العتمة السرمدية

921 54 16
                                    


(العتمة السرمدية)


بعد اشهر من الأخبار والهلع، حدثت الفاجعة.

سمع زياد الأخبار المخيفة في التلفاز؛ كانت جميع محطات التلفاز تتحدث عن شيء واحد فقط: "اختفاء الشمس".

ثم خرج ورأى ذلك يحدث.

الشمس تبعثرت، تحولت إلى رماد، وظهر مكانها كوكب جديد أطلق عليه اسم "النجم الأسود". لا ضوء فيه، مجرد دائرة سوداء غبية مظلمة كالقبر، تُنذر بالموت القريب.

غرق الكون في ظلام دامس، وحتى القمر اختفى، فلم يعد يعكس ضوء الشمس. لم يتبق سوى ضوء النجوم والكواكب البعيدة.

انتشر الذعر والهلع في العالم.

ثم انخفضت درجات الحرارة وتجمَّد كل شيء.

مات الكثير من الناس والحيوانات، وحتى النباتات. كل شيء مهدد بالانقراض الآن.

وخلال أيام قليلة، دُمِّر العالم بزلازل وبراكين وكوارث طبيعية لا تعد ولا تحصى.

الموت في كل مكان، ورائحة الجثث تُزكم الأنوف؛ فمن لم يمت من البرد، كان يسقط ميتاً جراء الكوارث الطبيعية.

لقد أصبحت المدينة خالية ومظلمة، ذاك الظلام الدامس.

كان زياد يعيش قبل الكارثة بسعادة مع زوجته أسماء وطفلتهم الجميلة تمارا، ذات العامين، في مدينة تورنتو الكندية.

كل ما يريده الآن هو إنقاذ عائلته الصغيرة.

بدأت الحكومة في بناء ملاجئ دافئة تحت الأرض في محاولة أخيرة لإنقاذ الجنس البشري.

وقامت الحكومة بدوريات مكثفة حول المدن لجمع أكبر عدد من الناجين.

لكن من سوء حظ زياد وعائلته، فقد منعت العواصف الثلجية المستمرة المساعدة من الوصول إليهم.

لكن زياد كان عازماً على إنقاذ عائلته وعدم الاستسلام للموت.

اختبأت العائلة الصغيرة في قبو المنزل.

كانوا يوقدون النار باستمرار للتدفئة والحصول على القليل من الضوء ينير العتمة السرمدية.

لكن النار كانت تحتاج للوقود، تحتاج لشيء تأكله، والعائلة الصغيرة تحتاج للطعام.

فكان زياد يودعهم ويخرج في رحلة خطيرة للبحث عن المؤن والحطب من وقت لآخر.

وفي كل مرة، كانت رحلة العودة تصبح أخطر وأصعب.

في كل مرة يخرج، كان يتوقع أنه لن يعود؛ كان يخاف ويظل قلقاً، فمن سيرعى عائلته الصغيرة من بعده؟

كان يدخل إلى البيوت ويجمع المعلبات وقوارير الماء، ويجمع الأخشاب والحطب، ثم بعد كل هذا العناء تبدأ رحلة أصعب: رحلة البحث عن المنزل؛ كان الثلج يدفن كل شيء، كل أثر.

والظلام الدامس يزيد الرحلة صعوبة.

كان يخشى أن تكون الثلوج قد طمرت المنزل وأخفته.

كان يرى طريقه بواسطة كشاف ضوئي يعمل بالبطارية، وكان يخشى بشدة نفادها أو تعطل كشافه.

تعرض خلال رحلته لهجوم من أسد الجبل، ذلك الحيوان الشرس الجائع، لكنه نجا بأعجوبة بعد أن أشعل فتيل إحدى الألعاب النارية وألقى بها على أسد الجبل، فهرب، لكن بعد أن عض فخذه عضة قاتلة.

الحيوانات آكلة اللحوم لم تنقرض بسرعة مثل آكلات العشب التي كانت تعتمد في غذائها بالكامل على النباتات التي اعتمدت على الشمس.

واصل مسيرته رغم الألم، لكن كان من الصعب تمييز الاتجاهات مع هذه العواصف.

كان ينزف وكان يسير ويجر ساقه المصابة، لكن التعب تغلب عليه فسقط أرضاً. حاول المواصلة زحفاً.

تخيل وجه ابنته الصغيرة، فحاول وحاول المواصلة، لكن قواه قد خارت تماماً. إنه يموت.

نظر إلى السماء وتحديداً إلى ذلك الكوكب الجديد الذي كرهه الجميع.

فلاحظ بقعة ضوء فضية جميلة تنبعث من وسط ظلام وعتمة ذلك الكوكب لتعيد الأمل و الحياة للأرض.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 12, 2024 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كتاب كل شي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن