لا تعلم لما أقدمت على تلك الخطوة ، لما جاءت له رُغم أن هذا منافٍ تمامًا لطبيعتها ؛ ربما شعرت أنها محطمة .. مستهلكة .. لقد أصبحت عبارة عن قطع شديدة الصِّغَر متناثرة في الأرجاء و لم تعد قادرة على جمعها بعد الآن
"أعلم أني لا طالما طلبت منك إخباري همك ، لكن هل أنتِ حقًّا تريدين هذا ، أعني هل أنتِ مستعدة لفعل هذا ، فأنتِ تبدين منغلقة بشدّة على ذاتك و أنا مدرك لمدى صعوبة هذا عَلَيْكِ ؟!!"
"أنا متأكدة و أريد فعل هذا " صمتت قليلاً ثم تنهدت
"لربما يمكنك أنتَ فعلاً أن تساعدني "
"لا تسيئي فهمي أنا لا أمانع مساعدتك أنا فقط لا أفهم لما غيّرتي رأيك فجأة هكذا ؟"
"الأمر فقط أني أدركت أني بالفعل وحيدة و مُدمرة و أتعلم شيئًا ، أخي لم يهتم ليسأل عني ذلك اليوم بعد أن أعادني للمنزل حتى لقد خرج مباشرة و تقريبًا لم أره منذ ذلك الحين و أبي أنا تقريبًا لا أراه أنا أظن أنه لم يعلم أصلاً بما حدث .. أنت فقط من سألت "
"ألا تملكين أية أصدقاء ؟"
"الجميع يعتقد أني غريبة الأطوارفأصبحوا يبتعدون تدريجيًّا حتى لم يعد لي أحد "
"لما ؟!"
تنهدت قليلاً فالإجابة عن هذا السؤال مؤلمة جدًا بالنسبة لها
"إن كنتِ لا تريدين التحدث أنا لن أضغط عَلَيْكِ حقًّا "
"لا لا فهذا ما جئت من أجله أصلاً" صمتت قليلاً ، تنهدت ثم استطردت حديثها
"منذ خمس سنوات تقريبًا توفيت والدتي إثر إصابتها بسرطان الدم ، لم أتحمل رؤيتها و هي تعاني و لم أتحمل الصدمة أكثر عندما أخبروني أنها توفيت شعور أني لن أراها مجددًا لن أشعر بها تقبّلني ليلاً أثناء نومي و عندما كنت أستيقظ لأجدها قد أعددت الفطور لي مسبقًا بالفعل و عندما أشعر بالتعب تحاوطني بذراعيها كأنها تعزلني عن العالم الذي يحطمني كل هذا قد فقدته فجأة دون أن يكون في حساباتي يومًا أن أفقده ، تعرضت لحالة اكتئاب كادت أو تودي بحياتي مِم جعل أبي يضعني في مصح نفسي لشهرين تقريبًا و عندما عدت للمدرسة كان كل من ينظر لي كان ينظر نظرات شفقة أو خوف و هلع خوفًا من أن أنقض عليهم فجأة و أضربهم لقد اعتقدوا أني مجنونة لدخولي تلك المصحة و ما زاد الأمر سوءًا عائلتي ؛ أخي ابتعد عني تمامًا لقد و مازال خائفًا من الاقتراب مني خائفًا من التعلق بي وأن أتركه كأمي فمرض والدتي وراثيًا في عائلتها جدتي ماتت هكذا و أمي بعدها ؛ فيليب يظن أني سأموت مثلهما "
تنهدت قليلاً حيث أن دموعها قد بدأت تخنقها إثر حديثها عن كل هذا ، أما هو هادئ فقط لا يفعل شيئًا سوى الإنصات بانتباه شديد لكل حرف تلفظه شفتاها
هدأت قليلاً لتكمل بعدها
"أبي لم نعد نراه كثيرًا في المنزل فكل ماحدث جعله يعزل نفسه في عمله بعيدًا عن المنزل تمامًا ، أما الأسواء من كل هذا " ضحكت قليلاً على ما آلت إليه الأمور في حياتها ليتعجب هو كيف لها أن تضحك هكذا بعد كل هذا
"جدتي تظن أني فاشلة و أدمر حياتي كل يوم بيدي "
أكملت ضحكها ليسألها محاولاً أن يجعل نبرة الثبات واضحة بصوته
"لما تفعل هذا ؟!"
"لقد كانت تكره أمي و لقد كانت أول المعارضين لزواج أبي منها فأبي من عائلة ثرية و مرموقة و أمي كانت مجرد عازفة كمان في المقاهي فعندما تجدني أفعل أي شيء كما كانت أمي تفعله حتى لو كان يسعدني فقط ترفضه و تهاجمني بشدة لأني فقط أشبهها هل تتخيل ؟!!" نبرة الاختناق أصبحت أشد في صوتها ، يداها ترتجفان بشدة ... وضع يده بجانبه محاولاً إيجاد يدها .. يتحسس السرير بجانبه حتى وجد يدها المترتعشة بشدة أخيرًا ليحاوطها بيديه محاولاً تهدئتها قليلاً
"لا أملك ما أقوله حقًّا ، لم أشعر أني عاجز عن مساعدة أحدهم هكذا قبلاً .... " كان صوته في غاية الهدوء ثم استكمل حديثه
" لما لا تجعليني أريكِ الجانب الآخر من الحياة ، الجانب الذي يمكن الهرب إليه من هذه الفوضى !!"
"ماذا تقصد ؟!"
"حياتك فوضى و لا أستطيع تغيير هذا لكن يمكنني تعليمك كيف تهربين من الفوضى عندما تشتد "
أجابت بدون تفكير سريعًا فلم يعد لها شيئًا تخسره
"موافقة "
"رائع لنبدأ من الغد إذًا حسنًا " صاح فرحًا لما أحرزه من تقدم لتبتسم هي لردة فعله المبالغة
شكرًا لك "
"لما أنا لم أفعل شيئًا ؟!"
" يكفي أنك استمعت لي .. لم يحدث هذا معي منذ وفاتها ، أعني الاهتمام و الاستماع .. أنا حقًا أقدر هذا "
"لا عَلَيْكِ " ردّ مبتسمًا
"إذًا أظن أن عليّ الذهاب تصبح على خير و شكرًا لك مجددًا "
اكتفى بالابتسام كرد عليها
مجرد أن سمع صوت إغلاق الباب و تأكد من خروجها أُمحيت تلك الابتسامة من على وجهه لإدراكه شدّة صعوبة مهمته منذ الآن ..
—————————————————
Vote and comment please ❤️
أنت تقرأ
ليس بالعينين
Roman d'amourهل تسألتم يومًا كيف يحدث العشق ؟! البعض أجاب بانظر و البعض الآخر كان أعمق قليلاً و أجاب بالاستماع ... حسنًا أنا لم أعشقها بأىٍ من تلك الطريقتين ... لقد حدث ذلك بشكل مختلف فليلاً ...