الفصل الاول

24.1K 408 4
                                    


الفصل الاول

صدح صوت الموسيقى الصاخبة من داخل شقة في احد الاحياء الراقية في ذلك المبنى المكون من طابقين ، وفي الشقة المقابلة لها نهضت تلك فتاة من فراشها وخرجت من غرفتها تحفر الارض بخطواتها الى غرفة والدها وفتحت الباب ودلفت بسرعى ووقفت امام رجل في اواخر الخمسينات من عمره وهتفت بغضب:شايف ابن اخوك وعمايله!!! الناس اللي حولينا هتجبلنا البوليس...ده ولا الكباريه
اغلق والدها المصحف الذي كان يقرأ فيه ونظر اليها قائلا بهدوء وهو يخلع نظارته الطبية:اعمله ايه؟ اروح اضربه مثلا
ضربت بقدميها الارض وهتفت بغيظ:اووووف يا بابا اعمل اي حاجة زعقله
هتف والدها بهدوء:يمنى!! سيف مش عيل صغير ده راجل داخل على ال30 اظن انه كبير بما في الكفاية وعارف ايه الصح والغلط
مسحت يمنى على وجهها وقالت بنفاذ صبر:وااااضح عاقل جداااا وعارف تصرفاته..عن اذنك
قالتها واستدارت لترحل فاوقفها والدها قائلا:رايحة فين؟
التفتت اليه قائلة:حضرتك مش هتعمل حاجة انا هتصرف
لم تنتظر لحظة وانطلقت مسرعة نحو باب المنزل...فتحت الباب وخرجت متجهه للشقة المقابلة لشقتهم وضعت يدها على الجرس ولم تزيلها الا عندما فتح الباب بقوة وظهر رحلا من خلف الباب وصرخ بغضب:ايييييه
اجفلت من صراخه وتراجعت للوراء ثم شهقت بخجل وهي تضع يدها على عينيها ،كان رجلا قوي البنية له لحية خفيفة وبشرة سمراء بسيطة وملامحه وسيمه..جسده رياضي بشكل خارق..لكنه لم يكن يرتدي سوا شورت قصير.. يقف امامها عاري الصدر...هتفت يمنى بغضب:ما تلبس حاجة يا بني ادم انت في حد يفتح الباب كده
استند سيف على اطار الباب وكتف ذراعيه امام صدره قائلا:وانتي مالك..انا حر
انزلت يدها من على عينيها والتقت عيناها بعينيه لتنسى ما كانت ستقول...تسللت لشفتيه ابتسامه ساخره عندما طال تحديقها به وحرك يديه امام عينيها قائلا:انتي!!! ايه هتفضلي تبحلقي فيا كده كتير
افاقت من شرودها واشتعلت وجنتيها بخجل وارتبكت..اشاحت بوجهها وهي تلعن غباءها الذي جعلها تحدق فيه بتلك الطريقه..لكن كان هذا رغما عنها..فهي تحبه..لا بل تعشقه..وهو مثل لوح الثلج لا يشعر بها ، هزت رأسها بقوة لتنفض تلك الافكار من رأسها والتفتت اليه لتتحدث ولكنها توقفت واتسعت عيناها بصدمه وهي ترى فتاة اقل ما يقال عنها "عاهرة"..ترتدي تنوره قصيرة جدا وبلوزه عارية الكتفين...تخرج من شقته..واقتربت منه وطبعت قبله على شفتيه وهتفت:باي ياحبيبي
عندما رأتها يمنى تقبله استدارت بسرعة لتخبئ وجهها بين كفيها واشتعلت عيناها بخجل وغضب ،سمعته يودع الفتاة الذي نظرت اليها من رأسها حتى اخمص قدميها وقلبت شفتيها بسخرية ثم انصرفت...ظلت يمنى تنظر اليها بعينان مشتعلتين فابتسم سيف بسخرية قائلا:براحه على نفسك يا ماما هتحرقي البنت
التفتت اليه بغضب فهتف باستفزاز:اهري في نفسك اكتر
رددت خلفه بذهول:اهري!!!
اعتدل سيف في وقفته وقال ببرود:اه عينكي هطلع شرار..عمرك مش شوفتي واحده حلوة..اه صح هتشوفيها ازاي حلوة وانتي
نظر اليها متفحصا فكانت يمنى تمتلك بشره خمرية وعينان واسعتان تخفيهما خلف نظرتها الطبية وشعر اسود مموج تجمعه باهمال على شكل كعكه..اما جسدها فكان ممتلئ بعض الشئ بانوثة طاغية لكنه لا يظهر منها شئ خلف ملابسها الواسعه التي تخفي معالم جسدها ،عندما لاحظت تفحصه لجسدها خجلت وقبل ان تتحدث هتف قائلا:وانتي بالشكل ده..
وضعت يدها في خصرها قائلة:وماله شكلي ان شاء الله..انت بس اللي بتحب الرمرمه
ضحك عاليا بسخرية وهتف:هو انتي فاكرة نفسك بنت ده عم عبده البواب في انوثه عنك
رغم ان الكلمة قد اوجعت قلبها..ولا تعلمون كيف يكون وجع القلب عندما يأتي من من نحب لكنها قالت بقوة وهي تحبس دموعها:ايوا صح...وانت اخرك بقى زي اللي كانت عندك..عشان هو ده مستواك
وقبل ان تنتبه لما تفوهت به وجدت صفعه تهوي على وجهها جعلتها تسقط ارضا..وضعت يدها على وجنتها ونظرت اليه بصدمه ليقبض على شعرها ويجذبها بقوة قائلا بهمس غاضب:ورحمة امي وابويا لو لسانك طول عليا تاني لاقطعهولك فاهمه
حاولت تحرير نفسها منه وهي تحبس دموعها بصعوبة وترفض ان تسقط امامه فضغط على خصلاته بقوة جعلتها تصرخ بخفوت وكرر بتحذير:فاهمه ولا لا
دفعته بقوة وهتفت بصوت مختنق:انت احقر واحد شوفته في حياتي ركضت نحو شقتها وتركته خلفها ينظر لاثرها بندم..
.....
دلفت لغرفتها واغلقت الباب خلفها بالمفتاح والقت نفسها على الفراش..دفنت وجهها في وسادتها واخذت تبكي بقوة...تبكي على ذلك الحب الذي وهبته اياه ولم تجد منه في المقابل سوا الاهانه والآلم..على رجل فعلت المستحيل لتقربه منها ولكنه لا يراها...ﻻ يرى امامه سوى الجسد والشكل..عامين مروا وعي تحاول بشتى الطرق ان تقربه منها...فعلت المستحيل لاجله..اهدرت كرامتها وكبرياءها لاجل حب رجل لم يفعل شئ سوا ان يؤلمها...لكنها لم تكن لتستسلم بسهولة...ازداد صوت نحيبها مع صوت والدها الذي وقف خلف الباب يتوسلها لتفتح لكنه لا تستجيب...ليس لديها قدرة على مواجهة احد..فهي مستنزفه كما يقولون...قلبها يؤلمها بشدة...لم تكن تتوقع منه هذا التصرف اطلاقا..تعلم انه لا يقعل شئ في حياته سوا العمل صباحا النساء مساءا..كأنه ولد عاشقا للنساء...لكن لا والف لا لن تسكت عن حقها..تقسم ان ترد له الاهانه ولكن فقط تتمالك نفسها...عندما وصل تفكيرها لتلك النقطة انسابت دموعها بقوه وهي تتذكر منظر تلك الفتاة وهي تقبل شفتيه...تآوهت وهي تضع يدها على قلبها وتضغط عليه برفق..انها تتآلم بشدة ولكن ما باليد الحيلة..وهل الحجر يلين؟...ممكن ولما لا والان ليس امامها سوا الانتظار...
***

في صباح اليوم التالي

جالسا على الاريكة في شقته...وضعا رأسه بين راحتيه...لا يصدق مافعل...يقسم انه لم يكن ينوي ان يفعل ذلك..كان فقط يضايقها كالمعتادة...لكن هي استفزته...دائما تخرج اسوأ ما فيه...ولكن هي تستحق ولو عاد به الزمن سيضربها الف مرة على ما تفوهت به ...ما ذنبه انها تحبه وتحقد عليه انه لا يحبها...يا الله هل من الممكن ان تكون قد اخبرت عمه بما حدث؟!! ،ابتسم بسخرية وهو يردد بالطبع فهي مدللة ابيها...انتبه على صوت رنين الجرس...نهضت بتثاقل واتجه نحو الباب لكنه توقف ونظر لنفسه ليجد انه لا يرتيدي سوا شورت قصير فاتجه لغرفة نومه والتقط تيشرتا ثم عاد ليفتح الباب...وجد عمه امامه...لا ينكر شعوره بخيبة الامل عندما لم يجدها هي...فهو اعتاد كل صباح لن تطرق باب منزله وبعدما يتعاركان وتنتهي معركتهما بان يشتم احدهما الاخر تبلغه بصوت رقيق ان والدها ينتظره على الافطار وتذهب الى عملها...اجفل عندما هتف عمه باسمه بصوت عالي:سيييف
اتضح انه كان شاردا فهتف عمه:ايه يابني مش بكلمك
هز سيف رأسه قائلا:اسف ياعمي..صباح الخير
هتف عمه قائلا:صباح النور...هتتغدا معانا النهاردة
اومأ سيف برأسه ووجد نفس يقول:امال فين يمنى؟
التفت عمه اليه قائلا:معرفش نزلت قبل ما اصحى مع انها معندهاش شغل النهاردة بعتتلي رسالة وقالت انها في مشوار مهم
عقد سيف حاجبيه بتعجب وكاد ان يتكلم ولكن عمه سبقه قائلا:اه صحيح...الباشمهندس ابراهيم كلمني وقالي عايزني في موضوع مهم فانا عزمته على الغدا يوم الخميس اللي جاي
زفر سيف بضيق وقال:انت عارف اني مبحبش الراجل ده
استدار عمه ليذهب قائلا:مش لازم تحبه انت مش هتناسبه
ودخل شقته واغلق الباب دون كلمه اخرى....
****
مرت الايام وكل يوم تخرج يمنى قبل معاد عملها بفترة تعود بعد انتهاء دوامها بساعتين..فهي قررت ان تعيش حياتها..ولن توقفها لاجل شخصا مثله لا يستحق حبها..فهي بشر لا تستطيع ان تظل طوال حياتها تضحي وحدها دون مقابل...كان والدها يحاول ان يعرف اين تذهب لكنها كانت تقول له قريبا سوف تعرف...حتى جاء يوم الخميس..
....
في منتصف النهار رن جرس باب شقة عمه..كان يجلس مع عمه في غرفة المعيشة عندما دلف رجلا في اوائل الثلاثينات...بشرته بيضاء ولحيته كثيفه...يمتلك ملامح وسيمه للغاية وابتسامة هادئة...عندما رأه "رفعت" والد يمنى نهض وصافحه قائلا بابتسامة:نورت البيت يا باشمهندس
رد عليه ابراهيم بابتسامة هادئة:منور بحضرتك
ثم الافت لسيف وصافحه قائلا:ازيك يا باشمهندس
صافحه سيف ببرود قائلا:اهلا
لم يعيره ابراهيم اي اهتمام وجلس مع رفعت وظلا يتحدثون قليلا وسيف ينظر اليهما بملل..لكنه انتبه عندما هتف ابراهيم:امال فين الانسة يمنى؟
كاد ان يخبره انه ليس من شأنه ولكن سبقه صوت انوثي يقولي بمرح:انا اهو
التفتوا ثلاثتهم اليها لتتسع عيناهم بذهول واولهم سيف الذي تدلى فكه ببلاهه بطريقه جعلتها تبتسم بانتصار..
**

يتبع...
#نهلة_مجدي
#غيرة_توقظ_العاشق

نوفيلا غيرة توقظ العاشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن