الفصـــل الثالث عشر

20.9K 388 13
                                    

هل يغفر الحب؟ 
      أحببتُ فَاطَمَة 2

الفصـــل الثالث عشر.. 

طرقت السكرتيرة نسرين باب مكتب جميلة، ثم ولجت إلي الداخل بعد عدة ثوانِ لتقول في هدوء:
- مدام جميلة، أستاذ إبراهيم طالب حضرتك. 
أومأت جميلة بإبتسامة ثم نهضت قائلة: تمام، شكرًا ليكِ  . 
خرجت من مكتبها وسارت إلي مكتب عمها..

طرقت الباب عدة طرقات ثم دلفت والإبتسامة تحتل ثغرها.. وما لبثت أن إختفت تدريجيا وهي تنظر إلي تلك المرأة المُسنة التي تجلس قبالة عمها.. إنها هي.. هي والدتها التي لم تراها منذ سنوات عديدة! 
...........

جلس علي طاولة الطعام وهو يعبث بهاتفه، بينما رصت هي الصحون أمامه علي الطاولة كما طلب منها.. 
تنهدت قبل أن تردف بهدوء حزين:
- إتفضل الفطار اللي طلبته. 
رفع عينيه لينظر إلي وجهها، فإبتسم قائلًا وهو يجذبها من يدها:
- تسلم ايدك يا بطتي، إقعدي كلي معايا بقي. 
نزعت يدها منه بغضب ثم أردفت في حزم:
- مش عاوزة أكُل معاك، أنا داخلة أنام.
أنهـت كلامها وإتجهت إلي الغرفة وقد إنسابت دموعهـا مرة أخرى فوق وجنتاها.. 
بينما نهض كريم خلفها.. يعلم أنه أخافها بل أرعبها للغاية فلم تتعود هي منه مهما فعلت علي هذا الأسلوب المرعب.. 
دلف خلفها الغرفة ليجدها تدفن وجهها بين الوسائد وتبكي بنعومة.. إتسعت إبتسامته العابثة فرغم توالي السنوات عليهما إلا أنها ستظل كما هي.. طفلة في غضبها.. 
جلس إلي جوارها ثم رفعها برفق قائلًا بمزاح:
- كل ده عشان أصالحك يعني؟
حاولت الإبتعاد عنه،  إلا أنه لم يتركها وهمس لها في مرح:
- يعني غلطانة وكمان زعلانه مني، مش بقولك مجنونة! 
نظرت له في عتاب، فرفع أنامله ومسح دموعها بحنان ثم طبع قبلة فوق جبينها قائلًا بصوت هادئ:
- بتعصب عليكِ عشان بحبك وبخاف عليكِ، وكنت لازم أعاقبك عشان متضيعيش نفسك في أي مرة. 
قالت بخفوت من بين بكاؤها:
- أنا صعبان عليا منك أوي، مش قادرة أتخيل إنك كنت هتضربني بالحزام. 
قهقه قائلًا من بين ضحكاته الرجولية:
- والله ما كنت هضربك أبدا،  كنت بخوفك بس.. حتي لو كنتي إختارتي الضرب مكنتش هضربك.. مقدرش أصلا. 
حركت رأسها نافية بتذمر ثم تابعت:
- لا كنت هتضربني أنت رعبتني وخليت ركبي بتخبط في بعضها. 
ضحك بقوة وهو يضمها إلي صدره هاتفا:
أقسم بالله ما كنت هضربك يا بطتي، معقولة يعني أضرب بطتي؟ مش ممكن طبعا.. أخوفها ماشي وأزعقلها كتييير بس أضربها نووو.
إبتسمت رغمًا عنها وراحت تحاوط عنقه بذراعيها قائلة بإرتياح:
وبالنسبة للعقاب التاني بتاع لساني ميخاطبش لسانك ده إيه نظامه بقي؟ 
ضيق عينيه قائلًا بنبرة جادة:
- بصراحة كنت هنفذه لو كنتي إختارتيه. 
عقدت ما بين حاجباها قبل أن تتابع متذمرة:
- بس أنا معرفش أقعد ساعة من غير ما أكلمك أصلا، كريم أنت قاسي علي فكرة. 
رد عليها بمرح:
- وأنتي مجنونه علي فكرة..، بس ده ميمنعش إني بعشقك. 
إبتسمت ببراءة، ثم تابعت بحب جارف:
- وأنا كمان علي فكرة يعني.. بس أنا معملتش حاجة غلط ممكن أعرف إنت ليه بتزعقلي؟ 
رفع حاجبيه بإندهاش قبل أن يردف بغيظ: بجد!!! 
تنهدت وهي تومئ برأسها،  وقالت:
- أيوة،  يعني ده جزاتي إني مش بحب حد يتهان يعني كنت أسيب الست تقع ويجرالها حاجة وتتشتم كمان من حيوان زي ده! 
قال بجدية:
- محدش قالك تسبيها تقع ولا حاجة.. كتر خيرك إنك ساعدتيها تطلع الميكروباص وإستب لحد كده.. ملكيش دعوة بقي بمين قال ومين عاد.. لو هتردي علي كل واحد مش هنخلص يا فاطمة.. الراجل شتمها.. هو راجل مش محترم أصلا يبقي مينفعش تشتميه لأنه هيشتمك! 
تابعت في هدوء: ماشي.
قرص وجنتها بخفة وتابع ضاحكا:
- إسمعي من هنا وخرجي من الناحية التانية، إعقلي بقي عشان خاطري يا بطتي.. مش عاوز أقسي عليكي والله بس هتيجي في مرة وتخليني أقسي عشان مبتسمعيش الكلام أبدااا.. 
أومأت قائلة بإيجاز: هسمع هسمع.. المهم أنت فعلا مش هتوديني الشغل تاني؟ 
أومأ برأسه مؤكدا: اه يا فاطمة معلش ده قراري ومش هرجع فيه.. يمكن قدام شوية كده تبقي ترجعي إنما دلوقتي لا. 
زفرت بضيق،  ثم قالت بإمتعاض: ماشي .. طيب والموبايل والمفاتيح؟ 
رفع أحد حاجبيه متابعا بحزم: برضو لا.. 
صمتت بحزن، فتابع ضاحكا:
خلاص هديكي الموبايل والمفاتيح بس برضو علي إتفاقنا مفيش خروج برا باب الشقة ماشي؟ 
قالت موافقة: ماشي يا حبيبي. 
إقترب منها بشدة قائلًا بمرح: ماسمعتش، بتقولي إيه؟؟؟ 
ضحكت برقة وكررت بنعومة: حبيبي. 
ليغيب معها في عالم آخر.. وقد نسي ما أغضبه منها وهي كذلك... 
................

أحببت فاطمه (الجزء الثاني) بقلمي / فاطمة حمدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن