الفصل الثاني

1K 85 11
                                    

لم تعرف ملاك مصدر هذه المشاعر التي صارت تخالج صدرها وهي تسير بين هذه الحشود من العرب والمسلمين وهم يرددون دون انقطاع :
لبيك يامحمد .. لبيك يارسول الله !
إحتدمت الأوضاع عندما صار المتظاهرون يصرخون وهم يطالبون السفير الدنيماركي في روما بتقديم الإعتذار الرسمي للجالية الأسلامية في إيطاليا. .

ولما لم تلق هذه الحشود البشرية اي اهتمام من قبل تلك السفارة اللعينة صار الشباب العربي يهدد بالهجوم على تلك البناية وإخراج من فيها عنوة !

وهنا تدخلت الشرطة الإيطالية لتفريق تلك الحشود بأن قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع على الجموع المتظاهرة ،ولما كان كل من مهدي وملاك في الصفوف الأولى لتلك المسيرة فإنهما قد تأثرا جدا بذلك الغاز المحرق !

وقعت ملاك مغشيا عليها بينما كانت دموع مهدي غير الإرادية - والتي سالت نتيجة ذلك الغاز- تمنعه من مواصلة المسير !
حاول مهدي سحب ملاك بصعوبة وابتعد بها الى حديقة عامه كانت تبعد عن السفارة بمسافة قليلة .
عندما فتحت ملاك عينيها وجدت نفسها مستلقية على ذلك العشب الأخضر للحديقة .. أما مهدي فكان يراقبها على بعد أمتار وهو يجلس على إحدى المصطبات ..
حاولت القيام فرآها مهدي .. إتجه نحوها راكضا وهو يقول :
- الحمد لله على سلامتك يا اختاه !
- أشكرك يامهدي ..أخبرني ما الذي حدث لي ؟
- لقد أغمي عليك نتيجة ذلك الغاز .. يبدو إنك استنشقت كمية كبيرة منه !
- اه .. نعم ..أظن ذلك !
- هيا لأوصلك الى منزلك .. اكيد ان أهلك في حالة قلق وتوتر بسبب تأخرك .
- نعم .. لكن لاتتعب نفسك سأستقل سيارة أجرة بنفسي .. فمنزلي قريب وسأصل بسهولة .
- لا ياملاك .. انت هنا بسببي ! فلولا كلامي معك اليوم في الشركة لما حدث لك ما حدث !
- صدقني يامهدي .. كلماتك جعلتني أشعر بالخجل من نفسي .. فلا تقل إنني هنا بسببك .. نعم قد اكون هنا بسبب كلامك معي .. لكنني ما خرجت معك في هذه المظاهرة  إلا لأجله هو!

- من تقصدين!
- محمد !
- احنى مهدي رأسه وقد إغرورقت عيناه بالدموع وهو يردد :
صلى الله عليك وعلى أعل بيتك يارسول الله

ثم رفع رأسه ليشكر ملاك على هذه المشاعر تجاه نبي الاسلام فلمحت تلك الدموع التي كانت تتلألأ في مقلتيه .. قالت بدهشة :
- هل مازالت عيناك تؤلمك نتيجة ذلك الغاز ؟
مسح مهدي دموعه وهو يهز رأسه ويقول :
- لاتهتمي لهذه الدموع ..!

وفي الحقيقة لم تكن الدموع تلك إلا نتيجة ذلك الحب الطاهر الذي يملأ قلب ذلك الشاب لنبيه "محمد " صلى الله عليه وآله وسلم.

لكن هل كانت ملاك لتصدقه لو قال لها بأن دموعه هذه لأجل رسول الله محمد ؟!

هل ستصدق بأن شابا مليئا بالحيوية مثل مهدي تنزل دموعه لأجل نبي قد مات قبل أربعة عشر قرنا ؟

الحرية الحمراء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن