٦ : بِلحظة ..!

223 39 15
                                    

- أرجوك أنا بحاجة للمساعدة. لم يستمع لي أحد و أنا أعُلِّق بك أملي الذي يوشك أن يذبُل. أرجوك ساعدني و إنتشلني من هذا الخراب. سأنتحر إن لم تُساعدني!

بعد دقائق، إستلمت الردّ الذي أنعش قلبها و أوقف أدمعها عن الإنهمار و أوقف ذلك الصداع.

- لا لا تنتحر!! من يتحدث معي؟!!

إنتفضت كما العصفور الصغير الضعيف عندما يَلقى ريحًا عاتية.
حرَّكت أصابعها بهدوء على لوحة المفاتيح بينما تنمو على ثغرها تلك الإبتسامة الغريبة جدًا؛ إبتسامة تشوبها الخوف و الضعف و أملًا ضئيلًا.

- لا داعِ للتعريف بنفسي الآن، أنا أرغب بلقائك حالًا فسأخبرك بكُل شيء و بعدها لن تلقاني مُجددًا .. ما أحتاجه الآن هو أن يستمع لي مجهولًا.

بعثتها بنفسٍ مُثقَلَة، و أراحت بجسدها على الأريكة لشعورها بالإرهاق الشديد و لرغبتها كذلك بالنوم.

في الناحية الأخرى، كان يتلقى ذاك المجهول رسائل ذلك الشخص الذي يزعم بالإنتحار إن لم يساعده و هو كذلك يرغب بلقاءه.

فكر مليًّا في الأمر، فربما يكون أحدهم يرغب بسرقته أو إبتزازه، و لكنه أحسن الظن و تعامل مع الموقف كما يحدث أمامه، فبلحظة أصبح مُكلفًا بإنقاذ أحدهم من الموت.

- حسنًا، لكن أين بالضبط؟

عندما تلقت هي تلك الرسالة بعد دقائق لم تكن تدرك بأن أحدهم سيوافق دون جدال أو حديث مفروغ منه، فشعرت بقليلٍ من الإرتياح على أمل أن أحدهم سيستمع لها و أخيرًا.

- عند الجسر الذي بأطراف العاصمة، ستجدني هناك بانتظارك..

تلقاها هو، و بلحظة أدرك أن الأمر ليس بمزحة، و أنه على وشك مُقابلة غريب يزعم بأنه سينتحر و يحتاج من يساعده.

- حسنًا.

بعثها و لم يُمسك بهاتفه مُجددًا، فمن سيكون بأطراف العاصمة و يتسكع بساعة كهذه سوى من يُحادثه!؟

لا يُمكن إنكار شعورها بالإرتياح و لكن كعادتها تُفكر بالأسوء دائمًا، فظهرت بذهنها أفكار عمن ستقابله بعد قليل، فربما سيرغب بسرقتها أو شيء من هذا القبيل.

كلاهما كان متوترًا و قلقًا.

إرتدت ملابسها المُعتادة، لكنها لم تنس ذلك القناع البدائي، و الذي هو عبارة عن كيس طعام ذا مظهر الورق المقوى، و به منفذ للتنفس بناحية الفم و ثقبين يمُكناها من الرؤية.

هي لم ترغب برؤيته و لا حتى بمعرفة من هو، و لا ترغب بأن تُقابله مُجددًا.. حتى أنها فكرت بقتله لكي تندثر أفكارها المروية معه. لكن بنهاية المطاف، لم تندفع أو تتسرع و أفسحت مجالًا للقدر فيقودها لما يرغب به.

أحضرت ذلك الكيس معها و كذلك بعض النقود، ثم خرجت من شقتها الصغيرة و بثوانٍ كانت تقف أمام سيارتها.

ركبتها و بدأت بقيادتها مُسرعة، و بدأت تتفقد هاتفها من حين لآخر.

بتلك الأثناء، كان هو الآخر بطريقه إلى الجسر، و جُل ما يشغل باله هو ذلك الشخص و ما الذي سيحدث عندما يلقاه و يحادثه و كيف ستكون الأمور.

وصلت هي إلى الجسر، أوقفت المُحرك و من ثمّ تنهدت بقلق و توتر لتُغطي وجهها بذلك القناع. ترجلت من سيارتها بعدئذً و أخذت تنظر إلى تلك المياه أسفل الجسر، و من ثمّ تنظر إلى السماء المُتسعة من فوقها..كان الجو بارد تمامًا كالموت، سرت بجسدها قشعريرة بينما هي تدير ظهرها للجسر فتنظر يُمنى و يُسرى لعلها تجد ذاك الشخص أمامها.

بتلك الأثناء، كان هو آتيًا تجاه الجسر من يمينها، و تعجب هو لوجود ذلك القناع و كاد يتراجع و لا يحدثها، فمن المُحتمل أنها ترغب بسرقته حقًا. لكنه قاوم كُل ذلك مع كُل خطوة يخطوها للأمام.

رأته مُتجهًا نحوها؛ فثَبُت نظرها عليه و على ملامح وجهه المُرتابة.

تقدمت إليه دون تفكير، مُتمعنة النظر بعينيه لفترة دامت طويلًا و لا يعرف أحدهما مداها.

مُحاصَرَة | Trappedحيث تعيش القصص. اكتشف الآن