5

269 26 8
                                    

ود أن يتخلص من هذه الحياة الكريهة، هو ما زال يظن أنه يعيش بكابوس ما.. كل ما حدث ليس حقيقياً.. هو سيستيقظ قريباً.. قريباً جداً.

" مرحباً." سمع صوت إحداهن ليتجه بنظره نحو مصدره إذ بها الممرضة تدخل الغرفة حاملة صينية الطعام.

" آمل أنك تشعر بتحسن اليوم. " قالت له مبتسمة ليبادلها ابتسامة صغيرة ثم أمسكت بالملعقة وبدأت في إطعامه.

بعد أن انتهى من طعامه، وجدها تخرج حقنة وتستعد لغرسها في وريده، شعر بالتوتر لوهلة ولكنها طمأنته بأنها مجرد حقنة مهدئة لتتحسن حالته. شعر بالرغبة في النوم إثر مفعول تلك الحقنة.بدأ بإغماض عينيه شيئاً فشيئاً حتى ساد الظلام.

رؤيته ضبابية، يعمل جاهداً من أجل فتح عينيه واستعادة وعيه. ها هو الآن في مكان جديد..
نظر حوله مستكشفاً.. إنه في مدينة الملاهي !

تبدو قديمة ومهجورة ، لا يسمع أي صوت سوى صوت أزيز عجلات الساقية القديمة  .. يمكنه الحراك... اتخذ خطوة للأمام على الأرض ذات البني المكتسب حمرة.. نسمة هواء عابرة مرت على صفحة وجهه..  سمع صوتاً مألوفاً ..

نظر إلى أعلى ببطء نحو الساقية.. كان هناك شخص ما ، طفل.. إنها طفلته !! أصغر أطفاله..

شحب وجهه وجف الدم في عروقه، صراخ فتاته جعل أذنه تنزف..  سمع صوتها صارخة " أبي. "

هي الآن معلقة بين السماء والأرض ؟ لا يعلم ماذا يفعل.. شل تفكيره تماماً.

وجدها تنظر إليه بنظرة شامتة .. إنها هي.. تلك الفتاة في الرداء الأبيض. جرى مسرعاً نحو مكان التحكم بتلك الساقية  .. أجرى عدة محاولات عشوائية لإنقاذ ابنته وظل الوضع كما هو عليه.. لا تزال تصرخ حتى جف حلقها.

" لن تنقذها ، أنت فقط هنا لتشاهد موتها بأم عينيك. " أخبرته الفتاة بالرداء الأبيض بنبرة باردة وهي متجهة بروية نحو الساقية وفي غمضة عين أبصرها عند ابنته ممسكة بذراعيها مستعدة لدفعها لأسفل.

صرخ بأعلى صوته ولكن لم يكن هناك أي دلالة على ذلك.. كأنه في وعاء عازل للصوت. هربت منه دمعة وأغمض عينيه رافضاً مشاهدة ذلك المنظر.

ولكنه سرعان ما وجد نفسه مقيداً في المستشفى من جديد وهناك طبيبان يحدقان به في صمت.

" سيد جيرارد، ابنتك الكبرى بالخارج وهي هنا لزيارتك.. سمحنا لها بالزيارة لعلك تتحسن ولو قليلاً.. لا تقلق ما تبقى من عائلتك بخير وينالون رعاية خاصة بعد هذا الحادث المشين..  سنستدعيها إلى هنا ونترككم سوياً. "

تنفس الصعداء وشعر بأنه أخيراً سيرى شخصاً يحبه وبإمكانه احتضان وحدته في هذا المكان الذي سيدفعه للجنون.

دلفت ابنته للغرفة مرتدية فستاناً فضفاضاً باللون الأسود ، بشرتها ناصعة البياض بشكل مقرف  .. تبدو غريبة!

اتخذت كرسياً وجلست إلى جواره.. نعم إنها تشبه ابنته ولكن شعوره لا يخونه أبداً، لم يشعر أنها هي .. لمَ يبدو كل شيء مريباً ؟

تنهدت بعمق ثم نظرت في عينيه، كانت عيونها ذابلة .. أمسكت بيديه ثم قالت " اشتقت إليك يا أبي. " .. سكتت لبضع دقائق متفحصة ديكور الغرفة ثم كسرت الصمت قائلة : " أبي.. هل تود سماع قصة ؟ " وتحول بياض عينيها ‘إلى الأسود المظلم كأنه الفراغ والخواء الذي بلا تفسير  .. وترددت ضحكتها الهستيرية في المكان وسط تحديقه مشدوهاً.

الزوج والأطفال السبعة / The Husband And The Seven Kids / Completed حيث تعيش القصص. اكتشف الآن