* أيها المذنب! هل استفدت من عقلك؟!
يا من خصَّك الله بالعقل والجنَان.. وجعلك من بني الإنسان.. هل استفدت من هذا العقل؟!
إن من أتْبَعَ نفسه هواها.. وأعطاها مُناها.. فهو المعطِّل لعقله حقًا!
وأي شرف لعقلك – أيها المسكين – إن لم تميز به بين الحسن والقبيح؟!
وأي فائدة استفدتها من عقلك وأنت تختار رضا الشيطان على رضا الرحمن؟!
بل أي فرق بينك وبين البهائم.. إن لم يدلك العقل إلى ما فيه صلاحك؟!
قال ابن الجوزي: «وبهذا القدر فُضِّل الآدمي على البهائم؛ أعني ملكة الإرادة لأن البهائم واقفة على طباعها، لا نظر لها إلى عاقبة ولا فكر في مآل، فهي تتناول ما يدعوها إليه الطبع من الغذاء إذا حضر، وتفعل ما تحتاج إليه من الروث والبول أي وقت اتفق، والآدمي يمتنع من ذلك بقهر عقله لطبعه».
أيها المذنب! أرأيت لو احتكمت إلى سلطان العقل؛ أكنت تختار الذنب على الطاعة؟!
أم أن سكرة الشهوة غلبت البصيرة؟!
ولكن هل يقر المذنبون بذلك؟!
إن من عدَّ نفسه في العقلاء.. كيف يقر على نفسه بضد ذلك؟!
قال ابن الجوزي: «فالعاقل من حفظ دينه ومروءته بترك الحرام، وحفظ قوته في الحلال؛ فأنفقها في طلب الفضائل من علم أو عمل، ولم يسع في إفناء عمره وتشتيت قلبه في شيء لا تحسن عاقبته».