بعد سماعها لكلمات هايدي التي ظلت تطن في أذنها وتخبرها كم كانت خاطئة في حق نفسها قبل حق الآخرين, ربما الإعتذار لهذا الرجل سيجعلها تستعيد إحترامها لنفسها وإحترام الآخرين لها ثُم أنه حقاً كان خطئها في البداية ألم يكن من السهل عليها القول أنه لا يوجد مشكلة...لقد جعلته يخسر عمله كيف تفعل هذا وهي من قررت أن تتغير كلياً ولكن يبدو أنها ستظل تتعلم حتي الممات....قطع عليها حبل أفكارها صوت الهاتف علمت علي الفور من المتصل
ريما(بصوت هادئ):الو ازيك يا أستاذ أشرف
أشرف:إزيك يابنتي عاملة إيه؟
ريما:الحمد لله تمام....(ثُم أكملت بتردد) كنت عاوزة أقابل بنت حضرتك لو ينفع يعني
تشنجت عضلاته كلياً وإمتلأت عينيه بالدموع الغزيرة ثُم أردف بصوت متحشرج
أشرف:أنا مش هدخل بنتي في أي حاجة من العك ده كفاية اللي هي فيه
أسرعت مقاطعة
ريما:لالا انا مش قصدي كدا خالص..(ثُم أكملت بصوت حزين)..صدقني أنا هقدر
اساعدها وأخليها تخرج من اللي هي فيه وزي ما وعدتك هوديها أحسن مستشفيات في البلد كلامي معاها أحسن من أي حاجة أنا حاسة بيها أوي بس خليني أشوفها أرجووك
شعُر بالراحة والإطمئنان من حديثها هذا ولكن خطرت فكرة علي باله
أشرف(بإستسلام):أنا موافق بس أفضل بعد ما نخلص من موضوع ياسين ده أنا مش عاوز أي شوائب للموضوع
ريما(بإبتسامة رضا):خلاص إتفقنا....إحنا كدا علي معادنا بكرا هنخلص من ياسين صح؟
عاد التجهم لوجهه مره آخري عند ذكر ياسين ثُم قال في جدية
أشرف:أيوة بكرا أول ما هييجي خارج من الشركة هبعتلك رسالة تنفذي تمام!!
ريما:تمام أووي وأنا مش هتأخر ثانية واحدة عن اللي إتفقنا عليه....سلام
أغلقت الهاتف وهي تشعر بسعاده شديدة فقد إقترب موعد إنتقامها ستتخلص من ياسين ثُم تتفرغ لهذا الحيوان
............................................
كانت في غرفتها تستعد للرحيل نهائياً عن كل ما حولها فقد تحسنت حالة سميحة ولم تعد بحاجة إليها وستترك الفيديو لمازن وتركت هاتفها أيضا له حتي يستطيع الحصول علي شقيقته بدون مساعدتها فهي لم تكن ذات فائدة من الأساس والأن فقط شعرت كم هي معدومة الفائده ستترك كل شئ حتي تستعيد عافيتها وتعود صديقتها فتجدها كما كانت في الماضي ولكن بدون مساعده لم تعد بحاجة لمساعدة أحد وخصوصاً...هو
ستبتعد وإلي الأبد حتي تعود لها روحها..تعود نفسها التي فقدتها منذ زمن بعيد وياليته بعيد حقاً فهي تشعر أنه كان بالأمس قطع عليها شرودها دخوله المفاجئ
نظرت له مرتعبه والعرق يتصبب من جبينها وعينيها تحيط بها الهالات السوداء
مازن(بخوف):أنا بقالي ساعة بخبط قلقت عليكي علشان كدا دخلت مرة واحده
أدارت وجهها إلي الناحية الآخري وإرتدت نظارتها الشمسية..حدثت نفسها قائلة...الطبيب المتفاني يقوم بعمله للنهاية...حاورت رسم نظرة جدية علي وجهها المرهق
نادين(بجدية):أنا همشي يا مازن خلاص
حرك رأسه بعدم إستيعاب دلالة علي عدم فهمه ما قالته للتو ثُم قال
مازن:ماشية رايحه فين هتروحي البيت ترتاحي يعني ؟
نادين(بحزم):لأ ماشية خاااااالص مش هرجع تاني إلا .....
تركت جملتها مُعلقة وهي تضع حقيبتها علي كتفيها
إقترب منها رافعاً ذقنها لتواجهه ثُم قال في قوة
مازن:إلا لما إيه يا نادين إنطقي
نفضت وجهها من بين كفيه مبتعدة عنه قائلة والدموع تنهمر من مقلتيها
نادين:أنا مليش فايده إفهم بقااااا أنا واحده مدمنه مش شايف شكلي عامل إزاي انا مش بقدر أقف علي طولي من غير الحبوب اللي باخدها او لو لقيت بودرة يااااااااه يبقي أروع إحساس بعيشه
أنا إنسانة متعفنه من جوة يا مازن مقدرش أعيش وسط عيله كلها مبادئ وحب زيكم كدا أنا متعلمتش ده عارف إيه اللي إتعلمته أنا بس إتعلمت الإهمال إتعلمت إن الإنسان لازم يفضل يعمل فلوس وخلاص..(ثُم أكملت في سخرية)..زي بابا وماما كدا كل اللي هاممهم الفلوس طالما معايا فلوس أولع بجاز مش مهم أي حاجة تانية أنا بلا هوية بلا روح......مش محتاجة شفقة منك أو من غيرك يا دكتور لما أكون جديرة إني أكون صديقة أسيل صدقني هرجع...هرجع علشان هي تتشرف بيا
حاول إستيعاب هذا الإنفجار المفاجئ ثُم أسرع للحاق بها وجدها تركب المصعد هبط السلالم سريعاً أمسكها من مرفقيها برفق وهي تخرج من باب المشفي
مازن(مُحاولاً إلتقاط أنفاسه):ممكن بس تسمعيني الأول وبعدين إعملي اللي إنتِ عاوزاه....من فضلك مش هاخد منك أكتر من نص ساعة ممكن؟
أومأت برأسها دون أن تقول شيئأ أخذها معه إلي كافيتريا المشفي طلب لها كوب ليمون ولنفسه كوب قهوة..طلت تتلاعب بالشفاط بتوتر إلا أن بدأ هو بالحديث
مازن(مُبتلعاً ريقه):مش عارف أبدأ منين بجد بس كل اللي أقدر أقوله إنك لازم تكوني أقوي من كدا وأنا هفضل معاكي وأساعدك إنك تتعالجي بس أرجووكِ حاولي تصبري أسيل إنتِ الأمل الوحيد في إنقاذها مينفعش تمشي دلوقتي بجد صعب أوووي....وعلي فكرة لما هساعدك مش هساعدك شفقة أبداً إنسي إنك تفكري كدا من فضلك بطلي تقللي من قيمة نفسك
قاطعته نادين مسرعه وهي تحاول إالتقاط أنفاسها المتسارعه
نادين(بسخرية):أنا مش بقلل من قيمة نفسي هي قليله جاهزة......ولو إنت يا مازن مش هتساعدني شفقة يبقي هتساعدني ليه !!
تفاجأ من هذا السؤال لم يكن يتوقعه...تألمت من صمته وعلمت أنها الحقيقة..شخرت بسخرية
نادين(وهي تقوم):طبعاً مش هترد علشان هي الحقيقة إنت عاوز تساعدني لإني مجرد حالة إستفزتك
أمسكها من مرفقيها برفق قائلاً
مازن(برجاء):ولو إترجيتك إنك تفضلي لحد ماأسيل ترجع هتوافقي ؟؟
كان يدعو الله في سره أن توافق فقد إختار أسيل تحديداً لانه يعلم كيف تؤثر عليها
لحظة...لحظتان ثُم رفعت وجهها المغرق بالدموع إليه
نادين(بصوت متحشرج):موافقه
فقد كلمة واحده أعادت الروح إليه ولا يعلم هل وجودها بقربه هام إلي هذا الحد
هل حقاً أصبحت نادين ذات أهمية كبيرة في حياته
تعالي خفقان قلبه كالطبول عند الكلمة الأخيرة ثُم إبتسم
مازن:الحمد وأوعدك إني هساعدك إنك تتعالجي وترجعي أحسن من الأول كمان....
قاطعته بسرعه وهي تغالب دموعها ونظرت بعيداً عن عينيه
نادين(بألم): شكراً يا دكتورأنا مش محتاجه مساعدة منك...أنا هكمل علاجي لوحدي زي ما كنت طول عمري لوحدي وأوعدك طول الفترةاللي قاعداها معاكم مش هحرجك مع أهلك وهحاول علي أد ما أقدر أستحمل لحد ما أتعالج
ربما عنادك هذا ما سيجعلني أقتلك يوماً ما...كيف تُفكر بهذه الطريقة الفجة, كيف تفعل هذا أتعتبر نفسها غريبة عنا كيف هذا يا الله أأصفعها حتي تفهم أنها أهم من هذا بكثييير بالنسبة لي
زفر بعصبية وهو يدعو الله أن يصبر علي تلك البلهاء التي لا تفهم أبداً أغمض عينيه مُحاولاً تهدئة نفسه قليلاً وقرر ألا يرد عليها الأن
مازن(ببرود مصطنع):ماشي براحتك يا أنسة نادين ممكن بقي نقوم علشان نشوف هنعمل ايه في موضوع أسيل ونحلها إزاي ؟
تألمت لعدم إهتمامه!! نعم
لم تتوقعه بذلك البرود !! نعم
ولكن هذا يُحفز تفكيرها أكثر ناحية ما قررت قوله وفعله....حاولت التظاهر بالبرود هي الآخري ولكن هيهات فعيناها تقول الكثير ولكثير لذا أشاحت ببصرها بعيداً ثُم قامت
نادين:يلا بينا
ذهب هو للطبيب ليطمئن علي حالة والدته أخبره أنها في حالة تسمح لها بالخروج ولكن يجب عدم تعرضها للضغط وإلا هذه المرة ستؤدي إلي نتائج عكسية علي صحتها
لفته الراحه ووعد الطبيب أن يُحافظ عليها
وصلوا لمنزل صديقه...وكلهم أمل أن تعود زهرة المنزل ويعود كل شئ كما كان قبل إختفائها
دخلت نادين مع سميحة للغرفة حتي ترتاح قليلاً...عدلت لها الوسادة وراء رأسها وجلست جانبها سميحة(بحنان):مش عارفة من غيرك كنت هستحمل الأيام إزاي من بعد أسيل
نادين(بتأثر):أسيل هترجع يا طنط ومتخافيش والله إدعيلها إنتِ بس..وأنا عمري ما هسيبك
قالت جملتها الأخيرة وهي تغالب دموعها التي دائماً ما تخونها إحتضنتها بشدة تتلمس فيها حنان الأم الذي فقدته منذُ زمن طويل...طويل جداااا
إحتضنتها سميحة تتلمس فيها رائحة طفلتها الحبيبة زهرتها الصغيرة ربتت علي شعرها البني الجميل وإبتسمت بشحوب
سميحة:ممكن تعمليلي شوية شوربة !!
نادين(إبتسمت من بين دموعها):هو الحقيقة يعني ياست الكل أنا فاشلة جداااا
ضحكت سميحة بشدة علي ما قالته ثُم قالت بحنان
سميحة:هقولك دي بسيطة اوي بس تتعلمي بسرعة بقي لاني هقولك ع الخطوات وانتي هتروحي المطبخ تعمليها لوحدك
ناندين(بإبتسامة):عيووووني ها يا فندم قولي الخطوات بقي
أخبرت نادين ببساطة كيفية عمل الشوربة كانت تشعر ببعض السعادة لانها فقط وجدت من يرشدها لشئ حتي لو كان بسيط ولكنها وجدت من يهتم بتعليمها كم كانت تشعر بالنشوة وهي تقف بمنتصف المطبخ وتحاول إعداد المكونات التي أخبرتها بها سميحة
كان يراقبها من بعيد وهو يجلس علي المقعد المقابل لباب المطبخ ويبتسم بجذل وهو يراها كأنها تقوم بعملية حسابية صعبة وتضع إصبعها في فمها وتعيد خصلاتها البنية للوراء بتذمر عندما تضايقها...ضحك من نفسه بشدة ها هو مازن قاهر النساء في الخارج يخفق قلبه لمتمردة رقيقه عنيدة بشدة
سحقاً يا إمرأة...ألا تفهمين نظراتي!!
لقد يأست من عنادك السخيف هذا..
رفعت راياتي البيضاء وإستسلمت أمام تمردك علي اللاشئ
ألا تشعرين بي أكاد أحترق أمام نظراتك التائهة...
أتخبط وأتعثر أمام إبتساماتك الشاردة
ألا تشعرين بي أخفي مشاعري وراء غضبي الدائم!!
فلتعلمي ياصاحبة الرأس الحديدي أني بست نبيل إلي هذا الحد...
لستُ نبيلاً لحد أن أُسلم قلبي لإمرأة لمجرد شعوري بالشفقة نحوها....
أيتها الحمقاء الساذجه أنا أُشفق علي حالي...علي أحاسيسي التي لا تجد صدي لديكِ
توقفي عن رثاء ذاتك ,توقفي عن شعورك بالحزن علي ذاتك
من تملك قلبك كقلبك ,عينان كعينيكِ, وشجاعة كشجاعتك لا تحزن
لقد نفذ صبريعليكِ يا صديقة...أنا أكاد أضرب رأسك بالجدار لتفهمي...
أحبك يا بلهاء....كم علي أن أُكررها ليدركها عقلكِ التافه!!!
أحبك يا عنيدة...كم علي أن أُكررها لتلقي بالاًعليَ!!!
أحبك يا ساذجه..كم علي أن أُكررها لتقابليها في المقابل!!
أنا هنا أمام شفتيكِ المتلعثمتين ويداكِ المرتعشتين وعيناكِ الذابلتين
لا ألقيِ هماً لذلك..جلَ ما يهمني
هو قلبي الخافق الذي أضعه بين يديكِ
سُحقاً يا إمرأة ألا تفهمين!!!!
.................................................
في غرفة ذات لون أبيض وملاءات بيضاء تجلس هي مغمضة عينيها ولكن بقلب أسود لا يُلائم بياض الغرفة بوجه كظيم وعينان حمرواتان وشعر مربوط بمشبك صغير ضامة ركبتيها إلي صدرها تُحدق في اللافراغ عينان شاردتان دموع حائرة من يراها يظن أنها في السبعون وهي لم تتعدي الخامسة عشر...فقدت روح وحياة وكل ما تمنته كفتاة تحلم فقدته في أسوأ وأبشع منظر ليتها ماتت قبل أن تتعرض له ليتها ماتت وهي تختبره هذا فقط ما كانت تفكر فيه لم تكن تصرخ او تتحدث فقط يدور كل هذا في خلدها
تذكرت تنازل والدتها عن المحضر خوفاً من الفضيحة....ويالها من فضيحة ستُثيرها فإبنتها ذات الخامسة عشر إعتدي عليها زوج والدتها
تشعر بالخواء في قلبها الخافق الذي تتمني أن يتوقف عن الخفقان......لم تكن تعلم أن هناك من دخل إلي الغرفة ينظر لها وهو يقسم أن يقتله وسيفعل ...رغم انه لن يهدأ حتي بعد أن يفعلها
أخبره الطبيب أنها لن تتحدث ولكنه يعلم أنها ستتحدث معه ومعه فقط
تنحنح قليلاً وهو يقترب ليجلس بجانبها وضع يديه علي كفيها المتكورتين إلا أنها إنتفضت بشدة ناظرة له بخوف لم يعهده....
أمسك مرفقيها برفق إرتعشت بشدة ونظرت له بتشوش ولكنه ضغط غلي مرفقيها بحزم ولكن بحنان بالغ
يوسف:حبيبتي أنا يوسف أخوكِ متخافيش...أنا جنبك وعمري ما هبعد عنك أبداً وهجيبلك حقك
إرتعشت بشدة عند سماعها الجمله الآخيرة وبدأت دموعها في الإنهمار مرة آخري
جذبها بين ذراعيه كاد أن يزرعها بين أضلعه أخذت تنتفض بشدة بين ذراعيه ولكنه لم يتركها بل شدد عليها بقوة كانت تضربه بضعف ووهن.......كبل يديها برفق وهو يحاول تهدئتها هامساً في أذنيها ببعض الكلمات التي كان يقولها لها وهو صغيرة حتي تهدأ
هدأت تماماً عن الحركة نظر لها وجدها مُتشبسه بقميصه الذي بللته بدموعها تحتمي به دافنه رأسها في صدره...أزاح بعض الخصلات عن عينيها حملها وهي مازالت متشبسة به ووضعها علي الفراش وجلس بجانبها محتضناً إياها بشدة
لم يستطع منع دموعه من السقوط وهو يري وردته التي ذبلت بفعل هذا الحقير الذي دنس برائتها وإنتهك روحها وحرمتها تذكر ما حدث منذ ساعات فتوحشت نظراته وإبيضت مفاصل كفيه حتي قرر أن هذا الحقير لن يحيا بعد اليوم....لن يري النور كما أطفأ نور حياتها
.................................................. .......
في الصباح إستيقظت علي الرنات المتتابعه للهاتف نظرت لله بكسل فالأمس نامت بعمق لأن اليوم ربما يكون أول أيام سعادتها وجدتها هايدي ردت عليها بصوت نائم
ريما:أيوة يا هايدي إزيك؟
هايدي(بإبتسامة):صح النوم يا هانم كل ده نووم!!
ريما(بإبتسامة):معلش بقي أصلي بقالي شهور منمتش حلووو كدا
هايدي:طيب صحصحي بقي كدا علشان أنا بعت الظرف اللي فيه إدانة ياسين باشا للنائب العام وطبعا بعد إتصال صغير من أصحابه اللي بيحبوه زيادة هنخلص منه عل طول
قفزت من الفراش في فرحه ثُم قالت
ريما:بجد!!! ياااااااااه أنا مبسوطة أووي بس الأستاذ أشرف قالي هيبعتلي رسالة علشان نخلي الراجل بتاعه يحط المخدرات في العربية
هايدي(مقاطعه):لالالالا دي ملهاش لازمة وهتبقي مكشوفة أوووي وانا كلمت أستاذ أشرف وقلتله وبعدين الورق ده متقلقيش هيوديه في ستين داهية وهيتظبط في السجن بتوصية من الناس التانية فاهماني؟
ريما(بتفهم):أيوة فهمت خلاص المهم عندي إنه يتظبط....ها هتجيلي؟؟
هايدي:لأ إنتِ اللي هتجيلي ياحلوة علشان تشوفي ورق كليتك بقي وتكملي جامعتك
إرتعشت من الجملة الأخيرة فهي لا تريد العودة لذلك العالم مرة آخري وتعلم جيداً انهم لن يتقبلوها كما لم يتقبلوها من قبل...ولا تعرف إذا كانوا مازالوا يعلمون ما حدث لها أم لا
وهناك ما هو أهم من هذا كله هذا الآسر الذي سلبها كل ما أرادت يوماً...لا ليس قبل أن تدفن هذا الماضي الأليم وراء ظهرها...قالت بتردد بعد فتره ليست بالقليل
ريما:مقدرش أرجع يا هايدي علي الأقل دلوقتي
هايدي(بإستهجان):ليه أنا مش فاهمة بجد يا ريما ؟؟
ريما(بإصرار):مقدرش أرجع قبل ما أنفد إنتقامي كاااامل يا هايدي وإنتِ عارفة ده من فضلك بلاش تضغطي عليا
هايدي(بإستسلام):طيب هتحتفلي معايا بإنتقامك الأول ولا لأ بردوا
عادت الإبتسامة تزين وجهها الجميل مرة آخري وهي تقول
ريما:لما يوصلني الخبر الأكيد إنه قاعد علي البورش هعزمك في كافيه حلو أوي
هايدي(بإبتسامة)::ماشي خلاص إتفقنا...يلا سلام دلوقتي عندي محاضرات وبعدها هعدي عليكِ
أغلقت الهاتف مع هايدي وهي تشعر بالسعادة وفي داخلها قررت شيئاً ربما يكون هو السبب الرئيسي في تغيرها بالكامل
..................................................
أنهت إعداد الشوربة كأنها قامت بأصعب عملية حسابية علي الإطلاق ولم تكن في وضع يجعلها تنتبه لهذا الذي لم يغفل عن أي حركة كانت تقوم بها بل خفق قلبه مع كل همسة همستها لنفسها وكل حركة بيديها وخصلات شعرها الثائره حتي عينيها وهي تحيد هنا وهناك لم يغفل قلبه عنها ولم تتحرك عينيه بعيداً عنها
وضعت الشوربة علي صينية صغيرة وهي تتجه لغرفة سميحة فوجئت به يقف أمامها تماماً يسد عليها الحركة قائلاً بصوته الهادئ الرخيم
مازن:هاتي وانا هوديها لماما وروحي إرتاحي شوية
غزا اللون الأحمر وجنتيها وإرتعشت يديها قليلاً وخفق قلبها من صوته المخترق لأذنيها....إقترب أكثر قليلاً وهمس بجانب أذنيها برقة شديدة
مازن:إنتِ تعبانة بقالك كذا وكنتِ بتعملي عملية صعبه أوي في المطبخ روحي ريحي ولو ماما إحتاجت حاجة تانية أنا هعملها
ووضع يديه فوق كفيها الممسكين بالصينية
ألا يرحم ضعفها أمامه..ألا يرحم خجلها..من الواضح أنه كان يتابعها طوال الوقت وبالطبع سخر منها حاولت سحب كفيها وقلبها يقرع كالطبول مرتعشه بشدة
الغريب أنها إنسحبت من أمامه جرياً دون أن تثور عليه كما تفعل دائماً دخلت الغرفة المجاورة ووضعت يديها علي وجنتيها المرتعشتين خجلاً ثُم نقلتها لقبلها النابض في محاولة فاشله لتهدئة طبوله جلست علي الفراش وإحتضنت الوسادة وهي تبتسم ببلاهة حتي غطت في نوم عميق
أما هو عندما شعر بإرتعاشها تحت يديه علم أنه فقط كبريائها وغرورها ما يمنعها عنه
إذن حبيبتي هي الحرب وكم أحبها.....رسم علي وجهه أجمل إبتسامة وهو يدخل علي والدته وجد ياسر يجلس بجانبها علي الفراش ممسكاً بكفيها يطمئنها أن كل شئ سيمر بخير
مازن:الشوربة ياست الكل.....وبعدين مش كفاية دموع بقي إحنا قلنا إن شاء الله أسيل هترجع
نظرت إلي السماء وهي تقول كلمة واحدة فقط (يااااااااااااارب)
وضع الصينيه علي الكومود بجانبها وجلس علي الجانب الآخر ممسكاً يديهم هما الإثنين مقبلاً إياهما وهو يقول بحنان بالغ
مازن:علشان خاطري متزعلوش أسيل هترجع وهنفضل مع بعض علي طول إن شاء الله بس الصبر
قبله ياسر من رأسه والدموع تتجمع في مقلتيه تأثراً
ياسر:ربنا يخليك لينا ياحبيبي
سميحة(إحتضنته):ياااااااااااااارب
مازن:يلا بقي كلي علشان خاطري أكلها يابابا وانا هحاول أرتاح شوية....نادين راحت تريح شوية لأنها تعبانة معانا من يوم ما جت
وخرج من الغرفة بعدما قبلها هما الإثنين
أراح ظهره علي الأريكة في الردهة يفكر في صغيرته شقيقته الحبيبة يتذكر كيف كانت تشاغبه وهي يستذكر دروسه فيحملها علي كتفه ويغرقها بالمياه وهي لا تكل ولا تمل من مضايقته آآآه كم إشتقت لكِ..رب إحفظها لنا وأعدها لنا قريباً يالله
.................................................. ....
إرتعشت يديه وهو يتذكر إرتعاشها بين ذراعيه بل إنتفاضها وخوفها أغمض عينيه بألم وهو يحدث نفسه قائلاًَ
ياليت لم يكن هناك ماضٍ
ياليتني أستطيع محو ذاكرتي
ياليتني متُ قبل كا هذا
ياليت لم يكن لي قلب وقت ما حدث ربما لم أكن لأتألم هكذا
ياليتني كنت خير سند لكِ ربما لم يكن هذا ليحدث
ياليتني وياليتني
أخذ نفساً عميقاً عندما رن هاتفه إبتلع ريقه بصعوبة وهو يتعرف علي المتصل الذي كان سبباً رئيسياً في تكوين هذا الشيطان...عادت النبرة الجامدة لصوته
آسر(بجمود):أيوة يا عُمر
عُمر(بهدوء مصطنع):طارق باشا كلمني وقالي إنك قلتله هتتصرف ممكن تقولي ناوي علي إيه؟
آسر:تعالي وأنا أتكلم معاك نفكر سوا لأني لسه مفكرتش في حاجة محددة
إبتسم عُمر بمكر ها هي فرصته ليري الحلوي التي إشتاق لتذوقها
عُمر:أجيلك دلوقتي ؟؟
آسر:أيوة دلوقتي
ثُم أغلق الهاتف دون كلمة آخري وحادت عينيه للغرفة المغلقة منذ إنفجاره بها وسماعه شهقاتها المكتومة من وراء الباب إلي أن سكنت تماماً....قام من مكانه مُتجهاً إلي مصدر إعادة آلامه وعذابه...فتح باب الغرفة وجدها ضامة ركبتيها إلي صدرها متكورة علي الفراش وآثار الدموع علي وجنتيها وأفلتت خصلة ذهبية من شعرها لتنير وجهها الرقيق ظل واقفاً جامداً لا يظهر علي وجهه أي تعبير إلي أن تململت في نومها وفتحت عينيها علي حين غرة فإلتقت أعينهم في حديث صامت غير منتهي عينين حادتين كالصقر وعينان غزالة جريحه خائفة ولكن تشعان بحنان غريب إلا أن قطع هو حديثُ الصمت هذا قائلاً بصوت جليدي
آسر:قومي يلا علشان تاخدي الدوا
إعتدلت في جلستها وعدلت حجابها ثُم سألته مباشرة ودون مواربة
أسيل:هو إنت ليه بتساعد طارق ده ؟؟
تفاجئ من السؤال نعم....تفاجئ وبشدة أيضاً ولكن بالطبع لم يبدو عليه أي تعبير فقط نظره لها نظرة فارغه ثُم هم بالخروج من الغرفة إلا أنه شعر بكفين صغيرين ممسكين بقميصه الأسود نظر لها بحدة ولكنه لم تخاف من القول بصوت يقطر حناناً
أسيل:أنا عارفة إن جواك حاجة جميلة أوي وحنان مهما حاولت تخبي دي فطرة موجودة جواك إنت مش وحش ومش قاتل متسمحش للشيطان إنه يتغلغل جوا قلبك لانك أحسن من كدا صدقني بس قرب من ربنا وهتشوف أجمل حياة ممكن تعيشها إبعد عن طارق وصاحبك الغريب واللي زيهم وهتكون أحسن من كدا
كانت تتغلغل بداخله بدون أن يشعر حتي بذلك.....نبرتها وصوتها وعيونها المعبره تشبهها كثيراً
ما هذا ماذا تفعل هذه الفأرة الصغيرة بي إنها تتوغل وتتوغل دون رحمة داخل خلاياي
نفض يديه منها بقسوة وعينيه حاداتان كالصقر وقال لها بصوت كالفحيح
آسر:يإما تبطلي اللي إنتِ بتعمليه يإما صدقيني هيكون آخر نفس ليكِ إنهرده
وخرج صافقاً الباب خلفه بقوة......إرتعشت بشدة من نبرة صوته القاسي
كان قلبها يهدر بعنف بين ضلوعها حتي التنفس الذي قال أنه سيتوقف كان قد توقف بالفعل وجنتان مشتعلتان لاتعلم هل بفعل إقترابه منه أم بفعل كلماته القاسية التي لا تقترب من الرومانسية بأي شكل ولكن مجرد أنفاسه التي لفحتها وعيناه اللتان لم تحيدا عن عينيها كانت كفيلة بإهدار آخر ذرة من التماسك لديها......أيخفق قلبي حقاً لمجرم قاتل !!
حاولت تهدأة أنفاسها المتلاحقة وجلست علي الفراش تاخذ نفساً عميقاً حقاً تريد الهروب والإبتعاد بشدة عن هنا....بداخلها تعلم أنه لن يؤذيها ولكن هي خائفة من قلبها نعم خائفه كل الخوف
خرج من الغرفة كأنه لم يخرج حقاً بل ظلت عيناه معلقه بالباب الفاصل بينهما دقيقة...دقيقتان
لم يشعر بالوقت حقاً إلي أن إقتحم عليه خلوته دخول عُمر المفاجئ الذي أخرجه من شروده سريعاً
قال عُمر بصوت حاول أن يكون مرح ويخفي ما بداخله من حقد
عُمر:معلش إتأخرت عليك علي ما خرجت من القاهرة الشوارع زحمة أوي إنت عارف
رد عليه بصوت هادئ
آسر:طيب......أقعد
جلس عُمر علي المقعد المهترئ بجانبه وعينيه معلقه بالغرفة التي تسكن بها حلوي أراد تذوقها منذ أن رآها
عُمر:ها فكرت في حاجة نرجع بيها الفيديو
آسر(لاحظ نظراته ولم يعلق):أنا كلمت صاحبتها بس لسه ما إتفقتش معاها علي حاجة المفروض هكلمها علشان أتفق معاها علي معاد نخلص فيه كل حاجة
عُمر:طيب تمام وبعدين هتكلمها إمتي يعني؟
تصلب فكه قليلاً لانه حقاً لا يعلم متي سيتخلص هذه الفتاه لينهي هذا الجحيم في أقرب وقت
آسر:إنت رأيك إيه نتفق معاها علي إيه....هي هيكون معاها أخوها علي فكرة
تضايق عُمر من فكرة وجود شقيقها معها فربما يُمثل خطراً عليهم
عُمر(بضيق):طيب وإنت متأكد إن أخوها ده مش مدبرلنا حاجة أو مثلا عامل نسخة من الفيديو؟؟
ضربت برأسه هذه الفكرة وتضايق حقاً من عدم تذكره لشئ كهذا وهو الذي لا يترك شئ في مهامه إلا ويعلم جيداً كيف يخطط له...كيف نسي شياً كهذا!!
أهو بفعل تلك الفتاة التي لم تنفك تضرب رأسه بالأفكار ولا تتركه ليلاً أو نهاراً ما هذا
أأقتلها حتي أنتهي منها...ولكن هل سأنتهي حقاً من صوتها الذي يطاردني حتي في أحلامي
قام من مكانه فجأة بعدما خطرت بباله فكرة....نظر لعُمر بهدوء لا ينم عن المشاعر العاصفه بداخلة كالأمواج المتلاطمة
آسر(بهدوء مصطنع):روح إنت دلوقتي ياعُمر وهكلمك أقولك هنعمل إيه...
تضايق عُمر من طريقة كلامه...ألم يكن هو من أردا منه المجئ في البداية
عُمر(بضيق):يعني إيه أمشي إنت مش قلتلي أجي علشان نشوف هنعمل إيه؟
آسر(بنفاذ صبر):خلاص يا عُمر مش وقته هفكر وأكلمك يلا دلوقتي
خرج عُمر بدون كلمة آخري ولكن الدماء كانت تغلي في عروقه بشدة هكذا ستختار التحدي آسر ولكن لست جدير به صديقي.....
أما هو فدخل إلي الغرفة دخولاً عاصفاً فإنتفضت من مكانها وجدته بنظرته الحادة ووقفته الشرسة مُقبلاً عليها كأنها مجرد فريسته
أمسكها من ذراعيها حتي كادت أنفاسه الحارقة تحرقها معه
آسر(بصوت مخيف):الفيديو ده فيه إيه بالظبط؟
لحظة...لحظتان لم تستوعب ما كان يسأل عنه..إرتعشت تلقائياً من لمسته الحارقة فوق ملابسها وتعالت دقات قلبها من أنفاسه التي لفحتها حتي وإن كانت هادرة
هزها مرة أخري بعنف أشد أخرجها من أفكارها نظرت له بتشوش ثُم قالت
أسيل:فيديو..إيييه؟؟
نظر للسماء بنفاذ صبر..حتماً غبية أو تدعي الغباء لم يعد هناك مجال لتأثيرك عليَ مرة آخري
نظر لها بقسوة وعيناه الحادتان تخترقان كل حصونها إختراقاً
آسر(بعصبية):الفيديو اللي صورتيه إنتِ وصاحبتك...إنطقي يلااااااا
بدأت دموعها في الهطول ونظرت له برجاء وهي ترتعش بين يديه بشدة
أسيل(بدموع):إنت ليه بتعمل كدا أرجوك إنت بتوجعني
نظر لها بدهشة ونظر ليديه اللتان تعتصران ذراعيها وأعاد نظره إليها وجدها تنظر له بألم وعينان زرقاوان ترجوانه أن يتركها....تركها فجأه لا يعلم هل يديه تركتها أم قلبه الذي تركها حقاً!!
أكلمت والدموع تغزو عينيها بقوة وتتساقط كما المطر
أسيل:الفيديو فيه صورتك إنت وصاحبك القليل الأدب ومن غير كلام لان صوتكم مكانش واصل أصلاًَ....خلاص
خرج من الغرفة صافقاً الباب خلفه بعنف للمرة الثانية هذا اليوم
لا يعلم ماذا يحدث له ما هذا التخبط الذي يشعر به!!
أهذا هو آسر الذي كان لا يحركه شئ !!
أهو من يتحكم بإنفعالاته ومشاعره إذا كان يمتلك مشاعر من الأصل!!
نفض كل هذه الأفكار من رأسه بقوة.....
يجب أن أتخلص منها في أسرع وقت ممكن لا أريد الفيديو فليس لنا سجل في هذه الحكومة ولذا لن أقلق.... سأعُيدها فقط من حيثُ أتت وينتهي كل شئ وقتها....هذا وإنتهي
أما هي فكل ما كانت تفكر به لما يخفق قلبي كلما إقترب
لما تلك العينان تمتلكان ما يأسرني هكذا
لما!!
تملك قلباً....
حسناً..لابد أنك تمتلك قلباً يخفق
_وبرهاني أنك....أنك...أنك حي!!
_قد أكون مجنونة ومتهورة وساذجة إلا أنني لا أري الأشخاص يغير حقيقتهم
_أنت تملك قلباً وحنون أيضاً
_رغم السواد الذي يغشي صدرك إلا أنك تملك قلباً
_رغم عبوسك الدائم وغضبك المفزع وذنوبك البشعه ....أنت تملك قلباً
_رغم إغلاقك لكل الطرق أمامي ...أنت تملك قلباً
_رغم إبتعادك وإنتشال نفسك عن كل ما هو إنساني...أنت تملك قلباً
_وبوجهك الجليدي واحاسيسك المغطاة..ومشاعرك المُدثرة....لابد أنك تملك قلباً
_لما تدعي كونك قادم من الجحيم! وكل من يلمسك يحترق !!
أنا لن أستطيع التغزل في نبل أخلاقك ولكنك برغم خشونتك وغلظتك..أنت أماني
لذا فأنا أعلم..أعلم أنك...تملك قلباً
.نظراتك المصممة وصمتك الدائم الذي تقطعه بكلمات كالخناجر وعقلك الذي يتفنن في تصوير أبشع الجرائم ما هي إلا طرق لإخفاء أنك .....تملك قلباً
تملك قلباً سأُساعده أنا علي الظهور من بين براثن معاصيك...سأُظهر لك قلباً يُمثل كل ما هو طاهر للحياة..من بين ألاف التعقيدات حولك ستُفلت نفساً يحمل سرك
يخبرني أين هو وسأقتلعه لأخرج به عبر غابات أسرارك ...
_رغم رعبي..فزعي وإخفاقي..سأصل يوماُ إلي قلبك لانك
تملك قلباً
خرج من عندها يريد أن يهدم أي شئ أمام عينيه...يقتله...يهرب من عينيها البريئتين....نبرتها الرقيقة المتوسلة...شفتيها الهامستين بأرق الكلمات كأنه لم يهددها بالقتل أكثر من مرة وياليته كان يستطيع قتلها فينتهي من هذا العذاب
تتغلغل بداخله كما المرض ودون شعور منه يتقبل هذا التغلغل بصدر رحب
يجب أن تعود قوته مرة آخري....يجب أن يراه الآن فهو بحاجة شديدة
لإحتضانه...لإحساسه بالأمان بين ذراعيه
أمسك الهاتف دون شعور منه وضغط علي أزراره بأصابع تكاد تُهشمه من شدة توتره
وصله الصوت الحاني الذي لطالما جعله يشعر بأن لديه حق في أن يكون إنسان
إبراهيم:ألو
آسر:إزيك يابابا
إبراهيم(بلهفة):يوسف حبيبي وحشتني أووووي كدا تتأخر عليا؟؟
تألم قلبه لسماعه إسمه من بين شفتيه الإسم الذي نسيه منذُ زمن طويل بل دفنه لانه شعر أنه لا يستحق هذا الإسم....فهو ليس بإسم قاتل أغمض عينيه في ألم وقال بصوت يقطر حنان
آسر:إنت كمان وحشتني أووي..أنا أسف إني إتأخرت عليك بس غصب عني هجيلك قريب صدقني
إبراهيم(أدمعت عيناه):إمتي يا يوسف إنت الوحيد اللي باقيلي بعدها تعالي بقي يابني وريح قلبي
فرك رأسه بتعب عندما تذكرها....شعُر بقبضة تعتصر قلبه وأضاقت تنفسه فأخذ نفساً عميقاً مُحاولاً تهدئة نبضاته التي لم تخفق إلا لوالده
آسر(بألم):من فضلك إهدي قريب أوي هكون معاك....علشان خاطري خد الدوا بتاعك في وقته ومتغلبش الدكتور زي كل مرة ماشي
إبتسم إبراهيم لمداعبته ولكن لم يخفي عليه ألمه الشديد الذي يجاهد في إخفائه حتي عن نفسه
إبراهيم:حاضر ياحبيبي هاخد الدوا وهستناك تجيلي
آسر:قريب أوي .....خد بالك من نفسك يابابا مع السلامه
أغلق الهاتف وأعاد ينظر للباب المغلق..إقترب ببطء شديد فأرهف السمع لعله يسمع منها أي شئ
ولكن فقط شهقاتها المتقطعه التي تعذبه بها كل ليلة
جلس علي الكرسي المهترئ وهو يفكر قرر الإتصال بعُمر ليُخبره ما هو مُقدم علي فعله
ولكن هل سيتقبل عُمر أن تغيب الحلوي عن عينيه وإلي الأبد أم سيكون له رد آخر!!
...........................................
جالسه في الشرفة تنظر للخضره الشاسعه الجميلة أمامها لأول مرة تتأملها منذ أن وصلت إلي هذا المنزل وكلن شعورها بالسعاده يتفاقم فقد إتصل بها أشرف منذ قليل وأخبرها أن ما أرادته تم بدون أي خطأ وأن ياسين يقبع الأن تحت الحبس الإحتياطي وغداً سيُعرض علي النيابة وبالطبع كل شئ سيتم بسرعة البرق لأن من يكره ياسين ولا يريده علي الساحة أقوي منها بكثير وبهذا تسهل مهمتها كثيراً....ولكنها لن تشعر بالسعادة الكاملة إلا عندما يُذل هو الآخر ويُقتل لا تريده أن يقبع بداخل زنزانة بين المجرمين بل تريده أن يُقتل..يُدفن كما قتل فيها كل حب للحياة
ولكنها ستشكره يوماً ما لأنه جعلها تتغير لأفضل ما فيها وتري الحياة كما هي وليس كما تريد
تري الناس كما يجب أن تراهم وليس كما تحب أن تراهم واليوم تحديداً ستبدأ أولي مهامها في تغيير شخصيتها
ضغطت أزرار الهاتف تطلب رقم هايدي
هايدي(بإبتسامه صادقة):مبرووووووووووووك ياقلبي
ريما(بفرحة):الحمد لله خد جزاءه وبالمناسبة الحلوة دي عزماكي ع الغدا تعالي يلا عدي عليا علي ما ألبس
هايدي:أوك نصايه وأجيلك...سلام
أغلقت الهاتف وقامت لتنتقي طقم ترتديه اليوم فكرت ثُم وجدت شيئاً جعلها بسيطة ورقيقه وليست متعجرفه وهذا ما أرادته بالتحديد
إرتدت قميص قطني باللون الوردي وسروال جينز حذاء رياضي أبيض بخطوط وردية ورفعت شعرها لأعلي مرتدية نظارتها الشمسية ووضعت معطفها ولم تضع أي مساحيق فوجهها المنير بالسعادة لم يكن بحاجة لإنارة آخري
خرجت مع هايدي وتناولوا الغداء في إحدي المطاعم المتوسطة في القاهرة وكان هذا هو شرطها أرادت الشعور بالحياة بمنظور مختلف عما كانت تراه في الماضي
هايدي(بدهشة):أنا مش مصدقة أنك قاعده في مطعم بتاع سندويتشات وبتاكلي عادي كدا
ضحكت من قلبها إثر كلمات هايدي التي كانت تنظر لها بدهشة لا تستوعب أن هذه صديقتها
ريما:علي فكرة المطعم نضيف اهه أنا مش جايباكي في محل كشري مثلاً
هايدي(بإبتسامة):أيوة بس سيادتك كنتِ بتدخلي أفخم المطاعم مش مطعم عادي كدا فيه شباب وبنات من الطبقة الوسطي
إبتسمت ريما ولكن بألم هذه المرة وتركت السندوتش الذي كانت تلتهمه بنهم منذُ قليل ثُم قالت
ريما:ياريتني كنت زي الناس دي ياهايدي ياريتني كنت عادية مش مغرورة ولا متكبرة مكنش كل ده حصلي
أمسكت هايدي كفيها بمؤازرة
هايدي(بأسف):أنا أسفه حبيبتي مكنش قصدي أضايقك سامحيني وبعدين إحنا بنتعلم يلا بقي كلي علشان أنا عاوزة أروح بسرعه
وغمزت بعينيها ولم تعلق
ريما(بإستغراب):إشمعني وبعدين بتغمزي ليه فيه إيه؟؟
هايدي(بإبتسامة):اصلي عندي ليكي خبر كدا ومكنتش عاوزة أقولك عليه غير لما تخلصي من ياسين
ريما:حلو ولا وحش؟
هايدي:لا والله حلو إن شاء الله يعني...(وأكملت بتردد)..الحقيقه فيه واحد زميلي في الجامعه معجب بيا يعني وجاي هو وأهله يتعرفوا علينا إنهردة
أحتضنتها ريما بشدة وهي تدمع من كثرة الفرحة
ريما(بحب):ألف مبروك ياحبيبة قلبي طبعا انا موجودة في الخطوبة ولا إيه؟؟
هايدي(بدموع):طبعا انتي أختي وحبيبتي وأقٌرب حد ليا
ريما(بإبتسامة):طيب يلا بقي يا أستاذه عاوزينك تبقي جاهزة إنهرده علي سنجة عشره كدا بس تحكيلي كل حاجة بالتفصيل الممل مفهوم
هايدي(وهي تقوم):مفهوم يا باشا
قامت الفتاتان وكل منهما غارقة في أفكارها هايدي تشعر بالسعاده لأنها ستبدأ حياة جميله وهادئه مع من تحب أما ريما قررت أمرا وستفعله الأن
بعدما تركت هايدي إتجهت إلي مكان تعرفه جيداً وعندما دخلت رحب بها صاحب المكان بشدة ولكن لم تبالي به فقد ظلت عيناها تبحث عن وجه أهانته وكانت علي وشك جعله أن يُطرد من عمله...ولكنها لم تجده بل وجدت شخصاً أخر يرتدي نفس ملابسه فعلمت أنه ربما يكون صديقه
ريما(بتردد):لو سمحت!
محمد:أيوة حضرتك أؤمري يافندم
ريما(إستعادت قوتها):كنت عاوزة أسأل علي واحد بيشتغل هنا إسمه....أحمد؟
محمد(بإستغراب):أحمد ساب الشغل من فتره يا فندم أي حاجة أقدر أساعدك بيها
ريما(بخيبة أمل):لأ شكراً
وذهبت وهي تجر أذيال الخيبة ولكن طرأت علي بالها فكرة فعادت مسرعة لهذا الرجل ثُم قالت
ريما:معلش لو سمحت كمان سؤال
محمد(بإبتسامة مجاملة):أؤمري يافندم
ريما(بتردد):هو إنت تعرف هو ساكن فين ؟
محمد:ايوة طبعاً
أخرجت من حقيبتها ورقة وقلم ثُم أعطتها له حتي يكتب العنوان
كتب لها العنوان وأعطته بعض المال وخرجت لتوقف تاكسي فقد تركت سيارتها بالمنزل لانها خرجت مع هايدي
أنزلها التاكسي في منطقة شعبية متهالكة المباني تركها السائق تكمل طريقها مشياً في الزقاق الضيق إلي أن وجدت أطفال يلعبون في الشارع ويرمحون إقتربت منهم في وجل وسألت أحدهم علي بيته دلها عليه علي الفور
كان المبني متهالك متشقق الجدران صعدت السلالم كأنها تتسلق جبل وخائفه جدا فالسلالم ضعيفه حتي وصلت أخيراً فأخذت نفساً عميقاً....طرقت الباب عدة مرات ولم تسمع رد
عادت للطرق مرة آخري ولكن أوقفها ذلك الصوت الجهوري
أحمد:إنتي بتعملي إييييييييه هنا؟؟؟؟
..........................................
أنت تقرأ
فى جحر الشيطان
Misterio / Suspensoهل هذا هو الشيطان في صورة الإنسان؟! سمعت من يتحدث عن وجود شيطان يتمثل في صورة إنسان.....ولكني لم أتوقع للحظه أني سوف أقابله...أراه بأم عيني فقد وقعت في شِركه .....رأيته يقتل..يذبح..يؤذي...بلا مشاعر لا يرف له جفن....متحجر القلب....بل إنه ليس لديه قلب...