كانت تلك الليلة غيرعادية، صافية تخلو من الغيوم على سماء مدينة الضباب لندن، زين سماءها بدرمكتمل، كان جماله غيرطبيعي أبدا، فقد كان يشع نورا على غير عادة خصوصا في يوم شتوي، نادرا ما يرى من بين الغيوم.
اقترب شخص بملامح شاحبة، متوسط القامة، بشعر قصير رمادي، يتخلله الشيب مضيفا إليه شحوبا على وجهه، وعينين خضراوين فارغتين، بأنف طويل محدب، وفم عريض ذو شفتين رماديتين، وصدر عريض، يلبس ملابس فاخرة، من نهاية جسر لم يكتمل بناءه بعد.
أخذت الرياح الباردة تعصف عليه كلما اقترب من حافة الجسر. محدثة صوت زفير مخيف، مما جعلت شعيرات جسمه تنتصب، وجبينه تتصبب عرقا رغم ان الجو بارد.
توقف قبل أن يصل الى الحافة ببضع خطوات. فرفع رأسه نحو الأمام متمتما: "اللعنة. أين أنا؟." أخذ يلتفت يمينا تارة، وشمالا تارة أخرى، فلم يجد أحدا الا نفسه في وسط مكان مهجور من الخلق، في ساعة متأخرة من الليل على بضع خطوات من حافة الجسر، لا يسمع الا هبوب الرياح العاصفة، وجريان مياه النهر من أسفله.مضيفا:"ماذا أفعل هنا بحق الجحيم؟، كيف وصلت الى هنا؟."، رفع يده الى رأسه ليدلِّكه لعله يتذكر ما حصل معه، فبدأ يفكر:"كنت في ...... في ...... في ...... يا الاهي، ما هذا الصداع؟. اللعنة، أين كنت قبل مجيئي الى هنا؟. وما هذا الالم الذي أشعر به؟."
ثم نظر الى ملابسه، وقال: "لعلي كنت في حفلة ما، وأكثرت من شرب الخمر،وهذا ما سبب فقدان في ذاكرتي وهذا الصداع."، سكت لبرهة ثم أضاف: "من الافضل ان أعود الى البيت."، فالتفت الى الخلف عائدا وهو يتساءل كيف سيشرح لزوجته تأخره الى هذا الوقت، فهو يعلم انها لطالما انتظرته لحين عودته.
"أين أنت ذاهب؟؟."
جزع في مكانه وارتعش جسده عند سماع الصوت، وبدأ يتصبب عرقا ، فالتفت برأسه الى الخلف،وألقى بنظرة خاطفة يملأها القلق والجزع صارخا: "من هناك؟"، فلم يسمع أي رد عن سؤاله، ومرة أخرى نادى ولكن هذه المرة كانت أكثر جرأة من المرة السابقة، لم يكن هناك احد ليرد عليه، تنهد الصعداء وارتاحت نفسه، وقال: "هذا ليس الا عمل الشراب، أصبحت أتخيل سماع أصوات لا وجود لها في رأسي."، فأكمل طريقه، وهذه المرة بخطوات كلها حزم وجدية، وكل مرة يخطو فيها خطوة تكون أطول من سابقتها.
"ألم تسمعنا؟ أين أنت ذاهب؟؟."
تغير لون وجهه، ولم يستطع بلع ريقه حتى، بقي جامدا في مكانه، حاول ان يرد، ولكن بدون فائدة تغلب عليه الخوف فكان لقمة صائغة له،فكيف يمكن ان يردعلى صوت لايرى او يعرف مصدره. وأكمل الصوت يقول:
"نعلم أنك تسمع صوتنا."
تخلى صوته عنه ولم يستطع أن يجيب، وبدأ يكافح لإيجاد كلمات يرد بها، ولكن بدون فائدة، إن ما يحدث غير ممكن، لا يمكن للعقل تصديقه، أخذت عيناه تمسحان المكان وهذه المرة من يمينه الى يساره، ومرة أخرى لم يجد أحدا أو بالأحرى شيئا، لم يكن في المكان غيره.
"نعلم أنك تتألم."
"نعلم أنك تتعذب."
"فلا تخف،نحن هنا لنقول لك ان معاناتك وآلامك ستنتهي."
أخذ الرجل يحدث نفسه: "هيا، تحرك من مكانك أيها الغبي، تحرك. أنظر لا يوجد أحد غيرك."فنظر الى رجله مخاطبا إياها: "تحركي أيتها الرِّجل الغبية، تحركييييي. قلت لك تحركي."،وأخذ يضرب بيده على رجله ويقول: "أنا بالتأكيد لقد جننت تماما."
"نحن نريدك."
أكمل في ضرب رجله حاثا اياها على التحرك بأقصى سرعة ممكنة.ولكن بدون فائدة، لم تعد حواسه تطيعه، كأنها ليست جزء منه.
"نحن نقبل بك."
وقف بدون سابق انذار، وراسه متجه نحو الامام، وكأنه ليس بالرجل الذي كان عليه منذ لحظة، الذي كان يرتجف من أصوات خيالية، والتفت الى الخلف، أخذت قدماه تتحركان باتجاه الحافة.
"نعم هكذا، بضع خطوات بعد، لأنك في الأخير سوف تشكرنا."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه مجرد مقدمة فقط اتمنى تجعلكم تتحمسون مع القادم، واتمنى تدعموها، وشكرا.
أنت تقرأ
المكعب
Fantasyروايتي ليست كالروايات التي تملؤها أكثر الكلمات شاعرية او شكسبيرية بالمعنى الاخر روايتي عبارة عن مغامرة تنقلك في طياتها بين الواقع والخيال اكثر من مرة. في الاخير ارجو ان تعطوها فرصة وان تقراها لعلكم تستمتعون حقا بالرحلة. وشكرا