#غيرة_توقظ_العاشق
الفصل الرابع...
...ابتلعت يمني ريقها بصعوبة وهي تنقل بصرها بين سيف الذي ينظر اليها بتوسل..ويد ابراهيم الممدوده لها..الامر صعب..للحظة..فكرت..وقررت..على يقين انه الصواب..اخذت نفسا عميقا ثم تحركت ببطء..لتمسك في يد زوجها بقوة...ونظرت لسيف قائلة:رهانك خسران..
اغمض ابراهيم عينيه بقوة وزفر بارتياح...قلبه كاد ان يتوقف..لا يعرف لماذا فعل هذا..حتى انه كان متأكد انها ستختار سيف...لكنها اختارته..اختارته هو وبارادتها وهذا ما كان يريده ،اما سيف فكان ينظر اليها بعدم تصديق..للمرة الثانية ترفضه..للمرة الثانية يشعر بذلك الآلم...للمرة الثانية شعر كم كان انانيا معها منذ البداية...شعر بما كان يفعله بها كل يوم...شعر كم تآلمت وتحملت وحدها...اما هو فلا يستطيع التحمل..نظر لعينيها نظرة رغم انها آلمت قلبها الا انها لم تشفق عليه...فهو اذاقها كل انواع الالم..وهي تحملت وصبرت وحاولت كثيرا معه وبعدما زهدت حبه جاء يخبرها بانه يريدها...لا والف لا..فليس هنام رجلا على وجه الارض يستحق ان تدهش كبرياءها وكرامتها من اجله..ليس هناك احدا وهو بذات لا يستحق ان تتآلم لاجله ،لم ينتظر ابراهيم سوا اقل من دقيقه لكنها كانت بالنسبه له دهرا...اختفت من امامه ومع اختفاءها سقطت اولى دمعاته..ولن تكون الاخيرة..
....
دخل منزله يجر قدميه بالكاد يستطيع الوقوف...بمجرد اغلاقه باب الشقه سقطت جالسا على الارض...استند بظهره للباب وعيناه يحكيان الف حكاية من الآلم...آلم كان يظن انه لن يطوله...لكنه كان خاطئا..كان يظن نفسه محصنا من آلام الحب...لكن ما لم يكن يعلمه انه غارق فيه منذ زمن...هي احبته..تآلمت وعانت وصبرت..لكنه لم يكن يتحرك خطوة...لما يلومها الان وهو حصد ما زرعه منذ البداية...لا يصدق انها تزوجت...لا يصدق انها ستكون لغيره...رجل اخر يضمها بين ذراعيه كما تمنى هو..رجل اخر يدللها كطفلته طما كان يريد تن يفعل...رجل اخر ستبكي على صدره...لا يصدق لا يصدق..اخذ يهز رأسه بقوة لا يبالي لتلك الدموع التي تسقط من عينيه مثل المطر...يبكي لاول مرة في حياته...حتى انه لم يفعل عندما فارقا والديه الحياة...يبكي لاجل امرأة احبته بكل كيانه...احبته كما لم تحبه امرأة من قبل...وكثرته كما لم يفعل احدا من قبل...وضع يده على شفتيه واغمض عينيه بقوة ليزداد انهمار دموعه...يمنى تركته...حبيبته وطفلته اصبحت لغيره..يا الله لا يستطيع تحنل كل تلك الآلام...وضع يده على صدره لعله يخفف من آلامه ولكن دون فائدة...كم اصبح ضعيفا الان...لم يكن في حياته ضعيفا هكذا...لكنها جعلته اشد الناس ضعفا..واشدهم حزنا وبؤسا..***
انطلق بسيارته مسرعا غير مبالي لاي شئ..تجلس بجانبه شاردة..حتى الان لا تصدق انها رفضت سيف مرتين...الرجل الذي كانت تتمناه كل ليلة...الذي كانت تخلد الى النوم تحتضن صورته لتضمن ان يكون رجل احلامها الاول والاخير..ولكن يشاء الله ان يضع ابراهيم في طريقها..وللحق لم تندم لحظة على اختياره...ابراهيم يستحقها...ابراهيم هو الرجل الحقيقي في حياتها...ستكون معه سعيده...ليبتعد سيف عنها بكل اوجاعه...هي لم تكن تقصد ايلامه فهو من ترك منذ البداية وعاد نادما بعد فوات الاوان...وهي لن تشارك في ايلام ابراهيم حتى ولو ستعيش عمرها تعيسه لن تآلمه..ذلك الرجل الذي رأت في عينيه حب خالصا...حبا يخصها واحده...يجعلها متفردة على عرش قلبه ،لم تنتبه لتوقف السيارة في طريق فارغ على اطراف المدينه الا عندما قبض ابراهيم على كفها برفق..انتفض شاهقه فطمئنها قائلا بحنو:اهدي..متخافيش
زفرت بخفوت ولم تجيب..لكنها نظرت لكفها الصغير بداخل كفه وانامله تداعب كفها ببطء...وفجأة قطع عليها تأملها قائلا:محتاجين نتكلم..
نظرت اليه بترقب تنتظر منه ان يبدأ بالحديث...لم يطول صمته طويلا وقال:ندمانه انك اختاريني؟
اتسعت عيناها وهزت رأسها نافيه بقوة...ترك كفها واعتدل في جلسته وحدق في الفراغ الذي امامه وهتف:عايز اعرف وافقتي عليا ليه..وبصراحه
اخفضت بصرها واخذت تفرك يديها ببعضهما..ثم نظرت اليه قائلة بعينان التمع فيهما الدموع:عشان حسيتك الراجل اللي انا بتمناه..عشان شوفت في عينك وعد انك لا هتجرح ولا هتخون
.ظل ثابتا على وضعه دون ان ينظر اليها وقال:وسيف!!
اخذت نفسا مرتجفا وهمست:سيف ابن عمي
التفت اليها قائلا:بس بتحبيه
نظرت لعينيه وهمست بثقه:كنت
ردد بتساؤل:كنت!!
اومأت مؤكدة وهي تقول:اه كنت...عشان هو اناني ومبيحبش غير نفسه
ابتلع ابراهيم ريقه وهمس بصوت مختنق:بس هو بيحبك
ابتسمت بسخرية وقالت:..اما اعيش حياتي كلها بحب واحد لا هو شايفني ولا حاسس بوجودي..كل كلامه معايا اهانه واستخفاف بيا وبحياتي...لما اشوف في عينيه نظرة اللي اتمنيت يشوفني بيها لكل الستات ماعدا انا...لما فجأة يكتشف اني حلوة ويكون ده سبب تمسكه بيا..بذمتك بعد مل ده وتقولي حب!!!...يلعن ابو الحب اللي يذل صاحبه بالشكل ده
صمت قليلا يتأمل ملامحه..يبحث في عينيها عن نظرة ندم واو تردد لكنه لم يجد...وجد نفسه يقول:متأكده انك عايزاني يا يمنى؟!!...مش هتيجي يوم تندمي انك سبتيه عشاني؟!!...صدقيني وقتها عمري ما هسامحك لا..
وضعت يدها على شفتيه ليصمت وهمست:عمري ما هندم الا اذا انت وصلتني لكده...انا اختارتك وانا متأكده اني اختارت راجل...دورك تثبتلي ان اختياري كان في محله
قبل يدها الذي كانت على شفتيه فسحبتها بخجل..فهمس مرة اخرى:طب..وسيف
ابتسمت قائلة:سيف ابن عمي وبس...اتمنى انك مدخلوش في حياتنا باي طريقه لان حبه انتهى بالنسبالي..
ظل ينظر اليها قليلا ثم ابتيم ببطء وهمس:عهد عليا اخليكي اسعد واحده في الدنيا...ومخليش الحزن يطولك طول ما في صدري نفس
اتسعت بابتسامتها وهي ترمقه بامتنان فاقترب منها ببطء وطبع قبله على وجنتها..اخفضت بصرها بخجل واحمرت وجنتيها مما جعل ابتسامته تتسع اكثر ثم قال بجديه:في حاجة عايز اقولهالك..
نظرت اليه بتساؤل فاردف قائلا:انا عايزم تلبسي الحجاب
رددت بتعجب:حجاب!!
