مارس 2004
اليوم حفل تخرجي من كلية الادارة والاقتصاد ... كنت اتامل زي التخرج بفخر المتفوقة التي تدرك انها ستكون اول من سيصعد درجات السلم لاستلام الشهادة ... تجمع الاهل والجيران لمرافقتي وكانت ليلة غنى فيها القمر ورقصت النجوم لفرحتي ... تخرجت بتقدير جيد جداً .. وكانت التهاني تنهال علي من كل صوب ...
" مبروك يا نائلة وعقبال الوظيفة انشاء الله ...
تعرفي انتي بتفوقك دة بكرة بتلاقي شغل " ...
مارس 2006
كلّت قدماي وانا ما زلت ابحث عن وظيفة ... اجريت عشرات المقابلات لوظائف بعضها لا يمت بصلة لتخصصي الذي توهمت بانه سيفتح لي كل الابواب المغلقة .. بعد التخرج مباشرة حملت شهادتي بفخر يقارب الغرور وبدات بالتقديم الى اكبر البنوك والشركات ظنا مني بان تقديري المرتفع سيضمن لي افضل الاماكن ... بعد مرور عدة شهور دون استلام أي ردود ايجابية .. بدات اتردد على البنوك الاقل شهرة والشركات المتوسطة المستوى ... وتوالت الشهور العقيمة .. وتوالت معها تنازلاتي فيما يختص بمكان ونوع العمل ... اهتزت ثقتي بنفسي .. تبخر غروري امام صلف الابواب المغلقة التي تاتي من خلفها اجابات متشابهة ..
" معليش والله ياخ نحنا محتاجين لزول عنده خبرة في الوظيفة دي ... الشغل ما بيتحمل زول جديد لسة عاوز يتعلم ...
ظللت فترة طويلة افكر في كيفية حل هذه المعضلة .. فانا احتاج ان اعمل اولا حتى اكتسب الخبرة .. وهو يحتاجون الى خبرة جاهزة .. كيف ساحصل على الخبرة ان لم اعمل .. وكيف احصل على العمل بدون الخبرة ؟!....
بعد مضي سنة من الركض وراء السراب .. اكتشفت ان الامر ليس كما يبدو عليه ... وان مقاييس التعيين في الوظائف الجيدة تختلف تماما عما كنت اظنه ... وان دعاوي الخبرة ما هي الا حجة توضع امام من هم على شاكلتي ولا يملكون ( المؤهلات المطلوبة ) التي تناسب اصحاب العمل ...
وصلني هذا الادراك بالصدفة عندما كنت اهم بدخول احدى الشركات التي نشرت اعلانا في الصحف عن وجود شواغر في مجال تخصصي .. في ردهة الاستقبال اصطدمت بفتاة مسرعة ... لم اتعرف عليها من الوهلة الاولى ... كانت قد اذدادت جمالاً واناقة منذ آخر لقاء لنا في حفل التخرج قبل عامين .. انها سهير زميلتي في الكلية والتي تخرجت بتقدير مقبول حصلت عليه بعد جهد كبير في امتحانات الدور الثاني ... كانت هي من بادرت بالتحية وهي تلعب بمفتاح سيارة مربوط بسلسة ذهبية انيقة ..
" نايلة ؟! ... ازيك ... انتي ما عرفتيني ولا شنو ؟! سبحان الله انا من ما شفتك داخلة من الباب عرفتك طوالي .. مااتغيرتي كتير من ايام الجامعة ... فحصتني نظراتها من راسي وحتى اخمص قدمي بلؤم ساخر .. وارتسمت ابتسامة صفراء على شفتيها المطليتين بلون وردي لامع يتناسب مع التنورة الضيقة التي ترتديها وكانها جلد آخر ... وواصلت بلهجة شامتة ... التغيير الوحيد فيك انك سمنتي شديد ولونك غمق ...