" أين سنذهب؟ "
قال له بِـصوت منخفض، ملتفتاً بين حين و آخر يتفقد الشارع الذي قد خلا من المارة في ذلك المساء الهادئ، لكن الامر لم يكن كذلك بالنسبة لذلك العازف الذي لم يكن يصغِ لشيء من كلام الأخر من شدة ما حل به من اضطراب و أرتباك و رعب يومها ." لندن؟ نعم لندن تبدو جيدة ، لن يجدك أحد هناك في المدينة المزدحمة، لا تفزع لا تصرخ!مالذي تفعله أترتجف؟ "
قال الآخر له بتأنيب، بينما كان هو يحملق بيديه المرتعشتان الملطختان بتلك الدماء الدافئة بفزع، و مع كل قطرة دماء تنسال منهمرة من أطراف أصابعه تزداد نفسه المضطربة رعباً و فزعاً، نظر الآخر إليه بنفاذ صبر فتنهد يائساً من حالته التي يرثى لها :" سيجدونك حتماً! هيا نظف يداك ، مئة و عشرون ميلاً ، أنذهب سيراً؟ ثلاثة أيام لنصل دون مماطلة ، ما رأيك؟ أنذهب؟ "
هو لم يكن مصغياً للاخر، لم يكن بوعيٍ يساعده على استيعاب اي شيء، كان مشتت الأفعال بقدر ما كان مشتت الأفكار، شعر كما لو ان موجة هائلة قد تكسرت عليه فلم تترك له سوى الخراب والدمار." هيا لنذهب لكن نظف يديك بسرعة! هيا كفاك ارتجافاً يا لك من أبله! أتظن نفسك قوياً الآن؟ أتظنك شجاعاً أو ما شابه؟ أنظر لغضبك أنظر هيا! أين هو؟ أين شجاعتك؟ لا أرى سوى الخوف ، يا لك من جبان! لنذهب فحسب."
ألقى الآخر بكلماته الباردة عليه، دون أدنى اهتمام بحالته الضائعة، مما زاد هذا من وضعه سوءاً لا اكثر.
سحب الآخر ذراع صديقه بينما كان ينظف يداه و يبكي ، فركضا في الزقاق المظلم الرطب بعجلة ، و المياه تغطي أقدامهم ، حتى وصلا إلى شارعٍ رئيسي مزدحم بالناس و العربات و الضجة و الأضواء ، رغم أنه منتصف الليل الآن ... فتابعا الجري طويلاً و لم ينظر إليهما أحد و لم يلحظهما أحد على الإطلاق ، فما إن وجدوا زقاقاً آخر مظلم حتى جلسا يريحان أنفاسهما الشاقة
-" لم أكن أريد لهذا أن يحصل حقاً! " قال هو بضياع شديد بينما يحدق بفراغ الى اللا شيء، شارداً بأفكاره الملطخة بفعلته الشنيعة، مستمعاً لصوت قرع خِطوات المارة المزدحمة على الأرض الرثة و الصلبة الذي قد ازعج افكاره المبعثرة .-" بل أردت و بشدة ، و منذ رأيته و ها قد فعلتها! قلت لك أن تنظف يديك ، مازالتا ملطختان بالـ... لا يهم فقط نظفهمها!"
-" أنت محق، أردت بشدة ... حقاً ،أردت ذلك ، هذا صحيح،لكنه ليس كافياً ، أنا أُغلب هنا!"
***
-" هل أنت بخير سيدي؟ أود أن أعطيك شيئاً ، أستيقظ!"
قال صوت طفولي ليوقظ آدم من كابوسه ، مبتلاً من العرق يرتجف كالورقة.
رفع رأسه بِصعوبة الذي كان قد اصبح ثقيلاً كالحجرفجأة ليقابله غُلاَم صغير ذو ملامح بشوشة و شعرٍ ذو خُصلات ذهبية ، بدى رث الثياب و المظهر؛ كما حال الجميع .
أنت تقرأ
أَبْكَم بريستول - Bristol's voiceless
Lãng mạnو بين الحانك الصامتة احببت الوقوع بين طياتها، و كأنها تحمل الكثير من صفحاتٍ لـكتابٍ حمل بين طياتهِ الصمت كقصة. - "بماذا يجدر بي ان ادعوك؟" خطهُ الذي مزج الحروف بشكلٍ مهندم، و لم تفهم منهُ حرفاً "أنا...لا اُجيد القراءة" اجابت بصوت خافت. - ربما كانَ ا...