تَأثِيم

11K 504 169
                                    




-

أنهُ لمِن السُوء أن تكُون سجيّتك نقِية، ويحوِي قلبّك أوهاماً مُزيّفة، إن الحقِيقة ياصدِيقي تكمُن فِي مجزرةٍ بَشعة شُيدت حولّك، إِفتح عينيّك وراقِب سفح الدِمَاء لمُتطلبات الأنانِية،
لا تحجِز نفَسك وراءَ محبسِ أنّ العالمَ يدُور حول أيدِيّ الملائِكة.


"رَاهِن بأكثرِ ثمنٍ لديّك"

حررتُ زفِيراً خافِتاً، بيّنما أنقلُ بمُقلتَاي الأرجَاء،  وأُجرِي فحصَاً كامِلاً لأصغرِ التفَاصِيل، عِندما همَ الأضَخمُ بالحدِيث، وهُو يَضعُ قدميّه فوَق خشبِ الطاوِلة .


"وأثمنُ مَالديّك هُو زُجَاجةٌ مِن التاكِيلا على وَشكِ التعفُن، ياللسُخرِية"

صَوتٌ مُكتظِ ببحةٍ ناعِمة، لأُدِير أنظارِي تِجاهها، بِتلك اللفافاتِ الشَقراء التِي تتدلىٰ مِن رأسِها والفُستانُ المخملِي الأسوّد الذِي يُغطِيها طوالاً، تستندُ على الطاوِلة بذراعيّها، عاقِدة الحَاجبيّن بابتِسامةٍ طالِحة زيّنت شفتيّها، وبِذلِك الحدِيث أثارت سُخط الآخّر، الذِي هاج صائِحاً :

"فلتحُل عليّك اللعنةُ وأخرسِي!"

هِي نَشرت ضِحكاتِها بيّنما تراهُ كثورٍ أُطلق سراحهُ فِي ساحةٍ فسِيحة، عقَدت يديّها ببِعضهم، ثُم لعقت شِفتها السُفلى التِي إكتسّت بالأحمرِ الخَمري، والذِي كان جُزءً من مساحِيق التَجمِيل التِي تضعُها باختِلال عقَلِي، فقد دَمجت الزُرقة بالأصفرِ على جفُونِها، وصَنعت من رمشِها غابةً ملسَاء، عدا ذلِك الياقُوت الذِي يُبهرج وجنتيّها .

كمَا المُتوقع من أحدِ أفجر المُومساتِ هُنا.


"وِفقاً لقولِها، فذلِك يدعُوك للخروجِ مَن هذا الرِهان، فما فائِدةُ التصدِي لحتفِنا من دُونِ مُقابلٍ فاحِش"

دُخانٌ كثِيف مُحملٌ برائِحة التِبغ يرادفهُ قولهُ المنطقِي، فنحنُ هُنا نُراهنُ بأغلى مانملِكهُ لشيءٍ نراهُ أكثَر ثمناً، وَلا مجال لفقِيري الجيُوب، فمن مِنا مُستعدٌ لتلقِي رصاصةٍ فِي مُنتصفِ رأسهِ، وبالمُقابل يحصُل على زُجاجةٍ لعِينة لا تُساوي سوى 5 دُولارات؟.

"أُركل مؤخرتهُ خارِجاً!"

صدح بصُراخٍ مُتتابِع بضحكاتٍ مجنُونة وهُو يعبثُ بتشابُكِ أصابِعه، وحدقتيّه قد باتَا مختلفتَان، حيُث الأولى تنظرُ للأعلى والأُخرى للأسّفل، ياللمَشادة الكلامِية التِي عُهدت ضِده، لكن كمَا هُو الحَال، لا مجَال لفقِيري الجيُوب بيّننا .

وبيّنمَا كَان الجمِيع يترقبُونه بالوقُوف والهرعِ خارِجاً، رفعَ يدهُ بملامحٍ متوتِرة، والقلقَ صاحَب ارتِعاش اطرافِه، قَبل أن يتلفَظ بتلعثُم بالِي :

"إكسّت-اسِي"

لبَث الجميعُ أماكِنهُم لبُرهة، قبّل ان استنتِج مَاقال، رذاذٌ مِن تِلك النَكهة لن يزِيدك سعادةً بل يطرحُك لأحضانِ الكآبة بكُل رُحب، لا بُد من أنهُ يمزَح بجحِيمه!،نظرتُ نحوه مُباشرةً، قَبل أن أطرُق بقبضتِي خَشب الصنُوبر الدائرِي :

"لن نُراهِن بمُخدرٍ غيرِ معرُوف، فليكُن هيرويِناً أقلاً!"

أردَفتُ بِهدُوء يعكسُ ملامحِي فلعلُه يُدرك مايُقدم عليِه امراً، ثُم نفى برأسِه مِراراً وكأنهُ يتجنبُ خوفاً يُداهمُه، وذلِك ضِد هيئتِه الضخَمة ذات شكلِ المسُوخِ البَشعة .


"دَعهُ هنِيهةً، فالذِي يقُوله ليّس بيسِير، إنمَا فِيه ثروةً هائِلة، التِعدادُ السُكاني هُنا يَشملُ ٪٢٠ مِن مرِيضي الإكتِئاب، وسيكُونُ فِي ذلك استغلالُ لهُم"

أوقفَنِي وهُو يلوحُ بسِيجارته الأنحَاء مُثيراً تكتُل الدُخان بضبابِية .

"حسَب معلُوماتِي السَابقة، يُمكن الإستفادةُ مِن مخدرِ الإكستَاسِي كجُرعاتٍ مِن السعَادة، وكونهُ غيرُ معروف يعود بالجَدوى، بيعهُ باسعارٍ خيالِية وخِداع الزُبناء، عملٌ ذكِي!"

أجَابت الأُخرى بابتِسامةٍ دنِيئة، ثُم سَاهمت بالترِبيت فوق رأسِ الأضخّم، كجروٍ صغِير، ولم يجعلهُ ذلِك سوى صفعِ يدها بَعيداً، مُثيراً ضِحكتها المُتكلفة، حركتُ لسانِي بين ثنايا جوفِي، فمَا يقُوله صحيحٌ ولا حِيلة للشكِ فِيه، إذاً الرِهانُ سيتمُ على أحسنِ سِيرة .

"حِينئذٍ كلُ شيءٍ جاهِز، أيُ لعنةٍ سيُقدم على الترَاجع فليَرفع يده"


حلَ الخرسُ على أفواهِ الكُل، ولَم نجِد أي حركةٍ تُعلن الإنسِحاب.


"فلنَبدأ"


تلفَظ بِها الأشقرُ وهو يرمِي قماشٍ رادنِي وسَط الطاوِلة، ليرفعهُ كاشِفاً عن مُسدسٍ عيار 22 .


اللُعبة أُفتِتحت.


-

مسَاء الخِير شهُبي .

أول بَارت مِن "تقلُب".

توقعاتكُم؟
آرائكُم؟

مُومس:الفاجِرة التي تلِين لمَن يُريدها .

XoXo .

تَقلُب | VKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن