ذات الرداء الأحمر تحمل السلة

34 3 1
                                    

حط النهار رحاله بالمدينة ،و انبسطت الشمس في  كبد السماء و تسللت أشعتها الذهبية عبر نوافذ الميتم لتزيح سوط الظلام عن تلك الحجرات و تطرد غبار النوم عن جفون تلك  النائمات و تعالت صرخات الخادمات لإيقاظهن فهرولت بنات الميتم خارج الغرفة و بينهن أيلا ، جلست كعادتها في كرسيها مستعدة للأفطار كما فعل الجميع ، و ارسلت نظراتها الى تلك المصورة المربوطة حول عنقها ....
_كل ما علي فعله هو التقاط صورة لسر تخفيه تلك الصخرة تجعله يأتيني متوسلا الرحمة ...
رددت أيلا بوجه يرتدي نظرة شرور و انتقام بيننا هي تهاجم الطعام الموضوع على الصحن .
همت الشقية تودع الميتم . لتوقفها العمة ماريا و تلقى في أحضانها سلة تفوح منها رائحة تحبس الأنفاس .
_هاك هذه السلة ! و عليك أن توصليها الى العجوز الذي تبرع بالمال للميتم كشكر له ، و احذري أن تهربي مجددا في طريقك فأنا لا أريد للشرطة أن تقف عند باب الميتم باحثة عنك ...
علت ايلا نظرة متفاجئة ، و عبرت عما يتساءل عنه عقلها !
_و لماذا انا يا عمة !
_لأن مدرستك هي الأقرب لبيت العجوز . و الآن هلمي هلمي و إلا ستغلق أبواب المدرسة في وجهك !
هرولت الشقية مسرعة فور سماعها لكلام العمة ،فهي قد نسيت تماما نفسها .
بينما هي مودعة الباب ،سمعت صوت العمة الصارخ :
_و إياك ان تأكلي ما بالسلة و إلا وجد الحذاء طريقا إلى وجهك !
قرر الوقت هذه المرة أن يسرع في مروره شوقا لرؤية ما سيحدث لأيلا في طريقها لإيصال السلة للعجوز ، فانتهت المدرسة بسرعة ...
                      ★★٭٭★★
طلت على أيلا الغابة تعانقها الأشجار ، كأم تعانق صغيرها ، كان نسيم الرياح يلامس أشجارها فتتحرك يمينا و شمالا فبدت و كأنها ترحب بقدوم ايلا لزيارتها ، بخطوات حازمة و قلب يحمل وراءه إرادة قوية دلفت ايلا إلى جوف الغابة . كانت الغابة  مظلمة داكنة احتلها الظلام و اتخذ منها مسكنا ، إلا أن ضوء الشمس وجد من اوراق الأشجار منفذا فتسلل لينطبع على سطح الغابة على هيئة بقع مضيئة بدت كأنها نجوم في منتصف الليل ،كلما ما ينقصها هو القمر لتبدو "ليلا في منتصف النهار".
تسللت أيلا هنا و هناك حاملة نظرات إعجاب لمنظر الغابة ، فرغم أنها تبدوا موحشة من الخارج ،إلا أن داخلها جميل ...و ما سرق قلبها هو أزهار نرجسية غزت الغابة بجمالها لو ان الجمال شخص لغار من جمالها... ..
صممت ايلا على إكمال مهمتها و راحت تجوب الغابة بحثا عن منزل ذلك العجوز الطيب بينما تعانق يداها السلة ، دارت دورات و دورات ، مشت خطوات و خطوات حتى ان قدميها راحت ضحية لمشيها ...إلا أن لم تجد البيت ، و ما زادها الأمر خوفا هو أنها التقطت صورا لأشجار تكررت علها مرارا فعرفت أنها أضاعت الطريق ،إلا أنها بعنادها تمسكت بفكرة أن الطريق هو من اضاعها و ليست هي ....بينما هي تبحث عن طريقة لإيجادها الطريق مر باذنيها صوت مألوف مكروه لديها ...
_ما الذي تفعلينه هنا ؟
استدارت أيلا لتقابل كما توقعت آخر شخص أراد قلبها ان يراه ،لتقابل الصخرة ....
_أ..أ...أ..أتنزه ...
بعد تفكير عميق ،قررت أيلا أن تكذب عليه ، فهي لا تدري بعد كل شيء ما يجول في بال هذه الصخرة ...
_ظننت فقط ان الكلاب تتنزه ..
بصوت ساخر قال النرجسي الواقف امامها ...
دون عمد شد خيط غضبها ، فاكتسى وجهها لونا أحمر و عرفت خصلات شعرها طريقها للأعلى ...
_حتى أنا ، ظننت أن الصخور لا تتحدث !
بصوت غاضب لا يعرف سوى الانتقام ، قالت الشقية أيلا ..
_ يبدوا أن ، عناد الغبي لا يجلب سوى الخسارة ...
على عكس أيلا ، لم تتأثر الصخرة بما يقال عنها ، و تجاهلها متوجها نحو أحد الطرق الخفية في الغابة ..
_عجبا ، عجبا ، يبدوا أن كلماتي سرقت مني !!
ارسلت لها عينا النرجسي نظرات حادة ثاقبة ، فاقت السيف في ذلك ، أسكتت ثغر الشقية الترثار ...
لما غادر ظل النرجشي ،سحبت لسانها للخارج ساخرة ..
_سأنتقم منك لا شك !
بينما هي غارقة في تفكيرها تذكرت أنها لا زالت ضائعة ،عفوا اقصد ، تذكرت كيف ان الطريق أضاعها ، و رأت أن حلا وحيدا أمامها ،هو أن تتبع الصخرة لعله يعرف الطريق للعجوز ، رغم مرارة ذلك إلا أن إرادتها غلبت كبرياءها فراحت بخطوات حثيثة تتبع ذلك النرجسي .......
 


لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 14, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أيلا و الذئب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن