تصنم، جسده متيبس .. جفناه لا يرمشان ، يحدق في الحائط بثبات كأنه منعزل عن هذا العالم، الأطباء من حوله يتشاورون مع محققي الشرطة .. ولكن هو يبدو أنه في عالم آخر.
" ربما ضغوط الحياة سببت له هذه الانتكاسة المفاجئة.. أعني أنه تزوج زوجته الراحلة وهما في عمر التاسعة عشر ، عن قصة حب .. فقد كانا بنفس السن .. ربما تعجلوا قليلاً في إتخاذ هذا القرار .. مما أدى إلى حياة كئيبة تملؤها الصراعات ؟! " قال محقق الشرطة وهو يحك ذقنه.
" لا أعتقد هذا يا سيدي ، فهذا بلا معني .. لقد أنجبا سبعة أطفال وحياتهم كانت هادئة مع بعض المشاكل الأسرية الصغيرة كأي أسرة في العالم. " قال الطبيب النفسي الذي يتابع حالة السيد جيرارد.
" الحالة سيئة، والتفاصيل مجهولة .. وحالة القضية مشبوهة. " تنهد المحقق بيأس وهو يقلب في أوراق حالة المريض أمامه.
***
منعزل، شريد .. وحيد.. جسد بروح غادرته.. يتأمل الجدار، وليس الجدار بالمعنى الحرفي بل تلك التي تتلوى على الجدار.
شعر بأنامل رقيقة تلمس وجهه، التفت ببطء وتدحرج بؤبؤ عينيه بتؤدة ، كانت زوجته! تنظر له بابتسامة حنونة ، " عزيزي ، تبدو متعباً .. استرح. " .. وقامت بمساعدته في فرد ظهره على الوسادة خلفه ، " سأحكي لك قصة. " ، عيناه اتسعتا في ذعر ، هز رأسه في خوف .. ضغطت على صدره وابتسامتها لا تغادر ثغرها .. " استرح، سأحكي لك قصة. "
***
فتح عينيه ليجد نفسه أمام مسبح منزلهم القديم ، أمامه طفلاه التوأم أمامه يلعبان بالدمى قريبين من حافة المسبح.
شعر بلمسة وشاح ناعمة على عنقه، كانت زوجته مرتدية ثوب نومٍ أبيض اللون. انخفضت بمستوى جسدها إليه وطبعت قبلة على خده ثم قالت : " الآن ستبدأ القصة. "
لم يفهم ما قالته ، عن أي قصة تتحدث ؟! .. ألقى بنظره على طفليه ليجد منظراً مروعاً، الدمى تتحرك بانسيابية وسلاسة وتتكلم أيضاً.
إحدى الدمى تقترب منه وعلى وجهها ابتسامة شيطانية.. لا يستطيع التحرك ولا الصراخ، طفلاه كذلك يبدوان في عالم آخر مع الدمى.
اقتربت الدمية أكثر، بدأت في تسلق جسده .. حتى استقرت على صدره ، تأملت وجهه وعيناها تنبض باللون الأحمر ثم بدأت في رسم خيط رفيع على وجهه رويداً رويداً، والدم يسيل على ملامح وجهه .. لا ينطق بشيء فقط يحدق في نظراتها التي تعج بالشر.
لفت ذراعيها الصغيرتين حول رقبته لتوسع له مجال الرؤية خلفها، كان هناك هرج ومرج بين الدمى الأخرى وبعد مرور عدة ثوان متوترة ، دفعوا بالطفلين إلى المسبح .. توسعت عيناه ، غريزة الأبوة تدفعه لإنقاذهما لكن لا يمكنه ذلك .. صوت صراخهما طلباً للمساعدة وصوت ضحكات أمهما الهستيرية جعلت أذنيه تنزفان.
سكن صوتهما ولم يسكن اضطراب قلبه، غادرت عينه دمعة ليجد نفسه في غرفة المستشفى مجدداً وهي ماثلة أمامه .. بجسدها النحيل ونظرتها الخاوية هامسة له كأن ذلك أحد الأسرار العظيمة " أنت! هل تود سماع قصة ؟
---
أنت تقرأ
الزوج والأطفال السبعة / The Husband And The Seven Kids / Completed
Short Storyلا تفوت أي زيارة له، تلك الفتاة ذات الثوب الأبيض الناعم والوجه الشاحب والابتسامة الذابلة .. تحدق فيه بصمت ثم تقول بنبرة خاوية : " أنت! هل تود سماع قصة؟ " *** - لا أبيح النقل أو الاقتباس وأي تشابه بينها وبين قصة أخرى فهو من محض الصدفة البحتة. - كل...