سول | 2018
كانت الرياح تتلاعب بنثرات الثلج في تلك الليلة البارِدة عندما دقت الساعة الثانية عشر صباحًا لعام جديد ربما يخبئ احداث غيّر متوقعة في حياة أحد ما وبينما كان الكثير من سكان سول يحتفلون مع اسرهم في المنازل كان يضع المحقق لي مين كي رأسه على مكتبه يأخذ غفوة قصيرة من عمله الليلي وهو محاط بتكدسات من أوراق لقضايا غيّر محلولة فقطع سكينة المكان رنين الهاتف "مرحبًا، هنا مركز شرطة مقاطعة غانغنام كيف اخدمك" قال مين كي وهو يحاول فتح عينيه والاعتدال بالجلوس على الكرسي.
كان الصوت بعيد ومرتجف بالكاد استطاع المحقق لي سماعه "ثمة شخص فاقد للوعي او ربما هو ميت هنا ارجوك ساعدني، داخل فندق هانويل، الطابق التاسع شقة رقم 2" قالت المتصلة وهي تجلس على الأرض تنظر إلى جسد ذلك الشخص المستلقي على الأرض في غرفة نومه وهو يبتسم وكأنه يرى في الموت حياة جميلة لطالما تمناها.
بعدما سمع الخبر قفز من كرسيه بسرعة، تناول سترته وهاتفه ثم اطلق اشارة الخطر للشرطة، لم يكن أحد موجود غيره مع أفراد قليلة من ضباط الشرطة سبقوه إلى موقع الحادثة ورغم محاولته الوصول لرئيس القسم الذي كان يحتفل مع عائلته ليعلمه بالقضية لم يستطع بسبب هاتفه المغلق، ركب سيارته وانطلق مشتت الذهن نحو قصة جديدة ستترك الأثر الاكبر في حياته.
ركن سيارته وذهب مسرعًا نحو المبنى الذي يبدو انه كان مخصصًا للأثرياء فتفاصيل بنائه وتكلفة البقاء فيه لم تكن تناسب شخص صاحب دخل متوسط كالمحققين، دخل المصعد بصحبة مدير الفندق الذي كان يبدو عليه القلق والتوتر وعندما وصلا إلى الطابق التاسع حيث توقف المصعد كانت اشرطة الشرطة الصفراء قد أحاطت بكل المكان اراهم هويته وعبر الحاجز.
حينما دخل مكان الحادثة وجد الجثة التي كانت لشاب في أواخر العشرين مرمية على الأرض ومحاطة برفوف من الكتب التي هربت بعضها لتحتضن الأرض بالقرب من مالكها وكأنها تنعى رحيله. التفت مين كي إلى الآنسة الموجودة في الغرفة والتي كانت ترتجف وعيونها متورمة بينما يمسك بها أحد أفراد الشرطة وهو يحاول ترتيب جملة يستطيع فهمها، "هل هي الشاهدة الوحيدة؟" قال مين كي بينما كان يرتدي قفازاته ويتفحص بعينيه مسرح الجريمة "يبدو كذلك حتى الآن لكني لا استطيع اخذ افادتها" قال الشرطي الذي كان يمسك بها ليخفف من فزعها.
"اتركها الآن ربما كانت مصدومة سآخذها في وقت لاحق في القسم، اتصل بالأسعاف والطب الشرعي" قال المحقق لي وهو يلمس جسد الضحية الذي كان لا يزال دافئًا.
"ما رأيك أهو انتحار حقًا؟" قال المحقق وهو يتفحص الجثة مع الطبيب الشرعي "على ما يبدو أنها جرعة زائدة من المخدرات لكن لن نتأكد حتى يتم التشريح" قال الطبيب وهو يجلس مقابل المحقق يفحص لسان الضحية الذي كان لونه مائل للزرقة .
كان الضحية كاتبًا مشهورًا اصدر عدة روايات نالت شهرة واسعة في كوريا وله العديد من المعجبين يبدو أن خبر موته سيحدث ضجة في بداية هذا العام، ربما وجد أن الحياة طرفة مبتذلة لم يستطع الإصغاء إليها طويلًا.
كان لا يزال مين كي يبحث عن أدلة دامغة في كون ذلك الشاب قد قرر إنهاء حياته بنفسه ولم تكن فعل شخص ما ويتسائل في قرارة نفسه عن سبب اختفاء المادة التي ربما كان قد استخدمها لإنتحاره رغم تفتيش رجال الشرطة لكل الشقة، اخذ هاتفه الذي كان مرمي بقربه وحاول أن يفتحه لكنه يحوي على قفل اذا يتوجب لخبير فتحه وبينما يواصل جمع أفكاره أخرجه من معتركها الأصوات الصاخبة التي اخذت تتعالى عند باب الشقة، على ما يبدو ان الصحافة قد وصلها امر موت الكاتب "هان كيونغ سو".
"هل هو انتحار ام جريمة مدبرة؟" قال أحد المراسلين بينما يضع مسجله بالقرب من فم المحقق مين كي بينما قال آخر "ارجوك سيدي اسمح لنا بالدخول لالتقاط بعض الصور لمسرح الجريمة" لم يكن مين كي يصغي إليهم وإنما غارق بأفكاره عن السبب الذي يجعل شخص ناجح وصغير للإنتحار ان ثبت ذلك، "انا مدير أعمال كيونج سو" قال هذا شخص متوسط القامة وملامح الحزن قد غزت تفاصيل وجهه.
دخل راكضًا لغرفة نومه وجلس بقرب الجثة وأخذ بالبكاء، ربت المحقق لي على كتفه مواسيًا حزنه وأخذ بسؤاله عن الشاب المتوفى وإن كان يعاني من مرض نفسي دفعه للإنتحار، "البارحة اتصل بي وقال انه قد كتب روايته الأخيرة وسيعتزل الكتابة بعدها وطلب مني نشرها صباح الأول من كانون الثاني لتكون ذات تاريخ مميز يختتم به حياته الأدبية، كان كثيرًا ما يبتسم أثناء عمله، ولم يشتكِ يومًا من صعوبته او فكّر بتركه، لقد كان شخصًا دافئًا يبعث بكل من حوله الحب والطمأنينة، يوّد الجميع ويعاملهم كأنهم عائلته، لم يكن شخصًا يقدم على قتل نفسه، انها جريمة قتل سيدي المحقق." قال مدير الأعمال للمحقق لي الذي كان يصغي لكل حرف يقوله علّه يجد ما هو مفقود في هذه القضية.
أنت تقرأ
وراء السطور
Mystery / Thriller"إن الكتابة تبدو سهلة غيّر انها في الواقع أشقّ الأعمال في هذا العالم." __ أرنست همنغواي.