وصلت بنا السيارة للقاعة المقام فيها الزفاف. بالرغم من كل ما كنت اعاني منه من الأحزان إلا أن منظر القاعة كان خاطفًا للأنظار و قمة في الجمال. كأنني أخذت مخدر مفعوله دام لوقتٍ قصير. أخذت اتأمل في الزينة البيضاء التي ينبعث منها انوار زرقاء و بنفسجية التي وضعوها بشكل على السلم و الثرية الموجودة في منتصف الاستقبال سحرتني.
رأيت كل المعزومين على الفرح و مثل أي زفاف مصري أصيل استقبلنا رجال يرتدوا قمصان بيضاء و بناطيل سوداء حاملين طبول و رق و مزامير و بدأ العرض و العزف بدخولنا. و جاء الرجل الذي يحمل البخور و جاء رجلان معهما عصيان يرقصان بهما على النمط الصعيدي. ظل الناس يصفقون و يغنون و النساء تزغرط.
عندما كنت أسير بجانب هيثم وسط حشود من الناس و الزغاريط و مع الأغنية و دق الطبول و الرق رأيت انعكاس صورتي في المرآة الموجودة جانب السلم. كم كنت جميلة في هذا الفستان و تلك تسريحة الشعر التي تظهر فيها خصلات شعري البني بشكل لا مثيل له و على قمته تاج. و الفستان يظهر جمال شكل جسدي بشكل ملفت للنظر يسر العين.
هيثم لا يستحق فتاة بهذا الجمال مثلي. لا يستحقني و انا في جمالي هذا لا الليلة و لا طوال حياته.
إعجابي بجمالي زاد من عندي و غضبي و نكراني لحق هيثم في امتلاكي. شعوري بأني جميلة جعلني أفكر أنني استحق شخص افضل منه شخص أحبه و يحبني. لذلك عندما كان يحاول أن يضع يدي على ذراعه كنت أسحب يدي فورًا.
جلست فيما يُدعى بالكوشة. أتفحص المكان و الأشخاص. جاء الجميع ليباركوا لنا. لا أعلم كيف يباركون لي على دفني حية. و جاء أصدقاؤه يباركونلنا. كم كانوا لطفاء. أتعجب من كونهم اصدقاء لشخص مثل هيثم.
لم أرقص و لم أضحك و لم احتفل ظللت جالسة مكاني كأنني في عزاء. طلب مني هيثم أن أرقص معه عدة مرات و لكنني رفضت. حتى جاءت الرقصة الشهيرة في كل زفاف و هي أن يرقص العريس و العروسة ببطء في الوسط و يشاهدهم جميع الحضور. مجرد التفكير في أنني سأفعل ذلك مع هيثم يشعرني بالغثيان. رفضت أن ارقص معه هذه الرقصة. جاء عمي بجانبي و همس لي
" عدي الليلة على خير و بطلي عند و هبل."
" احمد ربنا اني مفضحتكوش انكم مجوزني غصب عني الجوازة دي حرام اصلا لانها مش برضايا."
فنفر مني عمي و تركني.انتهى الزفاف بسلام دون فضائح أخرى.
مرت الأيام كل يوم عذاب عن اللي قبله و أنا فيها مع رجل أكرهه فُرِض عليّ. كنت أظل في البيت وحدي محبوسة كالسجينة. و لمَ التشبيه ؟ فأنا فعلاً سجينة. ممنوع أن أخرج من المنزل أو افتح الباب لأحد. ممنوع أن انظر من النافذة أو استخدم الهاتف. مسحوب مني هاتفي المحمول و لا يوجد عندنا خط أرضي.
أنت تقرأ
الصعود للقاع
Mistero / Thrillerماذا لو كان كل ما ندعوه بالواقع ليس الا وهم داخل سلسلة كبيرة من الأكاذيب المصطنعة حتى نطيق واقعنا ؟