الفصل السادس والعشرون

12.5K 326 3
                                    


عيناه التي تعشقها وتشتاقها تنظر لها بإستجداء تُطالبها بالإنتظار...يناجيها بتلك السلسلة التي كانت أعطتها له من قبل...يخبرها ألا تتركه فهو لم ولن ينساها أبداً...يطلب منها أن تظل قوية كما عهدها دوماً ألا تستسلم لأحزانها...فجأة يقف ظل في المنتصف بينهما يتضح أنه إياد يحجب عنها رويته...تبكي في محاولة للوصول له دون فائدة
تحاول النطق بإسمه فلا يستطيع أن يخرج من بين شفتيها
فتحت عينيها بذعر وهي تنظر حولها والدموع تبلل وجنتيها بينما جسدها يرتجف بشدة....إرتشفت القليل من الماء وهي تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم
إحتضنت نفسها بذراعيها ثُم قامت بقدم مرتجفة تتوجه ناحية الخزانة الخاصة بها وهي تخرج هذه الورقة التي كتبها لها...إستندت بظهرها علي الخزانة وهي تجلس علي الأرض تقرأ تلك الكلمات التي خطّها قلبه قبل يديه....نظرت لهذه الحروف التي إخترقت قلبها (إلي لقاء لن يحدث ياحبة القلب...أحبك)
شهقت والدموع تسيل من مقلتيها....ضمّت الورقة لصدرها كأنما تضمه هو....قامت من مكانها بتثاقل فتحت الشرفة وهي تنظر للقمر في السماء الصافية همست تُحدثه
أسيل:قوله إني مستحيل أنساه...قوله إنه وحشني أوي..قوله لو فات سنين هفضل أحبه...ومهما بعدنا مفيش حد هياخد مكانه في قلبي..طمنه إني هستناه وعارفة إنه جاي...بحبك يا يوسف
أخذت نفس عميق وهي تشعر بنسمة باردة تلفح وجهها تخبرها بصمت أن الرسالة ستصله
أغلقت النافذة وإبتسامة عشق خالصة ترتسم علي شفتيها....تسللت تحت الغطاء ثُم غطت في نوم عميق
إستيقظت في صباح اليوم التالي وهي تشعر براحة غريبة تتملكها...كان اليوم طبيعياً كتبت مقالها وأدت فروضها حتي عاد مازن في المساء....
طرقت عدة طرقات علي غرفته ودخلت وجدته يقرأ كتاباً أغلقه بهدوء وهو يلاحظ توترها
مازن:تعالي يا أسيل
فركت يديها ببعضها بتردد شديد وهي تجلس بجانبه علي الفراش ورفعت رأسها بشجاعة زائفة
أسيل:أنا فكرت يا مازن وأخدت القرار
أومأ رأسه بغموض مُنتظراً منها الإجابة بينما هي تنظر للأرض بهدوء مصطنع
أسيل:أنا مش موافقة وقبل ما تقول أي حاجة يمكن يكون جزء من أسبابي الماضي بس أنا مش معجبة بإياد ولا حاسة ناحيته بأي قبول ومش هقدر أظلمه معايا...أرجوك يا مازن متتضايقش مني إنت أخويا وصديقي خليك جنبي ومعايا
أدمعت عيناها عند الكلمات الآخيرة بينما هو يحتضنها ويُقبل قمة رأسها قائلاً بحنان بالغ
مازن:يا عبيطة إنتي أنا دايماً جنبك في أي قرار هتاخديه...هو اه صاحبي وكان نفسي توافقي عليه بس إنتي أختي وأسف بجد إني ضغطت عليكي بس غصب عني أنا خايف عليكي أوي يا أسيل والله...بس لازم تعرفي إني دايماً جنبك مهما حصل فهمتي ؟
أومأت رأسها بالإيجاب وهي تبتسم من بين دموعها وتتشبث به...تلاعب بخصلات شعرها بمرح قائلا بمشاكسة
مازن:يلا إتفضلي بقي عاوز أنام عشان عندي شغل الصبح
قبلته من وجنتيه وهي تقول له
أسيل:إنت أحسن أخ في الدنيا أنا بحبك أوي
قبّلها هو الآخر قائلاً بإبتسامة
مازن:وأنا كمان بحبك أوي ياسيلا
بعدما خرجت أعاد ظهره للفراش وهو يفكر كيف سيخبر إياد بقرارها الذي كان يتوقعه منذُ أن سألها !!
.....................................
عادت لغرفتها وهي تشعر بالسلام النفسي أغلقت ورائها الباب وهي تخلع خفيها ثُم حررت شعرها من عقاله وإرتمت بظهرها علي الفراش وهي تحدق في السقف بإبتسامة بلهاء...لا تعلم لماذا تشعر به أينما كانت....تشعر به يراقبها من بعيد...يراها كما لا تره...يشعر بها كما تشعر به...لا تعلم كم مرّ عليها من الوقت هكذا حتي غطت في نوم عميق لم تنله منذ فترة طويلة
....................................
كانت تشعر بالسعادة البالغة فاليوم ستقابل والدتها أحمد...ستعلم كم يحبها...ستعرف أن إختيارها له كان أروع إختيار بحياتها...فتحت خزانتها وهي تخرج معظم ملابسها وتضعها علي الفراش حتي إستقر إختيارها علي سروال جينز وبلوزة قطنية باللون الأزرق أبرز بوضوح لون عينيها ثُم رفعت شعرها لأعلي وزينته بفراشات زرقاء وحمراء جعلتها كفتاة مراهقة....لم تضع أي نوع من مساحيق التجميل بينما وجهها يشع بأجمل إبتسامة
نظرت لنفسها بالمرآه في رضا...إرتدت حذائها وخرجت لتجد والدتها تنتظرها في الردهة قابلتها بحنان وهي تقول
ماجدة:بقالي ساعة مستنياكي يا برنسيسة كل ده بتلبسي ؟
إحمرت وجنتاها وهي تقول بخجل
ريما:أنا أسفة ياماما علي ما لقيت حاجة ألبسها.....شكلي حلو ؟
قبّلتها من وجنتها وهي تقول بإعجاب
ماجد:زي القمر ياحبيبتي يلا بقي علشان منتأخرش أكتر من كدا
تأبطت ذراعها وهي تبتسم بسعادة
.........................................
أنهي عمله في الساعة الخامسة والنصف إستقل سيارة أجرة حتي يستطيع أن يصل في الميعاد كان سعيد ومترقب في ان واحد..عماّ سيتحدث وماذا سيخبرها بل بما سيقنعها ولكنه سيفعل المستحيل لكي يُقنعها...نعم سيفعل المستحيل من أجل ريما من أجلها فقط....لم يكن الطريق مزدحم لذا وصل مُبكراً وكم كان ذلك جيداً لأنه كان يريد إستعادة هدوئه بعض الشئ...بعد وقت ليس بالقليل وصلت مع والدتها وكم كانت جميلة في تلك البلوزة التي تبرز عينيها بوضوح....لا يعلم لماذا كُلما مرّ عليه الوقت يشتاقها أكثر ويعشقها أكثر....إنه يشتاقها وهي معه كيف ذلك...إستقبلهم بإبتسامة هادئة
في محاولة فاشلة جداً ألا ينظر لها مباشرة حتي لا ترتبك أكثر يكفيه وجنتاها المحمرتان وشفتاها المرتجفتان
حياهم قائلاً
أحمد:حمد الله علي السلامة
إبتسمت ماجدة هي الآخري
ماجدة:الله يسلمك ياأحمد معلش إتأخرنا عليك
سحب لها كرسياً قائلاً
أحمد:ولا يهمك ياطنط..إتفضلي
لم تنبس بحرف طوال الجلسة فقد كانت تشعر بالتوتر مثله بل أكثر حتي سمعت صوت والدتها الهادئ
ماجدة:ريما ممكن تسبيني شوية مع أحمد؟
نظرت لهما بوجل بينما هو يومئ برأسه مُطمئناً إياها حتي قامت من مكانها بتردد لتجلس علي طاولة قريبة منهم...كانت عيناه مُثبتة عليها أجفل عندما قطعت ماجدة عليه تأملاته قائلة بإبتسامة
ماجدة:هنتكلم شوية وبعدين أجيبها تاني
تنحنح بإحراج وهي يُحيد عينيه بصعوبة حتي يستطيع التركيز....بدأت هي الحديث قائلة
ماجدة:أنا هدخل في الموضوع علي طول...ريما حكتلي علي كل حاجة من البداية وقالتلي كمان إنها قالتلك علي كل حاجة حصلت في حياتها صح؟
إبتسم بتفهم قائلاً
أحمد:أيوة صح أنا عارف كل حاجة فاتت في حياة ريما وأكتر حاجة خلتني أتمسك بيها هي صراحتها معايا في إنها تحكيلي حاجات يمكن لو بنت غيرها كانت إتحرجت إنها تقولها بس لإنها بتحبني فكانت متخيلة إنها متستاهلنيش وكان لازم تعرفني كل حاجة وتسيبلي حق الإختيار
أجابته بتساؤل
ماجدة:وإخترت ؟؟
إلتمعت عيناه بعشق خالص وأسبل أهدابه وهو يقول ببساطة
أحمد:إخترت ريما بشخصيتها اللي فاتت وشخصيتها دلوقتي...أنا حبيت ريما المغرورة وحبيت ريما البسيطة يعني حبيتها وخلاص
شعرت بالصدق في نبراته لذا أحست بالأمان لشعوره هذا وعلمت حقاً أنه هو من سيحمي إبنتها
قالت بإبتسامة مترددة
ماجدة:وأنا عاوزة أقولك إن ريما المغرورة كان ليا إيد كبيرة جداً في تكوينها إنما ريما البسيطة إنت كان ليك إنت دور كبير في تكوينها
أجابها بدهشة
أحمد:أفندم!!
قالت وهي تعتدل في جلستها
ماجدة:يعني أنا يا أحمد اللي خليت ريما بالغرور والجرأة دي أنا اللي وصلتها للي حصل مع اللي إسمه فارس ده..محستش بدوري كأم غير لما باباها كلمني وأنا في فرنسا وبيقولي إنها نزلت تنتقم وممكن تأذي نفسها فعلاً..نزلت وحاولت أمارس دوري كأم وأد إيه حبيت لما قربت منها وجابتني عندك علشان أشكرك كنت مبسوطة أوي وهي سعيدة ويوم عن يوم بتتحسن ولما شفت كل التغيير ده فيها وقالتلي عنك عرفت إنك أكبر سبب في تغيرها للشخصية المتسامحة دي
كان يشعر بالسعادة البالغة وهو يستمع لهذا الكلام مد يديه عبر الطاولة وهو يمسك كفها قائلاً بحنان
أحمد:حضرتك لو مكنتيش وقفتي جنبها وساعدتيها كأم مكنتش هقدر أنا أغيرها صدقيني ياطنط حضرتك ليكي دور كبير في تغيرها يمكن أكبر مني...عاوز أقول لحضرتك حاجة أنا بحب ريما فوق ما تتخيلي وهعمل المستحيل علشان هي تكون سعيدة وأشتغل علي أد ما أقدر علشان تعيش في مستوي مش أقل من اللي هي إتعودت عليه بس محتاج شوية وقت عشان باباها يقبلني
إبتسمت والدموع ملئ مقلتيها قائلة
ماجدة:وأنا هعمل المستحيل علشان تكونوا لبعض لأني هبقي فخورة جداً إن جوز بنتي راجل زيك يا أحمد
تنفس بإرتياح وهو يقول بسعادة
أحمد:حضرتك بتتكلمي بجد؟
قالت بإبتسامة شاسعة وهي تشير لريما أن تأتي
ماجدة:ننادي العروسة الأول ونشوف رآيها إيه
كانت تشعر بالتخوف مما ستسمعه لذا إقتربت بقدم مرتعشة وإبتلعت ريقها وهي تجلس قائلة
ريما:خلصتوا كلام ؟
وضعت ماجدة يديها علي أناملها الرقيقة قائلة بخبث
ماجدة:ها ياعروسة موافقة علي الأستاذ أحمد؟
نقلت نظرها بينهم الإثنين بدهشة شديدة وفم فاغر ضحكت والدتها بشدة وهي تقول
ماجدة:إييه يابت بتبصي كدا ليه مش موافقة ولا إيه؟
ردت بسرعة وإرتباك
ريما:لالالالالا يا ماما مش كدا..قصدي يعني
رد هو هذه المرة قائلاً بمشاكسة
أحمد:طنط عاوزة تعرف إذا كان ينفع توافقي علي حد غلبان زيي؟
إبتسمت بخجل بينما وجنتاها كحبة الفراولة وهي تقول بصوت خفيض
ريما:موافقة
بعد مرور ثلاثة أشهر
اليوم يوم الحناء كانت تشعر بسعادة بالغة وخجل فظيع كُلما تذكرت نظراته الملتهبة ليلة الأمس...كاد يتلهمها وهو ينظر لها لم يراعي وجود عائلته ووالدته بل لم يراعي خجلها حتي قال له ياسر وهو يضحك
ياسر:ما كفاية كدا يا مازن البنت هتموت إرحمها شوية
رد بمشاكسة كعادته في الفترة الآخيرة
مازن:أعمل إيه بس يا بابا ما هي كل يوم بتحلو أكتر
ضحك جميعهم بشدة بينما هي حدجته بغضب وهي تذهب بحجة مساعدة أسيل في عمل الحلويات..تلك التي إعتادت في الأونة الآخيرة أن تتعلم عمل الحلويات بل بدأت تتفن في إبتكارها...تشعر بها متحررة من كل شئ هادئة..حرة...تنعم بالسلام النفسي ومع ذلك هذا الشجن يُلازمها طوال الوقت
دخلت إلي المطبخ وجدتها تضع الصينية في الفرن وهي تنظر لها بإبتسامة قائلة
أسيل:أهلاً أهلاً...نظرتك العصبية دي يبقي مازن عمل عمايله
تنفست بغضب وهي تجلس علي الطاولة المستديرة قائلة
نادين:اااه ياختي بيقل أدبه أهووو
جلست أمامها وهي تجفف يديها بمنشفة صغيرة قائلة بمرح
أسيل:يا نيدو ياحبيبتي إنتو فرحكم خلاص بعد بكرا وهو بس بيحب ينكش فيكي وبعدين إنتو خلاص كتبتو الكتاب يعني براحتوا
عقدت ذراعيها أمام صدرها بغضب طفولي
نادين:أيوة يا أسيل بس مجنني والله مش بيتحرج خالص وأنا ببقي ميتة من الكسوف وباباكي وطنط وماما بيضحكوا عااااادي
هذه المرة إنفجرت ضاحكة حتي ضربتها نادين علي كتفها...أخذت نفساً عميقاً تحاول أن تهدأ ثُم قالت بصدق وهي تُقبلها من وجنتيها
أسيل:أنا مبسوطة أوي يانيدو ربنا يتمملكم بألف خير ياااارب
إحتضنتها بدورها قائلة
نادين:عقبال ما نفرح بيكي يارب ياأجمل سيلا في الدنيا
أحست بتشنج جسدها بين ذراعيها ولكنها تمالكت نفسها بسرعة وهي تدعي الذهاب لتطمئن علي الصينية في الفرن...لم ترد أن تسألها عن شئ وهي تلاحظ محاولتها الحثيثة ألا تنهمر دموعها من مقلتيها
أجفلت وهي تسمع طرقات علي الباب ثُم تطل أسيل التي كانت كالبدر في ليلة تمامه بفستانها العسلي الذي حاكي لون عينيها...كان يصل لركبتيها بدون حمالات مزين بزمردة خضراء عند الصدر بينما شعرها رفعته لأعلي فأبرز عنقها الجميل
إقتربت منها بإبتسامة إعجاب حقيقي قائلة
أسيل:إيه ياقمر يلا إتأخرتي كل البنات تحت عاوزين العروسة القمر دي
نظرت لنفسها مرة آخري في المرآه كانت ترتدي فستان أزرق يغطي كتفها الأيمن دون الأيسر بقماش الدانتيل فينساب علي طول جسدها بطبقات من الحرير الناعم....أما شعرها فقد قصّته حتي وصل لعنقها فإلتف حول وجهها مما جعلها أكثر براءة وأنوثه في ان واحد...شعرت بالرضا من نفسها وتأبطت ذراع أسيل وقضت أجمل ليله مع عائلتها وأصدقائها قررت أسيل المبيت عندها الليلة وهذا الشئ لم يجعل مازن في راحة أبداً...ها هو يتصل بها تقريباً للمرة الثالثة نظرت لأسيل بخجل فقامت من مكانها وهي تبتسم بخبث قائلة
أسيل:أنا هطلع أشم هوا في الجنينة علي ما تخلصوا وقامت من مكانها قبل أن تصل إليها الوسادة التي قذفتها بها
وضعت شال علي كتفيها ثُم خرجت إلي الحديقة وهي تتأمل للسماء بينما الدموع التي حبستها طوال خمسة أشهر تتحرر الأن...همست بتحشرج
أسيل:فات كتير ومقدرتش أنساك ومش عارفة كنت بعمل إيه طول الوقت اللي فات غير إني بغرق في كل حاجة عشان مفكرش فيك ومع ذلك إنت محفور في قلبي....يا تري إنت كويس..ياتري قدرت تكون يوسف ولا لأ....يارب يرجع لنفسه ولروحه يارب رجعه ليا....
مسحت دموعها سريعاً وهي تشعر بخطوات تقترب رسمت علي شفتيها أجمل إبتسامة وهي تري نادين تقترب منها بإبتسامة مشعة مشرقة
إحتضنتها وقضوا الليلة سوياً...طلبت من نادين ألبوم صورهم حتي تراها...وقرروا المبيت بجانب وفاء التي سعدت جداً عندما علمت أن نادين هي من طلبت هذا...أخذتهم في أحضانها ودموع الفرحة ملئ مقلتيها فغداً زفاف فلذة كبدها.....
.....................................
الزفاف
كان فستان نادين بدون حمالات مزين عند الصدر بفصوص فضي إنساب علي طول جسدها بطبقات من الشيفون الهفهاف زينت شعرها بتاج مثبت علي طرحتها الطويلة مُزين بفراشات صغيرة من إختيار أسيل.....كانت رقيقة جداً وجميلة كالأميرات
لم يستطع مازن أن يحيد بعينيه عنها بل ظلّ ممسكاً بكفها طوال حفلة الزفاف كأنها ستهرب منه في أي لحظة....كانت تبتسم بخجل وتوتر قائلة
نادين:أنا مش همشي علي فكره خلاص بقيت مراتك
إبتسم وهو يقبل باطن كفها قائلاً
مازن:منا عارف والله يامراتي...وبعدين أصلاَ أنا مش هسمحلك تمشي خطوة من غيري
إقتربت منهم أسيل بفستانها الأخضر الطويل والمزين بنفس الفراشات علي الصدر وهي تقول بمشاكسة
أسيل:يلا بقي ياعريس قوم إرقص مع صحابك علشان إحنا عاوزين العروسة
وقبل أن يعترض خطفه أحد أصدقائه وبدأو الرقص .. نادين قامت مع أسيل وأصدقائها هي الآخري كانت تراقصها بسعادة ولم تكن تشعر بزوج من العيون أحدها تنظر لها بخيبة أمل وإبتسامة شاحبة والآخري تبرقان بشدة وتراقبها من بعيد وتبتسم إبتسامة عاشق حتي الثمالة قائلاً في نفسه (آآآآآآه يا صغيرتي البريئة)
...........................................
