~《 افتتاحية للرواية 》~

119 5 8
                                    

صمت مميت غزى ذلك الجناح، يغازله دفّ حذائه الذي داس اسفله كل انش من الرواق، يجوب المكان ذهابا و ايابا، يفرك يداه تارة و يحك جبهته الأخرى،
قلبه معلق بذاك الباب الذي استنزف كل صبره... بدأ صدى صراخها يدوي بالمكان و يطعن فؤاده مع كل صرخة ليزيد توتره..

انتظار طويل ممزوج بكل انواع المشاعر.. خوف و رعب مع ترقب حار و فرحة غامرة..
لتنقلب تلك الاجواء مع خروج صيحة مكبوثة, تختلف عن اللواتي سبقنها.. صوت ناعم جديد طنّ في الآذان كالموسيقى..

تسمر امام الباب مع شوق مضاعف ينتظر خروج من يبشره بالاخبار السارة...
فُتح اخيرا بعد دقائق دامت مايشبه الأبد, مع كتم للانفاس, ظهرت من خلفه طبيبة برداء اخضر للجراحة, ازالت الكمامة عن وجهها لينبشق بابتسامة "مبارك سيدي, انها طفلة جميلة كوالدتها"
سأل بتلهف لانه لم يسمع بعد ما يذيب ثلج صدره "و يوري!! "
" كلا المولودة ووالدتها في صحة جيدة, زوجتك و ابنتك حقا قويتان .. مبارك مجددا"
انشرح فؤاده مع اعتاق ضحكات رَوت تفاصيل سعادة بعد عذاب من الانتظار "حمدا لله.. حمدا لله.."

"يمكنك رؤيتهما الآن.. لكن ارجو ان لا تطول الزيارة فهما بحاجة للراحة"

Yuri pov...

ساعات من الألم ابصرت فيها الجحيم بأم عيناي... مغص قاتل اعتراني مع توجع لايمكن ان يجاريه آخر في هذا الكون.. صعوبة في التنفس رافقها أنين و تآوهات و انا أعض قطعة من القماش كمحاولة بائسة مني في كتم صرخاتي, اعلم بأنه ينتظري امام الباب بقلب مشدود فلا أرغب بزيادة معاناته..

اشتدت نوبات الألم و لم اعد قادرة على السيطرة عليها، عشت بتلك اللحظات الطويلة احاسيس جميلة رغم قسوتها،

شعور مميزا لم يسبق ان جربته ابدا.. شعور ان تكون قريبا من خلق حياة و من الموت في الوقت ذاته، ان تولد الفرحة من رحم الألم، خرجت من حنجرتي عدة صرخات متتالية اختتمت بارتخاء تام في العضلات..

عايشت الويل بكل تفاصيله لكن كل ذلك هان و اختفى عند انطلاق اول صرخة له في هذه الحياة... ليعم صوت بكائه الغرفة ثم يتسرب الى الممر تنتشر فراشاته في القلوب المشوية بالانتظار ليريح انقباضها و يرسم ابتسامات و ضحكات مجنونة..كنوع من غاز السعادة برائحة حياة جديدة..

"مبارك سيدتي.. الطفلة جميلة للغاية،و في صحة جيدة.."

طفلة ؟! لم اتوقع فتاة لكن لابأس.. انا سعيدة بطفلي مهما كان جنسه المهم انه بصحة جيدة..

لفتها احدى المساعدات بقماش حريري و مدتها لي، لآخدها بين ذراعي.. انها حقا طفلة... طفلة حلوة كالبدر وجهها يفوح عذوبة و طهر، عينان بريئتان كالفجر و نفسا صافية كالنهر.. بعد ان كانت في احشائي خليلة قلبي امست اليوم بين احضاني امام عيناي..

عجيب كيف ذاب كل كرهي لها بمجرد ان لامس دفؤها صدري، بل تلاشى و اختفى... اشعر بفرحة بالغة لايمكنني وصف مقدارها.. كتسرب فضيع في هرمون الادرينالين بجسمي.. هل هذا مايسمونه بالامومة ؟!!
اشعر بأنها تجري كالجداول الرقراقة، تجري دفاقة من قلبي الى قلبك صغيرتي تلبسك الحنان ثوبا يا كنزي يا املي يا اثمن شيء عندي في هذه الحياة..

اشرقت دنياي انسا و حبور و اينعت الزهور و غردت الطيور و رقص القلب و انتشى السرور.. انه النعيم..

قربت انفها من انفي و قبلته... ثم قربتها الى قلبي تسمع دقاته لتطمئن لي و تتأكد من انني نفسه البيت الذي كانت تعيش في احشائه، فهدئت و انتظمت انفاسها..

اشعر بانني انا التي ولدت لأعيش حياة جديدة..

فبين يداي الآن كتاب نظيف جديد سأحرص بكل مابقي لي من نفس بهذه الحياة ان لا يمس صفحاته حزن.. سنخط فيه معا اجمل الأسطر و نرسم احلى الصور.. مسؤولية كبيرة أعدك بأن اكون ندا لها..

"يوري !!!"
رفرف قلبي عند سماع صوته، هاقد اكتملت فرحتي..
"جين.. انظر اليها.. جميلة للغاية "
اقترب منها يلمس يديها الصغيرتين لتشد القبض على احدى اصابعه.. فتتلألأ عيناه و تزيد ابتسامته اتساعا
"من تشبه ؟!! انا ام والدها ؟!!"
"اظنها تشبهك.. انفك و شفتيك.. لقد اخذت الكثير منك.."
"اتمنى لو كانت تشبهك..."

دنى مني برقة ليمسك رأسي و يطبع قبلة دافئة على شعري...
"حمدا لله على سلامتكما... لن تصدقي كم كنت خائفا..."

قاطعنا صوت غريب
" اعتذر عن المقاطعة لكن يجب ان آخد الطفلة الآن.."
اظنهم سيأخذونها من اجل تغسيلها و اخضاعها للفحوصات..
ترددت في تركها، امسك جين بكتفي يطمئنني لاسمح لها اخيرا بأخدها..
"ارجوك... اعتني بها جيدا"

"لا تقلقي سيدتي فهي في رعايتنا.." ابتسمت لي بعذوبة و ذهبت بها..
اشعر بانها اخدت قلبي معها... بالفعل صارت جزئا مني.. حسنا.. هي كذلك منذ تسعة اشهر مضت..

خطف الواقف بجانبي قبلة سريعة من شفتيي العابستين، ليعانقني و يدفن رأسه في شعري..
" لن تتخيلي حجم سعاتي حاليا... لقد صرت أبا ... اكتملت عائلتي التي حلمت بها في صحوي و في نومي... تحملت الكثير الى الآن يوري.. كنت حقا قوية انا فخور بك..."

كلماته.. عناقه و دفئه... هو ووجوده بحد ذاته في حياتي معجزة.. بلسم لجروحي و ترياق لمعاناتي..
اعظم هبة اكرمت علي بها الحياة بعد كل ماقاسيته...

قد تظنون بأن حياتي مثالية.. طفلة جميلة و زوج يحبني... لكن ليس كل مايلمع ذهبا.. ولا كل مايبرق فضة..
ولأكون اكثر صراحة.. لم اتخيل يوما ان تنجو سعادة كهذه من الغرق بين اسطر قصتي..
بعد ان غطست صفحات حياتي في الماء العفن..

فهل تودون معرفة قصتي ؟!!!

..........انتهى ..........

هذا البارت مجرد افتتاحية للقصة... فارجو ان تنال اعجابكم.. و ارجو ان تتطلعو لقصتي التي اعدت كتابتها بسبب ضعف البلاغة اللغوية و الاطالة فالاحداث.... اتمنى ان تدعموا روايتي و تنعمو عليها ببعض الحب و الاهتمام... وشكرا~♡

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 22, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كبرياء أنثىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن