الجزء الخامس والسادس والسابع

919 50 9
                                    


كانت لحظات سعيدة بالنسبة لبطلتنا المسيحية وهي تسمع كلام الطبيب يبشرها بأن حالة والدتها باتت مستقرة .. أدت الصلاة على وفق تعاليم دينها بأن قبلت يداها ومررتها على جبينها وخديها وهي تتمتم بكلمات الشكر للرب .

كان مهدي يلاحظها من بعيد وهي تتكلم مع الطبيب فقد كان ينتظرها ليرافقها في العودة إلى الشركة بعد ان أخذا إجازة قصيرة لإخراج الوالدة من المشفى .. ودع فادي ووالدته وظل واقفاً ينتظر الآنسة ! نظر إلى ساعته فوجد أن الوقت تأخر والمفروض أنهما الآن في الشركة .. صارت علامات الغضب والعصبية باديتان على ملامحه وهو يرى ملاك وقد صارت تبادل ذلك الطبيب القبلات وهي تودعه بحرارة !

لم يستطع صاحبنا السيطرة على أعصابه ، ضرب يده بالجدار وهو يعض على شفته السفلى بأسنانه وقد إحمر لون وجهه ..

ظل مطأطأ الرأس وقد اتسعت حدقتا عينيه بشكل مخيف .. سمع صوتها من بعيد وهي تناديه :
- هيا يا مهدي .. وآسفة على التأخير

رفع رأسه ومن دون شعور صفعها على وجهها صفعة قوية وصرخ بها : هذه آخر مرة أراك فيها تقبلين رجلاً غريباً !

وضعت ملاك يدها على خدها فقد آلمتها الصفعة .. نزلت دموعها من غير إرادتها وهي تنظر إلى عيني مهدي اللتين احمرتا من الغضب !
لم يتكلم منهما بشيء آخر .. تركها مهدي واتجه نحو باب المشفى وصارت تمشي ورائه بخطوات بطيئة .. وبدات تفكر بموقفه هذا : لماذا صفعها وصرخ في وجهها ؟ لماذا لا يريدها أن تقبل رجلاً ؟ هل أن قبلاتها لذلك الطبيب أزعجته لهذه الدرجة !

وهنا شعرت بشيء من السعادة وهي تفكر بأن مشاعر الغيرة التي تأججت بقلب مهدي نحوها هي التي جعلته يتصرف بذاك الشكل الجنوني ..

هل يعني هذا انه ... يحبها ؟ ! هكذا تساءلت ملاك وهي تمسح دموعها محاولة تناسي ألم تلك الصفعة . طوال الطريق إلى الشركة كان مهدي خافضاً رأسه وواضعا يده على جبينه فقد أعياه الصداع الحاد !

وفي الشركة كان الصمت يلف المكان الذي جمع الاثنين معا في غياب صاحبنا الايطالي .
كانت ملاك تتمنى أن يتكلم مهدي بأي شيء غير الصمت ! لكنه لم يتكلم مطلقا .. وقد اجبرها هذا الموقف الغامض منه أن تبادر هي بالكلام :
- هل لي أن اعرف لماذا انزعجت مني اليوم في المشفى ؟

أجاب وهو يقلب الأوراق أمامه :
- تتظاهرين بعدم المعرفة .. صحيح ؟ !

- صدقني لا اعرف .. ماذا يعني إن قبلت الطبيب الذي كان سبباً في شفاء والدتي .. هل تريدني أن أودعه وداعاً عادياً لا ينم عن مشاعر الشكر والامتنان ؟

رفع رأسه وهو ينظر إليها بحدة قائلا :
- أولا إن الله سبحانه وتعالى هو الذي شافاها وليس ذلك الطبيب ! وإنما كان ذلك الطبيب وسيلة لشفاء الوالدة ولولا إرادة الله في شفاءها لما استطاع ذلك الرجل أن يشفيها مطلقاً ، حتى وان استنفذ كل أدوية وعلاجات ايطاليا ! ومن ثم تستطيعين أن تشكريه بالكلمات الجميلة التي تعبرين من خلالها عن امتنانك دون أن تبادليه تلك الـ ......

الحرية الحمراء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن