امتَدّ كَفُّهُ نَحوَ زُجاجٍ غُمِرَ بسائلٍ بنفسجيٍ مُشعٍ وسطَ العتمةِ التي تحتضنُ الحُجرةَ ليَتسللَ البَردُ إلى راحةِ يَدهِ...
-" فَقط قَليلًا بعد.."
ابتِسامةٌ شَقت طَريقَها إلى شَفتاهُ تَغمرُ تَقاسيمَ وَجهِهِ العَتيقةِ حَماسًا
-" فَقط قَليلًا بَعدُ و سَتكتملينَ أيَتُها الفاتِنة..."
هيَ شابَةٌ بِقَوامٍ نَحيلٍ طَفَتْ في أُنبوبَةٍ زُجاجيَةٍ تَتَصِلُ بِالأرضِ والسَقفِ مَغمورَةً بِذَلكَ السائِلِ بَنَفسَجيِ اللَونِ الذي يُنيرُ بِضعًا صَغيرًا مِن عَتمَةِ المَكانِ.
شَعرُها الأبيضُ باتَ يَتفَرعُ خُصُلاتٍ ثَلجيَةٍ ؛ زَهريَةٍ وأُرجوانيَةٍ إبتداءً مِن مُنتَصَفِهِ و حَتى الأطرافِ.
ارتَدَت فُستانًا زَهريًا تَموّجَ كَخُصُلاتِها بَينَ الميّاهِ.. وعَيناها تَختَبئ خَلفَ جَفناها الحَليبيانِ ذوا الغَيمِ المَغزْولِ هُدْبًا.
وللأنبوبِ الَذي احتَجزَها أو - احتَضَنَها - كَما يُطلقُ عَليهِ ذلكَ الشخصْ، أسلاكٌ مَتينةٌ وأنابيبٌ مُعتمةٌ تَفرَعَت وَتَشابَكَت مِرارًا فوقَ الأرضيةِ ؛ السقفِ والجُدران.
ظَلّ الرجلُ أسودُ المَلبَسِ، أبيضُ المِعطفِ يُحدقُ بِها معَ ابتسامةٍ جانبيةٍ عريضةٍ تَتَلألأ عَيناهُ الزُمُرديَتانِ بَينَما تَعكِسانِ شَيئًا مِن بَنفسجِ الإنارةِ.
وشعرهُ أضحى مُبهمَ اللونِ بَين الظُلُمات.
مالَبِثَ كَثيرًا حَتى تَركَ البَسمةَ جانِبًا يَرسمُ مَعالِمَ الجِديةِ عَلى مَحياهُ.
ويلتَفُّ مُغادِرًا الحُجرَةَ ليَفتَحَ أمامَهُ البابَ الحَديدي كَجُدرانِ الغُرفةِ آليًا.
غَيرَ مُدركٍ تَباعدَ تِلكَ الجُفونِ وتَفَرُّقُها، لِتَبرُزَ قُزحيَتانِ مُمتَزِجَتانِ بَينَ السماءِ والاُرجوان لامِعتانِ بَراقَتانِ حَدًا يَعجَزُ الوَصفُ أمامهُ بكلمة.
×[ العاصِمَةُ فلورإستريّا، بِتاريخِ 17 ديسمبر الساعة 7:00 صباحًا ]×
انطَلَقَت رَناتٌ عاليَةٌ مُتَتابِعَةٌ كانَ مَصدَرُها المُنَبِهُ الأسوَدُ مُستَطيلُ الشَكلِ قَريبًا مِن السَريرِ و قَد عَرضَ أرقامًا أشارَت إلى الساعةِ السابِعةِ صَباحًا بِضَوءٍ أزرقَ خافِت.
مِما استَدعى ذَلكَ المُتكورَ تَحتَ لِحافهِ لا يُبانُ مِنهُ سِوى شعرهِ الأشقر لِلهَمهَمةِ مُقَطِبًا حاجِبَيهِ بانزعاجٍ.
مَدّ يَدَهُ بِخُمولٍ تَبحَثُ عَن المُنَبهِ لإخراسهِ دونَ تَركِ مَوضِعِهِ تَحتَ الغطاء....
و ها قَد وجَدهُ أخيرًا بعدَ القليلِ مِنَ الجُهدِ ليَصمُتَ حينَ صَفَعَت تِلك الكَفُّ رأسَهُ.
أنت تقرأ
Milky Way
Science Fictionأرضُنا لَم تَكُن أبدًا أكثرَ مِن نُقطةٍ في بَحرِ الفَلكِ. وَ واحِدُنا لَم يَكُن يَومًا أكبرَ مِن نُقطةٍ في أرضِنا هَذهِ. لَكِن كَتأثير الفراشة.. يُمكنُ لأصغرِ نُقطةٍ أن تَقلبَ أكبر الموازين، و تعيدَ كِتابةَ دُنيا الفَردِ بأكمَلِها. حينَ يَبلغُ عالَم...