قصاصة سرية من دفتر يوميات زوجة مغتربة

949 6 2
                                    


وقفت ساهمة امام النتيجة المعلقة على جدار المطبخ وانا اتطلع الى التاريخ المدون امامي ... الرابع من مايو 2006 ... غدا تكمل صغيرتي دعاء عامها الثالث ... وبعد شهرين من هذا التاريخ اكمل عامين على آخر اجازة قضيتها في السودان .. اعتقد باني قد اعطيت زوجي العزيز فترة كافية لاستعادة انفاسه من الاجازة السابقة .. اذن ان اوان الحديث عن الاجازة الجديدة ...

اشعر بملل خانق يكتم انفاسي .. تعبت من الروتين اليومي القاتل .. الاستيقاظ مبكرة لتجهيز صغيري " ديدو " ذو الست سنوات للذهاب الى المدرسة ... فهو يرفض ان تقوم الخادمة بايصاله الى البص ويصر على ان اكون انا من يسلمه للمشرفة اسوة بزملائه الصغار ... ثم اعود وانتظر خروج زوجي الى عمله بفارغ الصبر حتى اعود للنوم بعد ان اعطي خادمتي تعليماتي بما يجب عمله ... استيقظ قرابة الظهر على صرخات دعاء الجائعة ويبدا نهاري بعد الساعة الثانية عشر ويمتد حتى ما بعد منتصف الليل ما بين المطبخ وطلبات صغاري التي لا تنتهي ومذاكرة ديدو كما اضطر احيانا للرضوخ الى مطلبهم بالخروج والذهاب الى الحديقة المجاورة بعد ان اشفق عليهم من الحبس طيلة النهار بين الجدران الاربعة ... وهكذا تمر ايامي وشهوري وسنيني ...

استحوذت فكرة الاجازة على تفكيري بصورة جعلتني شاردة طوال اليوم وكانت النتيجة احتراق الطبيخ وامتلاء البيت برائحة كريهة ... اغتظت من غفلتي وخاطبت نفسي التائهة

" كدة ما حينفع يا اعتماد ... لازم تركزي شوية ... طرح فكرة الاجازة لأمير حتكون زي اعلان الحرب ... وعشان تكسبي المعركة لازم تخططي بهدوء .. مش تبديها بأكل محروق "

تداركت الامر سريعاً تخلصت من كل آثار الطبيخ المحترق ... اغلقت باب المطبخ واغرقت فضاء المنزل برائحة المعطرات المختلفة ... اشعلت البخور ثم طلبت رقم المطعم المجاور .. وطلبت طعام زوجي المفضل ...

" ايوة يا عم منصور ... عاوزة دجاج مشوي على الفحم .. طاجن بامية بلحمة الضان مع رز ابيض .. ومحشي ورق عنب .. ايوة وما تنسى السلطات عاوزة تبولة وبابا غنوج ... سريع الله يخليك .. ايوة مدام امير ... لا ما تكتب على حساب امير حادفع كاش .. مع السلامة وبسرعة " ..

عندما وصل " امير " بوجه مرهق قابلته بابتسامة حنونة وسألته بلهجة محبة ..

" ليه اتاخرت يا اميري ؟! " ... تهلل وجهه الوسيم ما ان رآني ..

اهلا يا اعتماد ... الشارع زحمة شديد والعربات كانت بتزحف زحف ... وين العيال ؟!

" اتغدوا وناموا ... يلا اقلع هدومك وتعال الغدا جاهز ... اكيد ميت من الجوع "

عندما راي امير الاطباق التي تفننت في تزيينها تغيرت ملامحه وسالني بحدة ..

اكل من المطعم ؟! ليه ؟!

اطلق تنهيدة تبعتها تقطيبة ..

يا اعتماد انا مش قلت ليك قللي من قصة اكل المطاعم دة شوية ؟! وريتك انو الاكل الجاهز دة بيستنزق قروش مبالغ فيها ممكن لو عملتي بيها اكل في البيت نقعد بيه شهور تاني ... دة اكل منصور مش كدة ؟! اها منصور دة بالذات حرامي واكلو غالي ونهاية الشهر فاتورته بتكسر ضهري عديل ...

قصاصات سريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن