الفصل الأول - 1 - حلم غريب، و الرحيل عن بيتٍ قديم.

974 47 24
                                    


الثالث و العشرين من فبراير، 1956...
أدعى "آرمين أرثر  جاكسون"، أبلغ من العمر الثالثة عشر.
إستيقظت ذاك الصباح الساعة التاسعة  في مدينة لندن تحت سماء رمادية على صوت المطر يهطل خارج نافذتي. نظرت عبرها مثل ما أفعل كل صباح، و شعرت برغبةٍ شديدة حينها لرؤية آبي المفقود... قالت لي أمي أنه مفقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، و لم يظهر له أثر منذ ذلك الحين.  ليس لدي أي ذكرى عنه، كوني كنت صغيرا جدا عندما كان في الأرجاء.

كنت أنزل السلالم الخشبية العتيقة عندما سمعت أُختي الصغيرة "لوسي" التي تبلغ من العمر السابعة تنادي اسمي بنبرةٍ قلقة :
"آرمين، آرمين، آرمين!! "
- "ماذا، ماذا، ماذا؟! "
أجابتني بنبرة حزينة:
" لا أستطيع إيجاد أنجلو... "
- " تعنين ذاك الدب المحشو؟"
- " إسمه أنجلو!! "

في تلك اللحظةِ سمعنا صوت أمي تنادي علينا :
" آرمين، لوسي! الفطور جاهز! "
رددت عليها : " قادمٌ أمي!"
و قالت لوسي : " اووه، أعتقد أني أعرف أين هوا أنجلو! "
و ذهبت إلى الفناء الخلفي...

بينما كنت على وشك الجلوس سألتني أمي :
" آرمين، أين هي أختك؟ تعرف أني أكره أن يأكل أحدٌ طعامي باردًا! "
أجبت قائلاً :
" أعتقد أنها في الفناء الخلفي تبحث عن شيء ما... "
- " اووه لا! إنها تمطر! قد تصبح مريضة بسبب البرد! "
و ذهبت أمي لتبحث عن إبنتها في الفناء الخلفي..
بينما كنت أتناول طعامي ببطء.. بدء الضباب فالإنقشاع في ذاكرتي، و بدأت اتذكر الحلم الذي راودني البارحة شيئا فشيئا...

كنت أقف بلا حراك وسط كم كبير من الأشجار الميتة، و كنت أشاهد من بعيد خلال عتمة الليل رجلا يرتدي عباءةً سوداء و له قرون، تقترب منه حشرة مضيئة زرقاء و تقف على يده التي بدت لي عظمًا من غير لحم، واقفا بجانب شجرةٍ كبيرة الحجم قاتمة اللون، تعطي شعورا فظيعًا بعدم الإرتياح و القلق..
كلما حاولت النظر إليها، أحس بجميع أعضاء جسمي تصرخ للخروج من هذا المكان.. حتى أخيرا إستطعت أن ألمحها بنظري..
شعرت و كأني أسمع أصوات ملاين الأرواح التي تصرخ بيأسٍ للخروج من أعماق الجحيم.. شعرت و كأني أنظر في عيني أسوء كوابيس كل مخلوقات العالم محصورةً في كيان عديم الشكل... شعرت و كأني كنت أنظر في عيني الرعب و البؤس و الخوف معا في نفس الوقت..
بدأت رياحٌ شديدة البرودةِ بالعصف، و بدء الشيء الذي يرتدي العباءة السوداء بقول ما لم أستطع  فهمه.. أشياء ذكرتني ببعض الطلاسم الشيطانية التي سمعتها من قصصٍ كانت جدتي قد حكتها لي منذ زمن بعيد.
إشتدت الرياح أكثر و أكثر، حتى إنتهى الحلم — و أفضل أن أناديه بالكابوس الفظيع — أخيرا.

كنت شاردًا متعمقًا في أفكاري، و لم أكن أدرك اني لازلت أمضغ طعامي، حتى سقط من فمي على الطاولة.

في تلك الأثناء، كانت أمي قد وجدت إبنتها تبحث في الطين تحت المطر عن شيء ما...
"إنه ليس هنا.. ماذا سأفعل الآن..؟" 
"لوسي؟ ماذا تفعلين تحت المطر هناك! أدخلي بسرعةٍ قبل أن تصابي بالمرض!" 
- "اه— أنا قادمة أمي!"

حكايات ماجا: ما وراء قبو الغموضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن