تَغيير

3K 286 96
                                    








-



"ذلِك شنيع!شنِيعٌ للغَاية!"


أَردَف جُونَاثان وهُو يمرر قرنِيتاه بينَنا، وأَخذ يحُك جِلدهُ الجَفِيف بشَراسة، بينمَا لم يتكَفل أيُ أحدٍ مِننا بمَشقةِ رفع جُثةِ كارلُوس بعِيداً أَقلاً .



"لَا عجبَ مِن الخدَاع هُنا، علَينا أن نكُون حذرِين جِداً"


تَلفظ تايهيُونق بِبطء، ومَاكان سِوى من الجمُيع الهدُوء، لَقد أَصبحنَا أَربعةً الآنَ أوليّس ذلِك يدعُو للاستِخفاف بِه؟واحِدٌ فَقط من مَات جراءَ لُعبة رُوليت، والآخرُ لَم يكُن سِوى مكَاراً لَم يكُن الحَظ نَاصفًا معه.

"أَجل، لا عجَب من ذلِك لا عجَب"

أجابَهُ رُودجَر وهُو يَعبث بولاَعتِه وسِيجارتهُ تُلازم شِفتيه الحَادة والتِي كَان يُغطي من فوقِها الشَاربُ الأسود المُنمَق بمهَارة، ويبدُو بأننِي الشَخصُ الأقلُ حَديثاً هُنا، ولَم أحتَج للثرثَرة طَالما أنتظِرُ حَياتِي المُقبلة، لَا ريبّ فِي أن يشكُوا بِي بهذا المِقدار من السكُون الذِي يستوطنُني.

ورَيثما كُنتُ سَأضعُ الرصَاصة القادِمة-على مرَأى الكُلِ طَبعاً- تَقدم ناحِيتي ذلك الأَسمر، وجَلس لجانِبي بعدما كَان مُوازِياً لِي، نظرتُ له بطرفِ مقُلتاي مُستغرِباً، لكِن الإهتمَام لم يُطقني لذلِك الحَد .


"مَارأيُكم بتغيِير القَواعِد؟"


قَال فجأةً، لنُدير أنظَارنا جمِيعاً لَه، وكَان يستنِد على الكُرسي مُتكتِف الذراعَيّن، لَعق شِفتيّه عجُولاً قَبل أن يُكمِل مابدأَ :


"طَلقةٌ تَخترِقُ الفَاه"

اِبتَسم قلِيلاً، ليِحاوِل جُونَثان مُقَاطعته، لكِن لم يَنجح ذلِك عِندما كان لتايهيُونق المزِيد من الكلمَات ليُلقِيها .


"وجُود جُثثٍ بِطلقاتٍ فِي جانِب الرأس يدعُو للمَلل، فليكُن القادمُ فِي وسَط الفاه..."


"أَتفقهُون ما أقُول؟"


إختتَم كَلامه وحدَق بِنا، والذِي جعلنِي تقريباً أتعجبُ مما يحوِي فِكرَه، فِكرةُ أَن الجمِيع هُنا يَأخذُ المَوت كأبسطِ وسِيلة، وغَايةُ المُتعة التِي تحمِلها ملامِحهُم الباهِتة، منظُرنا فِي تِلك الغُرفة الضيِقة بطاولةٍ مُستدِيرة ومُسدس رخِيص يتوسُطنا، كَانت كلوحةٍ مِن فنانٍ إحتَلهُ الجنُون وهوىٰ الغَرابة .


"ذلِك لن يُغير شَيئاً يَاعزِيزي"


قَالها مَغرُوم السجائِر وهُو يهزُ رأَسهُ نافِياً .

"لكِن هذا يستهوِيني، فِكرة أن نَصطف بتنوِيع كَالسردِين فِي عُلبةٍ معدنِية تُعجبني"


يُقهقهُ جُونَاثان بِشدة ضارباً الطاوِلةَ بقبضِته وقَد حاولتُ البَحث مُتعباً عَن الشيءِ المُضحك هُنا، لا فائِدة.


"لا فَرق معِي"



أَجبتُ كذلِك، ففِعلاً لن أجِد أي شتانٍ فِي طريقة المَوت، الطرِيقة التِي سيمُوت بِها الشَخص...لنَ تجعلهُ يُخلد فِي الجنة أليس صحِيحاً؟


"بِما أن الأَغلب قد وافَق-بطرِيقة تقريبية أو بأُخرى-، فلنبدَأ إذاً هَكذا"


فرَك أصابعهُ ببعضِهَا البَعض قَبل أن يتهلَل وجهُه بالفرَاغ المُعتَاد ويأخُذ المَسدس منِي ممراً إيِاه للذِي بجَانبه -جُونَاثان- ممَا بالتالِي قَطبت ملامحِي باستِفهام.


"قَد تكُون آخِر شَخصٍ أودُ أن أراهُ يلفِظ رِمقهُ الأخِير"


لَقد هَمس بابتِسامة نَمت صغِيراً على حافةِ شِفتيّه، وبالمُقابِل أَنا فَقط ترددتُ صامِتاً..

ومِما لا شَك فِيه، أَدرتُ نظرِي لجُونَاثان الذِي نجى من إِختراق الرصَاص مُؤخِرة رأسِه عَبر فَاهه، أَبعد المُسدس قلِيلاً للخَارِج، قَبل أن تنشرِح أسارِيره مُتقززاً .


"ياللطعمِ العَفن الذِي يتخللهُ كالرَمل الأبيض"



أَلقاهُ بَعِيداً ثُم أَخذ يحكُ جِلده الجَاف مُجدداً لكِن هذهِ المَرة بجنُون حيوانٍ مُفترِس، أَخذ منِي العَجب عندما لم تدُم سوى دقائُق الا وكَان طرِيحاً على الطاَولة.


وعينيّه المُختلفَان باتَا للونِ الأَبيض كهِرةٍ صَارعت المَوت يائِسة .


لَقد هلُك، هَلُك برمقِه الأخِير.


والذِي كِنا نَعلمُه، هُو أَنهُ لم يمُت مِيتةَ
طلقِ الرَصاص...




-

كِل الحُب شهبِي .

تَقلُب | VKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن