل من مكان إلى مكان أفتش عن شيء غائب و ما أفتش إلا عن نفسي التي فقدتها و لا أزال أنشدها .
قارب الصبح و لا أزال أتقلب أطلب راحة النفس وأهتف بالغمض ، و ما زلت ساهرا قلق المضجع أتقلب عن يساري و عن يميني حتى خيل إلي سيل الدماء من جانبي إثر كثرة الحراك...
تسجيل كيفن .

يرجى قراءة باقي القصة للفهم

بعد منتصف الليل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن