أطلقتِ الشمسُ أشعتها الذهبيه ، و أخذت أصوات النوارس تعلوا مالئةٍ الأفق ، توقفت السفينه و أخذ الطباخُ بالتجهيزِ للفطور ، توافد الراكبون لموقع تقديم الطعام ، إنتشروا في مجموعاتٍ و ثنائياتٍ إستعدادا لتناولِ وجبتهم الصباحيه ، أما زين و شقيقتها فكانتا تتضوران جوعا ، فقد نفذ الطعامُ منذ اليوم الأول لهما.
أمالت زين جسدها مُتسلِلةً لمطبخِ السفينه ، إلتقطت بعض المعلبات و الخبز و الجبن.
رفعت زين مقلتيها إلى أحد الرفوف: من الصعبِ الوصولُ إلى ذلك الإبريق ، لكنني سأحاول النيل منه.
صعدت زين على الخزائن و أخذت تتشبثُ بالرفوف العلويه متسببةً بإسقاطها و تحطيمِ الكؤوس الزجاجيه.
هرع كيفن إلى المطبخ صارخا : إنها العفاريت ، فليحمينا الإله.
ثُم تعالت أصوات الطاقَمِ و أصدرت مجادلاتُهم صوتاً عالياً جذب المسؤولَ عنهم.
ضرب المسؤول بعصاه في الهواء لتصدر صوتا عاليا :للعمل سريعا ، فالوقت لن يتوقف لمجادلات سخيفة حول كائنات أسطوريه لاوجود لها.
وبعدما أكمل المسؤول كلامه إنطلقت أصوات زفير و خشخشه إستمرت لعده دقائق ثم إختفت ، لتذر الطاقم في ذهول عميق و تفكير جدي بوجود الأشباح.
كانت دارين تلصق أذنها قريبا من جدار الصندوق لتسمع صوت شقيقتها تحكي لها قصةً ما ، بدت في سكون تام و هي تصغي و تتخيل ما يدور من أحداثٍ حماسيه.
حين حل المساء و سكنت الأصوات ، ألقى المسؤول بجسده على فراشه متربصا بذلك الظل الذي ظل يلاحقه منذ غروب الشمس ، هيء نفسه للهجوم حين يحين الوقت المناسب .
كانت تلك الهيئةُ ترنو ببطئٍ إلى مرقد المسؤول ، تحسبُه غافلاً ، لكن المسؤول إنقض عليها مُمسكا رأسه و محيطا قدميها بقدميه ، إهتزازاتٌ عنيفه إظطرت المسؤولَ لإلقاء ذاك الجسد و الهرع للخارج .
السفينه ستغرق ، نحن في خطر. صاح إحدى أفرادِ الطاقم ليصل صوته للجميع.
الصناديق ، ألقوا بالرخيص منها في المحيط . هتف المسؤول ليتراكض الرجالُ ملقين العديد من الصناديق الخشيبه للنجاه من هذه المُعضله ، بينما زين كانت واقفَةً تلتقط أنفاسها بصعوبه ، أين شقيقتها الآن! لقد تركتها في الظلام بينما هي تلهو كشبحٍ برداءٍ عتيق ، إندفعت بين ذلك الكم الهائل من الراكبين المفزوعين و العمال المُجهدين باحثَةً عن شقيقتها .
دارين. إخترقت تلك الصرخه الحاده أصوات تصادم الأمواج العاتيه و الرياح الصاخبه ، لتبدأ بعدها سلسله من الإنتحابات و الصرخات الا مُتناهيه التي لا تكاد تسمع بين كُلِ ذلك الرعب.
حين هدأت كل تلك الجلبه ، أمر القبطان الجميع بالعودة للفراش آمنين مطمئنين، بينما إنطلقت فرقة من الرجال تبحث عن ذلك الشبح الهارب.
المطبخ كان المكان الأول ، بحث الجميع في الخزائن و بين الطاولات و حتى بين الرفوف بحثا عن أي دليل قد يوصلهم للشخص المجهول.
ثم تابع الفريق البحث لكنهم لم يجدوا أثرا لشيء.
ليام : يبدوا أنه قفز في الماء بين كل تلك الجلبه.
لا أعلم ، لكنني متأكد من كونه فتاة صغيرة لجسدها الضئيل و شعرها الطويل . وضح المسؤول.
أما زين فقد دست جسدها بإحكام في صندوق مليئ بالأقمشة الفاخره ، تكاد تجن لما جرى ، لا أثر لشقيقتها ، لقد إبتلعتها الأمواج أو الأسماك المفترسه ، تنوح و تنوح ، تترجى و تصلي ، لكنها تعلم أنه لا أمل بوجودها ، لكنها فقط تحاول تقليل شعورها بالذنب.
__________
قبل عدة ساعات:
كان المكان مُظلما كعادته ، لكنني صرت أعتاده لمكوثي أسبوعا هنا ، زين تعتني بي جيدا أمي ، إنها تخرج صباحا و مساء و تخاطر من أجل إحضار لقمةٍ لي ، تحكي لي القصص و تمنيني بأمنيات كثيره ، لطالما أحببت زين يا أمي ، و جاهلة لما لم تحبني يوما ، لطالما كانت الأخت الكبيره المضحيه ، لكنني أعلم أنها لا تفعل ذلك حبا بي ، هل ما أستشعره من برودٍ فيها صحيحٌ يا أمي !، أعلم أنك لن تجيبيني إلا إذا إلتقينا مستقبلا ، و حتى ذلك الحين ، أتمنى أن يعود لك عقلك الذي سُلب منك ، أن تتذكري لحظه و لادتك بنا ، و أن تكفي عن البكاء كطفلةٍ حينما لا يحضر لك أبي الحلوى التي تحبين ، أتمنى أن أصير الطفلة و أن نكف عن قلب الأدوار ، فَإن زين أمي و أمك يا أُمي! .
فتحت دارين عيناها و كفكفت دموعها ، محاولةً نسيان مرض والدتها التي أعادها طفلة صغيرة قبل ولادة أكبر أطفالها ، لكن تأخُرُ زين و صدور كل تلك الأصوات جعلها ترتعد و تختنق ، حتى أحست بحركهٍ كثيره ، ثم تهاوي جسدها وصوتِ إصطدامه بالماء ، و كانت لورين هي آخرُ ما تمتمت به قبل إختفاء جسدها بين مياه المحيط العميقه!.
أنت تقرأ
لَن أَنحَنِي.
एड्वेंचरهل نظرت إلى ها هُناك ، أم هل رأيت كُل مُكابداتي و إنكِساراتي لِتحكم علي ، أنا لن أنحني أبدا ما دامت تلك الأنفاس تنعشُ هذا الجسد البائِس ، مادام يتحرك يُمنه و يُسره دونَ سكون ، ما دامت دَقاتُ قَلبه تقرعُ متتاليهً كقرعِ الطبول ، مادام كل حرفٍ و نبسهٍ...