لا يوجَد أسوء من أن يأكلكَ الذنبُ حياً و تتهاتَفُ أَشلاءُ الذكرياتِ مداهمةٍ أحلامَ يقظتك ، باتَ النومُ أسوء كوابيس زين ، بل هو الكابوس الأعظم بالإضافةِ لصوتُ حركةِ الجرذانِ الذي يزدادُ مع حلول الليل و ينقشِعُ مع ظهور الوان الشفق ، لا يوجد صوتُ شقيقتها دارين ، لا قصص ما قبل النوم ، لا حكايا و لا محاولاتٍ للحفاظِ على روحٍ ما ، ببساطه ، إختفى ذاكَ الجسدُ الذي كان السبب في هذهِ الرحلَةِ الوعره !. ثم تلك التساؤلاتُ المُره ، هل كان الماءُ بارداً ، هل بقيت جثتها في الصندوق ، ام هل إبتلعتها أحدُ الأسماكِ الضخمه ، هل سحبتها الامواج لجزيرةٍ نائيه ، ثم يزيد تعمق زين بهذا الخيار ، جزيره واسعه مليىه بالرمال الذهبيةِ و أشجار جوزِ الهِند ، كوخٌ صغيرٌ من الأغصان و هيئةُ شقيقتها الباسِمه مُناديةََ إيها لتناول مياهِ تلكَ الفاكهةِ الحُلوه ، و تنغمسُ زين في لحظاتها تلك حتى تغط بالنوم دون شعور.
_________
يتوافدَ الناسُ حولَ الطاولاتِ الممتلئةِ بوجبةِ الفطور لا تكاد عيناهم ترى شيئا من النُعاس ، و أندست زين بجسدها الضئيلِ بينهم ، وشاح قطني أزرق يحيط بالجزء السُفلي من وَجهِها ، و كِنزةٌ بلون عينيها المرتكزتان عَلى الأرض مُخفيةَ بريقهما الباهِت ، تجيبُ محدثيها بصوتِ متحشرج مخافَةِ إنكشافها .
رَنا منها النادِل فتمتمت له بمرادها بتمتمه تكاد تسمع ، و هو يلصق أذنه محاولا إلتقاط الكلمات التي يحجبها ذاك الوشحُ الثخين ، فقد باتت هذه مهمتةُ الصعبه منذ تسعةِ أيام مع هذه الآنسةُ غريبةُ الأطوار.
أدار النادل عينيه مبتعدا عن طاولة الآنسه الصغيره ، حامدً الإله بكونها تحضرُ و جبتين في اليوم فقط متعلِلةً بِمرضها الشديد.
___________
خلعت زين خُفيها الرقيقين و أخذت ترنو مِن المطبخِ بخطى بطيئه مُنتظمه تُميلُ جسدها ناحية الباب لِتجد فرداً يَحرُسه ، لا عشاءَ الليله إذا .
يا صغيره هَل تريدينَ بعض الطعام؟. صاح الحارسُ الذي لمحَ ظِلاً صغيرا بجانب الباب.
إتسعت إبتسامةُ زين و عادت راكضةً بِخجلٍ مُصطنع هاتفةً بصوتِ خفيف : نَعم.
سارع الرجلُ بإعدادِ و جبةِ خفيفةٍ للصغيره ، و جل تفكيره بأنها من المُسافرين ، جاهلا بكونها الشبحَ المنشود.
أخذت زين بتناول طعامها بهدوءٍ و نبل ، مما ازال أي شكٍ كونها مجردَ دَخيلةٍ ها هُنا .
هَل لِي بمعرفَةِ وجهتنا ؟. سألت زين رافعةً و جهها للأعلى.
تَوسعت حَدقتا الرجل و اخذت عدستيه بالإهتزاز ، ثُمَ فغرَ فاهُ محاوِلاً النُطق : كيفَ لكِ أن تسألي ، اولستِ مسافِرةً مَعنا ، كيف لكِ ان لا تعلمي، أَم أنكِ. ثم صمتَ الرجُلُ برهة مُسترسلاً : أم أنك الشبحُ الذي نلاحق !.مُشكله ، مُعضله ، مُصيبه . دارت هذه الكلمات في عقل زبن و أخذت تتوافد عليها من كل صوب ، فلا مفر الآن سوا الهرب . مدت زين قدميها و أخذت تجري ناحية حافة السفينه ليتصاعدَ صوتُ إصطدامِ جسدٍ ما بصفحةِ مياهِ المحيط المفتوح.
اصدر الرجُلُ الذي كان يحرس المطبخَ صوتا اشبه بالصفير ، و توافد الرجال موقدين المصابيحِ محاولين رؤيتهَ أين آلتِ الأمواجُ بتلك الفتاةِ الهاربه.
سلط كيفن الصوء مُمراً إياه على أطولِ مسافَةِ ممكنه ، و لكن لا أثر ، لقد إبتلعت الامواج ذلك الجسدَ و سحبته إلى القاع.
كيفن : جيس هَل انتَ متأكد مما رأيت؟.
جيس: عيناها يا إلهي ، عيناها قرمزيتان ، بريقهما مختلف ، إنها شبحٌ حقيقي.
ليام: قُرمزي؟ كيف للمقل ان تكتسي بهذا اللون ، أَنتَ تهذي يا رَجُل!.
أنا متأكد مما رأيت. صاح جيس.
إذا يبدوا أنها شبحٌ لعين ، فأي مخلوق يمتلك عينين كتلك التي رأيتها؟. قال احد افراد الطاقم
كيفن : طارد الأرواح سيكون هنا بعد إتمام هذه الرحلةِ بسلام.
المسؤول : لا أظن بأنها شبح ، لقد ألقت جسدها بالماء لقد صدر ذاك الصوت القوي .
ليام : لا أظن الأشباح تملك أجسادا حقيقيةٍ لتصدر صوتا حين إصطدامها بالماء.
كيفن : لكن ، عيناها ؟.
جيس بوهن : قد تكون من نسج خيالي .
ليام : أحلام اليقظه ، لتأخذ قسطاً من الراحه.
جيس: أظن أنني بحاجه لذلك.
____________
أنفاسٌ مبعثرةٌ ، و صوت دقاتِ قلبها يملئُ المكان ، كيف لها أن تنسى تلك اللعنه ، ذاك اللون النادرَ الذي طَغا على مُقلتيها ، لقد كادت تُكشف ، كادت النهايةُ أن تنال مِنها ، احكمت زين إغلاق الصندوق و أغلقت عينيها بِشده ، فصوتُ الرجالِ خارجاً لا يبشرُ بخير ، لَقد بقيَ أسبوعٌ واحد عَلى نهايةِ هذه المهزله ، لكنها ميته بالنسبةِ لأفراد الطاقمِ ، الشكرُ فقط لحبه البطاطا المركونةِ بجانب الباب ، لقد إبتلعتها المياه عوضاََ عنها بينما هي إستغلت إنشغال جيس للرجوعِ لمقرها الآمن ، المليئ بتلك القوارض.
أنت تقرأ
لَن أَنحَنِي.
Maceraهل نظرت إلى ها هُناك ، أم هل رأيت كُل مُكابداتي و إنكِساراتي لِتحكم علي ، أنا لن أنحني أبدا ما دامت تلك الأنفاس تنعشُ هذا الجسد البائِس ، مادام يتحرك يُمنه و يُسره دونَ سكون ، ما دامت دَقاتُ قَلبه تقرعُ متتاليهً كقرعِ الطبول ، مادام كل حرفٍ و نبسهٍ...