المكعب

الفصل الثاني: الصندوق الأحمر.

ملهى ليلي.

ألاسكا، جونو.

ليلة رأس السنة،1987.

تعالت الهتافات بين الحاضرين، الذين امتلأت معدتهم بكل أنواع الخمر، لاقتراب ساعة الصفر. الذين فضلوا قضاء هذه الليلة مع الراقصات اللاتي تمايلن على الأعمدة المعدنية البراقة.

" ما رأيك بألاسكا؟."

" أسخف ما عملته دولتي في تاريخها الاسود، لما باعت ألاسكا العزيزة لكم أيها الحقيرون."

ابتسمت بخبث قائلة:" وكأنك تبالي حقا بعزيزتك."، مررت له كأس فودكا مضيفة:" نوعك المفضل، اليس كذلك فلاديمير."

" انت تعرفيني جيدا، ولكن حتى الان لا أعلم سوى اسمك، روزلين كاريل."

" ألا تثق بي."

" بالتأكيد لا، ليس بحرباء مثلك."

" جيد، على الأقل أنت أذكى مما تبدو."

" ماذا تقصدين بحق الجحيم؟."

قالت بنبرة جادة:" هل لديك ما طلبت؟."

أخرج علبة صغيرة، مكعبة الشكل، حمراء اللون، من معطفه الرمادي السميك. ووضعها أمامها على المشرب. بسرعة وضعت منديلها الاحمر الذي توسطه رمز غريب الشكل، شمس سوداء بداخلها عين دامعة. قائلة:" يا لغبائك، ماذا لو رآك أحد."، رد عليها قائلا:" الجميع مشغولين اما بالراقصات أو بالشرب، لا شيء يدعو للقلق." حملت العلبة وابتسامة تعلو وجهها قائلة:" أخيرا وجدتك، يا مفتاحنا، ستكون الامور اكثر متعة من الان وصاعدا."، امسك فلاديمير يدها قائلا: "ان أسأت التعامل معه، سوف تتسببين في تفشيه، لن يستغرق أكثر من 24 ساعة فقط ليبيد مدينة بأكملها...." قاطعته قائلة:" كل شيء سيكون بخير."

"و المال؟."

" في المكان المعتاد."

" ولكن قبل ذلك سأسألك سؤالا، أخبرني بشروط العدوى؟."

" المناخ المطلوب للاستنشاق هو درجة حرارة تساوي 15 درجة على الاقل، ونسبة رطوبة تساوي 20 بالمئة على الاقل، أي قدر تحت هذا وسيفقد الفيروس مفعوله."

" كم المدة التي يبقى فيها ساكنا؟"

"ساعة واحدة فقط، وستظهر الاعراض."، مضيفا:" بما أنها أخر مرة أتعامل معك فيها، على الأقل أخبريني من هو هدفك اللعين."، قالت وهي ضاحكة:" اذا اخبرتك، سيتعين علي قتلك."، وضع يده على فخذها قائلا: " تعلمين اني قلق عليك، خصوصا الرعب الذي يحدث حاليا في العالم."، ردت نازعة يده من فخذها:" ألست رومانسيا قليلا اليوم، يبدو أن الخمر أثر فيك قليلا."، أضافت" دعني أصلح زينتي على الاقل، وسأدعك تراقصني."، رد وهو يمسك كأسا" حقا، اذا سانهي هذا بينما انت غائبة."

   اخذ يجوب بناظره في الملهى، وجد جميع الزبائن يتراقصون على موسيقى هادئة، فعلم أن منتصف الليل لم يبقى له الكثير. " اسفة لجعلك تنتظر."، اقتربت منه بهدوء وأخذت تتلمس كتفه بيدها، ثم اخذت بيده الى منتصف الملهى أين كان الجميع يرقص، وضعت يدها اليمنى على كتفه والاخرى وراء ظهره، فقال:" قبل أن ننسى عليك ان تختبري فعالية اللقاح على انسان ما، رغم ان الارقام تشير الى نسبة نجاح 100 بالمئة، ولكن أنا لا اثق بأولئك الاوغاد وفي ارقامهم."، ردت وهي تضع شفتيها عند اذنيه:" لا تقلق، سأفعل في اقرب وقت ممكن. ولكن الان دعنا نستمتع بهذه اللحظة.". بدأ العد التنازلي لساعة الصفر، وقفت روز وقالت له: "ما رأيك ان ننهي هذه السنة برومانسية اكثر."، فقال فلاديمير:" ماذا تقصدين؟."، اقتربت منه حتى التقت شفتيهما مع بعض، ثم قالت:" عيد ميلاد سعيد."، رد عليها والدهشة تملأ وجهه:" أجل، عيد ميلاد سعيد."