بعد إنتهاء الزفاف
كان قد حجز غرفة في فندق حتي يقضيا فيها الليلة ويذهبا الصباح لقضاء شهر العسل في أسبانيا حسب طلبها.....حملها للغرفة وأغلق الباب بقدمه ثُم أنزلها برفق أمام الفراش دون أن يتركها بينما هي ترتعش بين ذراعيه بشدة حاولت التملص منه دون فائدة لذا قالت بتحشرج دون أن تنظر له بينما وجنتاها المشتعلتان تفضحان توترها
نادين:هدخل بس الحمام أغير هدومي
قربها منه أكثر حتي إلتصقت به قائلاً بخبث
مازن:طيب ما تغيريها هنا ياحبيبتي هو حد حايشك
دفعته برفق والدم يندفع إلي وجهها قائلة بخفوت
نادين:مازن لو سمحت سيبني هغير وأجي والله
قبل أن يتركها همس في أذنيها بوقاحة
مازن:هستناكي علي نااااااار
هرولت ناحية الحمام وأغلقت الباب علي نفسها بالمفتاح...كان صدرها يعلو ويهبط بشدة نظرت لوجهها في المرآة واضعة كفها علي قلبها علّه يهدأ قليلاً دون فائدة....أخذت حماماَ ساخناً حتي تهدأ قليلاً ثُم إرتدت قميص نوم باللون الأبيض ذات حمالات رفيعة يصل لركبتيها وفوقه روب من نفس اللوب أحكمت إغلاقه وفتحت الباب بأيدي مرتعشة أجفلت عندما وجدته أمام الباب تماماً لا يفصل بينما سوي مترين...نظرت للأسفل مرة آخري وهي تحاول أن تتخطاه ولكنه منعها وهو يهمس أمام شفتيها قائلاً
مازن:أنا بحبك
شعرت بنبضات قلبها تتسارع..إرتخت قدماها
نعم قال لها هذه الكلمة مراراً وتكراراً ولكنها لم تكن بتلك الحميمية أبداً...حملها في غفلة منها وهي تضربه علي كتفيه قائلة بحنق طفولي نادين:نزلني يامجنون إنت ياماااازن نزلني
كان يضحك من قلبه وهو يضعها علي الفراش برفق دون أن يتركها مُقبلاً قمة رأسها قائلاً
مازن:قوليها الأول
وضعت يديها علي صدره وهي تنظر لعينيه قائلة بجرأة لم تعهدها
نادين:بحبك يا مازن بحبك من أول ما شفتك وعرفتك...بحبك
لم يستطع أن يتحمل أكثر من ذلك إنحني يقبلها بشغف عاطفي من شفتيها ثُم وجهها كله وصولاً بعنقها إنتهي بها زوجته فعلاً وإسماً وإنجرفا معاً في عالمهما الخاص
.........................................
ودّعت نادين والدموع ملئ مقلتيها دموع الفرح ودموع الحزن لأنها من اليوم ستبقي وحيدة...ولكن لا يجب أن تحزن لأول مرة تشعر أنها فعلت الصواب مع إبنتها الحبيبة..فقد وقفت في وجه والدها الذي رفض هذا الزواج بكل قوتها أخبرته بصراحة أنه إما يوافق علي هذا الزواج ويحترم مازن ووالده اللذان جعلوا له إعتباراً بالتحدث إليه أو ينساها هي وإبنتها إطلاقاً وهذا ما حدث أدلي بموافقته لياسر عبر الهاتف دون أن يكلف نفسه عناء المباركة لإبنته الوحيدة...كانت سعيدة بحق عندما إحتضنتها نادين قائلة (بحبك يا ماما) رباه كم بكت وكم ضحكت...خلعت ملابسها وإرتمت علي الفراش تغط في نوم عميق لأول مرة منذُ سنوات
..................................
كان سعيداً من أجل مازن ونادين فهما يستحقان السعادة بعد كل ما عانياه سوياً طوال الأشهر الفائتة...رغماً عنه قفزت صورتها إلي ذهنه رباه كم كانت جميلة ورقيقة....لم يتحدث معها سوي مرة واحدة بعدما رفضته...اليوم تحديداً وهو يبارك لها العرس وهي ردت بأدب ولم تحرجه...طوال الحفل لم يستطع إلا أن ينظر لها ببساطة لأنه لم يستطع أن ينساها...وكيف يفعل وهي بهذه الرقة والبساطة والجمال...وكيف يفعل وهي تتغلغل بداخله بشكل يُثير سخطه...خلع سترته وإرتمي علي الأريكة وهو يفكر هل سيتخلص من حب هذه الفتاة يوماً ما!!
..............................................
بعد مرور عامان
اليوم بالتحديد سيُقابل أحمد والد ريما السيد ماجد إتفق مع والدتها علي كل شئ وأنها وبعد عناء أقنعت والدها أن يراه ويتحدث معه....
في منزل ريما كانت ماجدة تضع له ملابسه وهي تقول
ماجدة:صدقني يا ماجد الولد محترم جداً وبقاله سنتين وشوية طاحن نفسه في الشغل علشان يشتري الشقة دي ويجهز من مجاميعه علشان ميطلبش منك حاجة
أجابها بتردد
ماجد:بس أنا خايف يكون طمعان في فلوس البنت يا ماجدة !!
هزت رأسها بنفاذ صبر قائلة
ماجدة:شوف أنا أقول إيه وهو يقول إيه....بقولك الولد بقاله سنتين مطحون ومش عاوز قرش منك تساعده بيه وكمان ريما متمسكة بيه وأنا كمان الصراحة شايفاه راجل وأد كلامه ومحترم
أردت وهي تمسكه من ذراعه والدموع ملئ مقلتيها
ماجدة:مش شايف إن ريما إتغيرت وبقت أحسن...مش شايف إنها إتعلمت يا ماجد...صدقني أحمد راجل بجد وهيحطها في عنيه..وفوق كل دا عارف عنها كل حاجة فاتت في حياتها ولسه متمسك بيها...ومامته بتمووت فيها عاوز إيه أكتر من كدا ؟
تأثر من كلامها وإحتضنها قائلاً
ماجد:هي فعلا متغيرة للأحسن وطالما إنتي بقالك كتيير عارفاهم وكمان رحتي شفتي الشقة وعاجباكي أنا لو شفته وعجبتني شخصيته هوافق بس متقوليش لريما حاجة غير لما أرد عليكي تمام؟
إحتضنته هي الآخري بسعادة قائلة
ماجدة:حاضر من عينيا ربنا يخليك لينا ياااارب ويسعدلنا بنتنا
رد وهو يرتدي سترته
ماجد:ياااااارب
..............................
اليوم هو أول أيام عيد الفطر المبارك
كان صلاة العيد مليئة بالأطفال والرجال والنساء والفتيات والشباب...من جميع الأعمار المختلفه..أصدقاء وعائلات سعيدة بالعيد..وهنا بائع البالونات التي يأخذها منه الكبار قبل الصغار...وهناك بعض الأصدقاء الذي يتضاحكون من موقف حدث لهم أثناء الصلاة...وهناك أزواج سعداْ بقضاء أول عيد لهم في عش الزوجية ومع الأهل والأقارب...من وسط كل هؤلاء ظهرت وهي تجري وراء طفل صغير بسروالها القماشي الواسع وبلوزتها الزرقاء وهي تقول ضاحكة
أسيل:آسر يا آسر طيب تعالي وهجيبلك البالونة
توقفت عندما سمعت صوت من خلفها يهمس بجانب أذنها قائلاً
(هتفضلي طول عمرك طفلة كدا!!)
............................................

فى جحر الشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن