غادر المقدم ولم أعرف بعدها ماذا افعل، وضعت رأسي بين يداي ناظرة الي الاسفل.. أعترف انني في الماضي كنت أُسخر الناس لأعرف عنهم كل شئ و اضمن ثقتهم و أجعلهم يفعلون ما أريد، كان من السهل عليّ جدا التلاعب بهم ، كان ذلك بالنسبة لي أسهل من أخذ قطعة حلوي من طفل..
ولكني قد عاهدت نفسي ان لا استغل البشر لأُجري عليهم أختباراتي و أُحلل شخصياتهم لإشباع رغبتي المُتسلطة و العاشقة في معرفة كل شئ عن النفس البشرية..
لا أعلم إن كنت أصلاً اتذكر كيف افعل ذلك أم لا؟
اغمضت عيني أُحاول ان انسا مؤقتا ورفعت رأسي ثم فتحت عيني فوجدتني أتخيل احمد جالساً امامي
ضحكت ثم وجدته يضحك
لحظه،انني لا اتخيل! انه هو!!
- ازيك يا دكتورة؟
=تمام،عامل ايه يا احمد؟
- كويس بوجودك.
=ممم،مالك انهارده كدا؟
- عندي مشكله كبيرة..،انا بحب
=ظللت صامتة قليلا وابتسمت و قلت: بس ااحب عمره ما كان مشكلة؟
- بس دا حب قديم و رجع..
لوهلة ظننت انه يقصدني،لكني كنت علي يقين بأن احمد اذا اراد ان يخبرني بشئ فسيخبرني به مباشرةً،لن يقوم بتقديم المقدمات و اللف و الدوران هذا!"
=بص يا أحمد، العلاقات القديمة عاملة بالظبط زي الأزاز المكسور ..لو قربتله هتتجرح..
- بس الازاز المكسور دا نفسه ممكن نعمل بيه تحفة فنية، الفسيفساء! ، شكلها جميل و هي في الاصل ازاز مكسور و متجمع!!
=ايوة،منظرها من بعيد حلو بس هي في الاساس لما تقربلها هتلاقي الخدش والكسر..الطبق اللي كنت بتاكل فيه و بتستخدمه بقي مجرد لوحه منظرها "من بعيد" حلو، عمرها ما هترجع زي الاول ابدا حتي لو شكلها بقي احسن، مش مترابطة زي ما كانت و بينها فراغات..
- طيب انتي غلبتني لأنك اشطر مني في الفلسفة..بس لو هنيجي للهندسة،المباني القديمة زي العلاقات القديمه،لو أتهدت و اتبنت من جديد هتطلع مباني أحلي بكتير!
=فعلاً ،بس بمواد و خرسانه و طوب جديد..بمعني لازم نغير الاشخاص
- او الصفات،او التوقيت.
=وجهة نظر تُحترم..
- حيث كدا بقي، تحبي نطلع نشرب شاي برا سوا؟ كتغيير جو عشان شايفك مرهقة..
=للأسف عندي شغل كتير جدا في الشركة ولازم اروح في اقرب وقت..
- مينفعش يتأجل ساعه؟
=صعب والله،تتعوض وقت تاني.
- طيب..انتي طريقك في طريقي،تحبي اوصلك ولا هتكسفيني برضو؟"
لم أشأ إحراجه مرة أخري فوافقت،خرج ليحضر السياره امام باب العياده بينما أحضر اوراقي و حقيبتي..
لا اعرف لماذا تبدل شعوري تجاهه،ولكني علي يقين انني لا اريد ان اسقط ثانيةً.. لم يعد لدي الوقت لتكرار تلك الحماقات الطفولية مرة اخري،ولا أهتم إن كان يقصدني بالحديث أم يقصد "عُلا" التي كنت أحسدها علي حبه لها قبل ان نصبح أصدقاء..
خرجت و رَكبت السيارة و ابتسمت له قائلة: انت عرفت ازاي ان طريقي هو نفس طريقك؟ قصدي عرفت مكان شركتي ازاي؟
ضحك و نظر لي قائلاً:من الأخبار،انتي مشهورة فا عرفت من قنوات الاخبار."
كنت أعلم انه يراقبني فضحكت و ضحك معي إلي أن تحوّل ضحكي إلي صدمة قوية!.

أنت تقرأ
إِغفِر لِيِ.
Paranormal"ليتني كنت كُل شئ تُحبه أنت، وياليتني أستطيع نسيانك كما فعلت..".. أحياناً يضطر الانسان الي أن يُضحي بسعادته لأجل إسعاد الآخرين،ولكن في حالتي، لقد ضَحيتُ بما هو أعظم.. لا أعلم لماذا قد عُدت إلي حياتي مرة اخري، ولكن هذه المرة لن أدعك تذهب.. عملي كجاسو...