جلست على المائدة مقابلا لوالدي و أنا أتناول عصير فاكهة طبيعي , والدي يحتسي القهوة وهو يراقب
جهازه المحمول الصغير الذي وضعه على جانب الطاولة..
قال بهدوء : هل تحدثت الى والدتك بالأمس ؟!
قلت بصوت خفيض : اتصلتُ , لكن.. لم تجب.. سأكلمها اليوم بلا شك..
ابتسم والدي بخفه وهو يراقب جهازه.. قال لي : سأذهب اليوم لموقع بناء خاص بالشركة.. أن أحببت القدوم معي فلا بأس..
قلت بنفسي ~ موقع بناء , يلا الملل !! ~
أجبته بابتسامه خفيفة : آمم , سأفكر بالأمر.. هل يبدو المكان خطرٍ.. ؟!.
ابتسم والدي حتى ظهرت أسنانه و قال : ستكونين مع والدك أيتها الطفلة..
ضحكت أيضا و أكملت إفطاري..
انشغلت بترتيب البيت و طهي بعض الطعام.. اتصل بي والدي للأطمئنان فقط..
بعدها خرجت للتسوق في محل قريب.. كنت ألهي نفسي و أحاول التصرف بطبيعية..
عدت للبيت منهكة و أشعر بالضجر..
وقفت أمام الزهرية قليلا و حدقت بالأزهار وهمست بأسف : آوه كم أنني آسفة...
مددت يدي و قطعت ورقة خضراء.. فتيبست بسرعة بين أصابعي حتى تحولت الى رماد !!!
ضيقت جبيني و قلت : آوه , ظننت أن التعويذة ستختفي مع مرور الوقت.. فيما أفكر !!.
صعدت الى غرفتي و وجدتها مظلمة والستارة مسدلة . و الأضواء مغلقة..
حدقت بأرجائها و همست : آرثــر...؟!.
آتاني صوته البارد من خلفي : لم رآئحة شعرك مختلفة ؟!...
التفت بسرعة وكان أمامي مباشرة فتراجعت خطوتين.. قلت بسعادة : آرثـر..
حدق بي ببرود.. عضضت على أسناني و قلت : آمم.. مالذي قلته قبل قليل ؟!.
تقدم خطوة و قال وهو يضيق عينيه الساحرتين : لم رائحة شعرك مختلفة ؟! , أنها لا تعجبني !!.
حدقت به بتردد و قلت : آه.. شعري , آوه نعم.. لقد نفذ البلسم ذاك فاشتريت واحد جديد ,لكنه رائعة برائحة أزهار الـ...
قاطعني بصوت مخيف : لا تعجبني.. أطلاقاً..غيريها..
ارتبكت و قلت : حقا !! , هذا ..ظننت أنه جيد.. لكن لا بأس أن خرجت للتسوق مرة آخرى سأبحث عن بلسم الفراولة !. !
ظل يحدق بي بطريقة مخيفة.. تماسكت ثم قلت بهدوء : آرثـر.. هل أنت بخير ؟!.
ضيق عينيه الرماديتين و همس وهو يميل برأسه : ما يحدث بينكم شيء غريب..!
حدقت به , لقد اختفى غضبه ليحيل شيئا آخر في نظرة عينيه.. هل هي.. حيرة ؟!.اقتربت منه خطوة فلم يكن بيننا شيء كنت أرفع رأسي عاليا حتى أرى وجهه جيداً..
بالتأكيد هو متعجب.. و يشعر بنوع من الفضول.. لكنه أبلة .. لا يفهم هذه المشاعر ..
يجب أن أكون لينة أكثر معه و متفهمة , أي أرى الأمور بوجهة نظره هو..همست وأنا أتفحص قميصه الأسود بيدي : أنني آسفة.. على صراخي بالأمس , لا أريدك أن تكون متضايقاً بشأني..لم أقصد كل ما قلته.. تعرف كنت غاضبة..!
ظللنا ننظر لبعضنا طويلا.. ثم همس وهو يقرب وجهه قليلا مني : أفهمي أنني لا أريدك أن تتأذي..لا يهمنِ صراخك علي أو لا.. أنتِ تبقين ضعيفة..!
ابتسمت بوهن و همست و أنا أطرف بعيني : حسنا.. أنت معي.. سأكون بخير..
شعرت بأنه على وشك الابتسام لكنه أخاب ظني ,
همس بصوت ساحر وهو يرفع يده لأول مرة و يلمس وجهي
هناك .. شيء آخر.. أنتِ تتأذي بوجودي أيضا.أغمضت عيناي لثانية و يده الباردة سببت رجفة بجسدي..
أرأيتِ , هذه الرجفة..
فتحت عيناي و ابتسمت له , قلت هامسة : لكن ليس إلى حد الموت..!
طرف بعينيه قليلا وهو ينظر نحوي بغموض , قال : أقسم بحياتي يا فلـور أنك لا تعرفين شيئا عني..
تكادين تموتين و أنتِ نائمة.. بسبب القلادة هذه و أشياء أخرى.. ربما...
طرفت بعيني أيضا ~ هل أنا بخطر شديد لهذه الدرجة..؟! لا شعر بشيء..!! ~
حرك يده لتتخلل خصلات شعري من الخلف , قلت بتردد : ربما... ماذا ؟!.
همست بخفوت : ألم تتساءلي عن "نـايت" ؟!.
اتسعت عيناي و قلت بأسف : آوه صحيح ؟!. لقد نسيته هناك...
قاطعني وهو يقول بحذر : كلا , أنا أمرته بالبقاء هناك.. يوجد شق تتسلل منه تلك الظلال و قد خرجت ثلاث منها تهدف للقضاء عليك ,
أمرته أن يبقى حارسا هناك , و أنا طوال الوقت هنا خشية عليك..
قلت بأسف : آسفة بسبب هذا , علي أن أكون أكثر حذراً..أظن..
ظل ينظر نحوي بهدوء , ثم قال : لكن ما يصعب علي الأمر . هو أنني لا استطيع التنبؤ بأفعالك..
شعرت بإطراء غريب , فقلت بسعادة مكبوتة : هذا جيد.. أليس كذلك ؟!.
أظهر نصف ابتسامه و هو يميل علي و يحيطني بذراعه الأخرى ليضمني بشكل خفيف , همس بأذني :
ربما قتلك كان الحل الأفضل..
ارتجفت بشدة , بسبب برودة جسده و حركته هذه, لكنها برودة جيدة..
شعرت بأنه آرثر يريد أن يدفئ نفسه..فرفعت يدي و أحطته بذراعيّ..
استنشقت رائحته , كانت رائعة و غريبة ,لكنها تدوخني.. ~~"
قلت بصوت حالم و أنا أغمض عيني : هل أنا مثيرة للشفقة الى هذه الدرجة..؟! لمَ لم تقتلني قبلا..؟!.
شعرت به يتنهد , آوه حقا ؟! ما به ...؟؟؟
قال ببرود : لم أفكر بهذا الأمر..
قلت بلا تفكير وأنا أغمض عيني و ارتاح على كتفه : أن كنت سأموت , أريدك أنت من يقتلني..
ابتعد عني قليلا وهو يضع يده على شعري قال بابتسامه خدرتني : أعجبني كلامك هذا.. سأنفذه حتما..
ظللت أحدق به و أنا أمسك بقميصه لم اتركه ! ..
همس و يبادلني النظر : تبدين مرهقة..؟!
قلت بخدر و صوت حالم : لأنك لم تظهر بالأمس.. افتقدتك..~~ ".
ضيق ما بين عينيه و قال :كان لدي أمر هام.. أريد منك عدم فعل شيء ما..!!
طرفت بعيني و قلت بنفس الصوت الهادئ : يمكنك طلب أي شيء.. << لا أعلم مالذي حل بي !!
انحنى مجددا و همس بأذني : لا تقتربي بشدة من ذلك المدعو توماس..!
طرفت بعيني و قد أفقت من حالة الخدر التي أصابتني..
قلت بتردد : لكن لا يمكنني تجنبه بشكل تام.. أنه... صديق..!
تركني آرثــر و ابتعد خطوتين عني..قال ببرود : لا يهمنِ.. هذا التصرف يغضبني بشدة..
نظرت بحيرة و قلت : حسنا.. حتى ذلك الوقت.. ~~
حدقت بسريري قليلا , ثم قلت بهدوء : آمم.. لا أرغب بالنوم الآن , أود أن أرى والدي..
همس آرثـر بهدوء : حسنا سأآخذك إليه..
أمسك بيدي و أظلمت الغرفة بشدة و اجتاحت البرودة.. أغمضت عيناي لثانية..
عندها شعرت بأننا في مكان مكشوف.. فتحت عيني و رأيت أننا وسط حديقة مظلمة.