اومأ قائلا بتأكيد:اه انا مش عايز حد يشوف شعرك غيري.. ثم اردف بصوت دافئ وقد التمع العشق في عينيه:لو عليا هلبسك نقاب عشان محدش يلمحك
اخفضت بصرها بخجل وفكرت قليلا ثم قالت:لو انا مكننش عايزة؟
احتضن كفيها قائلا:انا مستحيل اجبرك على حاجة..بس الحجاب ده امر من ربنا مش مني انا...وانا لو عايز اخليكي تلبسيه فده عشان بغير عليكي ومش عايز حد يشوفك غيري فهمتيني
لا تعلم لما ابتسمت بفخر وهي تحمد ربها انه اكرمها بذلك الرجل..رجل يستحق ان يكون مثاليا..قطع عليها افكارها قائلا:اجلي الموضوع ده نتكلم فيه بكرا
.ادار محرك السيارة وهو يقول:تحبي تروحي فين؟
نظرت اليه قائلة:خلينا نروح ونبقى نخرج وقت تاني
اومأ قائلا:ماشي ياحبيبتي
انطلق بالسيارة وتسللت يده ببطء لتحتضن كفها..وظلا على تلك الحالة حتى وصلا لمنزلها...ترجل معاه من السيارة ليوصلها حتى شقتها..وقبل ان تضع المفتاح في الباب جذبها من معصمها لترتطم بصدره فشهقت بخفوت وقال هو بابتسامه عابثه:طب مش هتقوليلي تصبح على خير؟
وقبل ان تجيب كان يميل على شفتيها ليقبلها برقه...قبله اظهرت مشاعره التي سجنها بداخله حتى اصبحت ملكه...اما هي فشعرت بقدميها لا يحملانها فتشبثت بكتفيه حتى حرر شفتيها ونظر اليها لاهثا...وقال:وانتي من اهله ياحبيبتي
كانت تنظر اليه مصدومه وقد اشتعلا وجنتيها بخجل شديد...وجدته يأخذ المفتاح من يدها ويفتح الباب ثم دفعها برفق لتدخل قائلا:سلام
ثم اغلق الباب وانصرف..وقفت خلف الباب تحدق في الفراغ ويدها على شفتيها ولا تصدق انه قبلها...لا تعرف كم من الوقت مر وهي تقف واضعه يدها على شفتيها بشرود لكنها انتفضت على صوت والدها الذي قال:يمنى!! واقفه كده ليه
احمرت وجنتيها بقوة واخفضت يدها...كانت تشعر بالخجل كان والدها قد رأهما لكنها اقتربت منه وقبلت وجنتيه قائلة:لسه منمتش ليه؟
جذبها برفق ليضمها لصدره قائلا بحنان:مقدرش انام وانتي برا البيت
ضمته بقوة وهي تهمس:ربنا يخليك ليا يا حبيبي
ابعدها عنه ونظر اليها قائلا:تعالي عايز اتكلم معاكي
اومأت برأسها قائلة:حاضر بس دقيقه واحده
تركته وركضت مسرعه الى غرفتها..جلست على مكتبها الصغير وفتحت الدرج واخرجت منه البوم الصور الخاص بها وبسيف..نظرت اليه بابتسامه حزينه وهمست بداخلها:خلاص ياسيف..معدش ينفع..انا اسفه بس مبقتش حمل وجعك
تنهدت بهدوء ونهضت من خلف المكتب عازمه على فعل ذلك...خرجت من غرفتها واتجهت حيث يجلس والدها..مدت يدها بالبوم الصور فنظر اليها بتعجب..جلست بجانبه وقالت:مينفعش يكون معايا يا بابا..خده شوف هتعمل في ايه
غامت عينا والدها بحزن وهمس:متأكده انك هتكوني مبسوطة
ابتسمت يمنى بحق وهمست:مبسوطه من دلوقتي يا بابا ابراهيم راجل ميتعوضش..انا وسيف مكنش هنعمل حاجة غير اننا نجرح بعض
ربت والدها على ظهرها قائلا:ربنا يسعدك يابنتي
انحنت يمنى وقبلت كفيه قائلة:ويخليك ليا يا احن اب في الدنيا..
تركت والدها ودخلت لغرفتها..بعدما بدلت ملابسها نامت على فراشها تحدق في السقف بشرود..هي فعلت الصواب..ابراهيم هو المناسب لها..هي وسيف مختلفا تماما...نقيضين كما يقولون..اي احد كان سيعرف حكايتهم كان سيعلم انهما لن يكونا معا...طريقهما مختلف..لن يتقابلا ابدا...ماضيهم مشواه..لن تستطيع ان تنساه بسهولة..فهو ترك بها اثر لن يزول مع مرور الزمن..
أنت تقرأ
نوفيلا غيرة توقظ العاشق
Romanceمقدمة: تجاهل كما تشاء..لكن سياتي اليوم ويرد لك كل ما اقترفته يداك..فاعلم ان كما تدين تدان...وليس هناك شيئا اسوأ من الشعور بالتجاهل سوى..الغيرة القاتله * #نهلة_مجدي