أهلًا بيكم.. إسمي "نوبي" وطفولتي كانت غريبة جدًا عن باقي الأطفال.. شيء ما حصلنا أبعد ما يكون عن كلمة غريب، لكن هاحاول أحكيلكم الـ5 سنين إللي غيروا حياتي، 5 سنين من الرعب التام والإرهاب النفسي.
"أبويا (سبينس) مكنش راجل قوي جدًا، لا جسديًا ولا عقليًا.. كان من النوع إللي بيسيب زوحته تتكلم نيابة عن الأسرة كلها، مش ضعف منه ولكن بيُفضل إه يمشي مع التيار على إنه يحاول يعارضه أو يغيره. كان بيتعب في شغله ويجتهد عشان يوفر لينا كل إللي نحتاجه ووقت فراغه كان بيقضيه معانا يهزر ونضحك ويذاكرلنا.
أمي (ميجان) تقدر تقول إنها رأس الأسرة، الكلام بيكون ليها دايمًا، كانت شخصية مستقلة ووفيه جدًا لزوجها وأسرتها. كانت بتحب أبويا جدًا ومن صغري وأنا بشوف حبهم لبعض في عنيهم وفي طريقة معاملتهم لبعض ولينا.
أختي الصغيرة (ستيفاني) كانت بتبصلي دايمًا كمثل أعلى ليها، كانت أصغر مني بسنة وأبويا دايمًا كان يقولي انها مسؤوليتي ولازم أخد بالي منها... كلنا كنا أسرة واحدة سعيدة ومتماسكة وطبيعية جدًا، أبويا كان بيشتغل أكتر من وظيفة وموفق بينهم كلهم، وأمي كانت بتدي دروس يوجا خارج المنزل.. بكًل بساطة كانت أسرة مناسبة للحياة والتربية الكويسة، لغاية ما ظهر.. لغاية ما الأب الثالث ظهر.""بدأت حياتنا تتغير في يوليو 1989.. كنا قاعدين على مائدة الأكل وكان يوم أبويا في عمل العشا. كنت قاعد على تربيزة الأكل هموت من الجوع وأنا شامم ريحة حساء الدجاج اللي أبويا مشهور بعمايله و ستيفاني نايمة عالأرض في الصالة بتلون. شهرها الدهبي نازل على أكتافها ومستمتعه وبتضحك. "يالا يا بابا عايزين ناكل" فبصلنا وقال يالا يا جماعة الأكل خلص، يالا جهز.
أمي راحت المطبخ تغسل إيديها وتاخد منه الأطباق في حين انها بتكلمه انه قبو البيت خلاص انتهى من التجهيز وهتقدر تعلم فيه اليوجا بدل ما تخرج كل يوم، فبصلها ببسمة كلها حب وقالها البيت بتاعنا خلاص.
أبويا جايب الطبق في إيده وجاي خلاص عالتربيزة، وفجأه سمعنا طرق على الباب، الطرق كان غير متوقع لدرجة إنه وقع على كل الجالسين وكأنه إنتظار الموت.. قعدنا نبص لنفسنا في قلق، مين اللي جايلنا دلوقت!.. سبينس (أبويا) حط الأكل عالتربيزة وراح يشوف مين... بص من العين السحرية وأنا فاكر بالظبط معالم وجهة وكأنها امبارح بالظبط. اصفرار وجهه بالكامل والعرق إللي انصب فجأه من جبينه وتخشبه وأكنه تمثال..
"مين اللي عالباب يا بينس؟" .. ميجان بتسأله، بكل خوف بصلنا وحلقة عينه متوسعة على أخرها وكأنه مافيش فيها غير السواد بس ومش قادر يحرك غير شفايفه بس.. "سبينس، مين إللي عالباب." بصلها في عنيها ورجع بص تاني في الارض وهو بيقول "لا.. مش ممكن أبدًا.. مش مرة تانية".
الباب رجع يخبط تاني وكل خبطة منهم كانت زي الرعد في أجسادنا القلقانة بعد إللي حصل لسبينس، وتاني ميجان علت صوتها وندهت "مين إللي عالباب يا سبينسن في إيه؟"
"أنا أسف جدًا.. أسف لازم أدخله."، وفجأه فتح باب البيت وإذا بضل ما وسط اشعة الشمس العمودية عالباب، وتقدم منها شخص "أهلًا، أنا تومي تافي. كويس جدًا إني شوفتك تاني يا سبينس."
سبينس بعد عن الباب براحه وسمح لتومي يدخل البيت وقفل الباب وراه.. حاولت كطفل إني أفهم إيه دا وأستوعب المشهد، لكني مكنتش قادر.
كان راجل بطول سبينس تقريبًا، شعره أصفر دهبي في منهى اللمعان، لابس شورت وتيشرت مكتوب عليه "Hi" بشكا غريب.. إللي لفت إنتباهي هو جلده.. تومي كان جلده غريب بشكل مريب جدًا جدًا، مفيش فيه أي غلطات أو شوائب أو شعر، في منتهى النعومة والمظهر الدهني وكأنه دمية بلاستيكية بالظبط. ووجه عليه ابتسامة عريضة من الخد للخد ماوراهاش فرحة ولكنها أشبه بالضحات المزيفة اللي على وجوه الدمى او المهرجين، ابتسامة ميته لكن مخيفة جدًا.
أما عينه، فكانت أكثر زرقة من السماء وكأنها بركة زرقا بيسبح غيها حدقة سوداء، كانت عريضة جدًا وواسعة وكانت متخذه دومًا ملامح الصدمة أو المفاجأه.. أول ما دخل لفت الغرفة كلها بشكل مريب عشان يشوف مين إللي فيها. بس وهو بيبص، لاحظت إنه معندوش ضوافر ولا تجاعيد في وجهه او ايده حتى او ركبته، كأنه دمية تمامًا ولكن بحجم بشري وبتقدر تتكلم وتتحرك.
"سبينس، مين دا؟!" فرد على ميجان "ماتقلقيش يا ميجان، كل حاجة تمام.. خلينا بس نرحب بضيفنا الجديد."
تيمي بصله فجأه بضحكته الغريبة دي وضحك “Hehehehehe.”، فسبينس رجع ورا خطوة ورفع ايده وكأنه بيحوش ضربه هتنزل عليه وقال "أنا أقصد..أنا اقصد صديقنا الجديد."
بنفس الضحكة اللي ما فارقتش وشة، مال على سبينس بدماغه وكرر نفس الضحكة “Hehehehehe.”، فبص سبينس لميجان بكل تعاسة ويأس وحزن "أنا أقصد قابلوا والدكم الجديد يا أولاد."
ستيفاني كانت واقفة جمب ميغان، فعلت صوتها "لا طبعًا، هو مش أبونا، أنت إللي أبونا، وليه شكله عليه الضحكة دي؟!.. ميجان شدتها من دراعها نحيتها وهي جسمها كله بيرتعش، فاتجه تومي نحتها "ماتقلقيش يا طفلتي، هتحبوني مع الوقت وكل حاجة هتبقى كويسة.. أنا جاي أساعد بابا وماما على تربيتكم، دي حاجة كبيرة وصعب وشوفت انهم محتاجين مساعدتي." وبعدين بص لميجان نفسها وسبينس بنفس النظرة والضحكة المخيفة "أنا ساعدت أبوهم وأمهم على تربيتهم، وأنا هنا عشان أساعدهم هما كمان على تربيتكم، مش كده يا سبينس؟".. أه طبعًا، هو ساعدهم.