ركب سيارته بسرعة غير مبالي بالدم الذي صبغ كف يده .. و الغضب يستعر بداخله .. انطلق بها بسرعةٍ محدثاً ورائه عاصفةً من الاتربة و صرير بفرامله كاد ان يمزقها ...طوال الطريق و هو يفكر ان رجلاً غيره يرى جمال عينيها و يبتسم لها .. و جائز جداً يتودد لها .. و ينبض قلبه عشقاً لها ..
ضرب بكفه التي تنزف بقوة على المقود قائلاً بغضب و عينيه يتطاير منها الشرر (تباً ...تباً لك يا نائل ... لم احسب لهذا الامر حساب ... )
وصل لوجهتهِ ... ركن السيارة بعنف .. شياط قلبه قد بان و ظهر على محياه و نبضه بدأ يزداد ..
وقف ببهو الاستقبال و الغضب يستعر داخله حتى انه اصطبغ وجهه و صدره بلون احمر قاني من فرط االجنون و الانفعال....
ظل يلتفت يميناً ثم شمالاً عله يجد ظالته .. وبينما هو محدقاً بالبعيد اخر الممر .. ظهرت ثلاث شابات يمشين بهدوء .. يتهامسن و يبتسمن .. الا التي تنتصفهن .. تمشي برزانة و وقار كانت هندامها كلها بيضاء بدءاً من حجابها .. نزولاً لثوبها وحتى حذائها المنبسط الذي اظهرها كطفلة بريئة ذاهبة لمدرستها ... ... كلما اقتربن وعينه لم تبرح تلك التي بالمنتصف بدت كالملاك .. نبضات قلبه تهتف باسمها .. تتقافز محدثةً الماً بصدره استلذ به وكانه ثمل حينما رآها .. انطفأ جمر احشائه .. و غضبه المستعر ... فها هو وجد ظالته التي اضنت عينيه سهداً و قلبه الماً ...
وصلن لعند بهو الاستقبال الذي كان يقف فيه كانت ندى اول من رأت نائل ... نكزت ورد بيدها تحثها على رفع بصرها قائلة من بين اسنانها ...( انظري ورد ... كم وسيم هذا الشاب ... يا الهي انظري لديه مسدس على جانب بنطلونه ... ااااه اكيد هو ضابط ..)
اخذ قلب ورد بالخفقان لما وقع على اذنيها من كلمات ضابط ..... وسيم .... رفعت بصرها بسرعة للذي وقف عن بعد مسافة ليست بكثيرة ... مسمراً ينظر لها وحدها وكأن المكان قد خلا فقط هي تقف بجمالها و ذلك الوميض الذي ينفث من عينيها ليدخل قلبه مباشرةً بدون استأذان ...
هل البعد الذي صنعه بارادته اتعبه هكذا و صنع منه ذلك العاشق المتيم لها ... في بعض الاحيان الفراق و البعد يزيد الانساناً جنونا. و هياماً في الحب اكثر مما كان القرب بينهما متاحاً ...انتبهت ليده التي تنزف ... فقعت عينها و تقدمت نحوه بسرعة ثم شهقت قائلة ( يدك تنزف .... !!! هل انت بخير )
همس لها بينما هي تقلب بيده لتعرف مكان الجرح ..( لا لست بخير ...)
رفعت بصرها لتغوص ببحر عينيه التي انزاح عنها ظلام الغضب و تبدد لتستقر زرقة البحر بدله ...
اما هو فكان حقاً ليس بخير .. اعترته مشاعر جمة ... مشاعر عصفت بوجدانه .. قلبه ينبض بأسرع حالته حتى ان نبضه بان من بين اوداجه .. روحه المعتمة من بعد غيابها اصبحت ترفرف بداخله .. كل الغضب انزاح .. حتى تقطيبة حاجبيهِ ارتخت و ظهر على محياه ذلك العاشق المتيم بمن تمسك يداه التي تنزف لتصطبغ يدها هي ايضاً بدمه الذي يسيل ..