الفصل السادس - 6 - الخيال المظلم

329 25 8
                                    

و ها قد وصلنا بعد غروب الشمس اخيرا... إنه مستنقع وينستون!
كانت تملئه الضفادع و الحشرات الطائرة و ما إلى ذلك.
كانت نافي تنير طريقنا، و سرعان ما رأيت منزلا صغيرا عميقا في المستنقع....
قالت لوسي :
”لابد و أنه منزل العجوز!“
ذهبنا إليه و دخلنا ببطء.. بدا صغيرا من بعيد، لكنه أكبر من الداخل.
سمعنا صوتا يقول :
”من يتجرأ على دخول منزل ساحرة المستنقع اليافعة لوكيا!“

ردت عليها نافي و قالت :
”نحن مسافرون قد أتينا لطلب خدمة منك يا سيدة لوكيا! “
-”هكذا إذا.“
بعد أن أظهرت نفسها، تبين أنها إمرأةٌ عجوز قصيرة القامة خضراء البشرة، (و تدعو نفسها باليافعة).
تقدمت لوسي و قالت :
”واو..! تبدين في غاية الجمال، سيدة لوكيا!“
-”اووه، هذا لطف منك، شكرا!“

عندها قلت و بكل حماقة :
”لابد و أنك تمزحين! أكاد أتقيأ بمجرد النظر إليها!“
قالت لي لوسي :
”إصمت أيها الأبله“

غضبت الساحرة مما سمعته، و قالت  :
”لوكيا لن تقدم خدماتها لأناس وقحين مثلك! فل ترحل!“
قالت لها لوسي :
-”أرجوك إعذري غباءه، فهوا لا يرتدي نظاراته اليوم!“
-”انا لا أخدع بسهولة يا صغيرة، الأن إبتعدي! “
- "أرجوكي...“

حركت نظرة لوسي الحزينة شيئا من مشاعر لوكيا، فسامحتني على ما بذر مني.
و قالت :
”انتِ تذكرينني بإبنتي الصغيرة المتوفية....لكم ما شئتم! قولوا طلبكم!“
رددت عليها نافي و قالت :
”نريد منك أن تستخدمي تعوذية النقل خاصتك لنقلنا لبوابة القبو في هذا العالم!“
-” هاه..؟ طلب غريب، لكن لا مانع لدي! “

ورو كوي غاوا.. نومو شين كاراي!

ظهرت بوابة ناقلة على مقربة منا، ذهبت لها لوسي قائلة :
”شكرا سيدة لوكيا! “
و ذهبت هي و نافي قبل حتى سماع رد العجوز. كنت أنوي أن اعتذر منها، و بينما كنت أواجهها، أحسست بهالة مرعبة تقف خلفي..
صرخت العجوز :
”إحترس يا فتى! “
و غاب عني الوعي فجأة حينها....

____________________________

إني أستعيد وعي شيئا فشيئا.. و إن ظلام المكان الذي فيه لا يساعد...

ما إن فتحت عيناي تملكني الرعب و جمدني في مكاني، إني في كهف على أرضية ترابية، و على يميني و يساري مخرجان على ما يبدو.. و أمامي ما لم أستطع فهمه؛ كأنها دمية ترابية بلا يدين أو قدمين، و عيونٍ مثل أزرار القميص.. إن الرعب حينها منعني من التحرك ولو حتى قليلا.

بدأ ظلٌ أسود بالتشكل مكان الدمية..ظل رجل بالغ على ما بدا. و بدأ الظل بالكلام قائلا بصوت متقطع و مشوش :
”آرمين.. ليس لديك الكثير من الوقت.. انا والدك، أنصت جيدا و إلا ستهلك في هذا العالم! إذهب شرقا من بوابة القبو حتى تصل لغابة تعم بالأضواء الخضراء و الزرقاء، هناك ستجد شخصا ليساعدك. و عندما تعود للمنزل، قل لوالدتك أن تعطيك رسالتي.. كلمة السر.. هيَ... 'أضواء نجوم الدب الأصغر'.. بسرعة يا آرمين...! ليس لديك الكثير من... الوقت..! “

عندها تلاشى الظل، تاركا إياي في ما وراء الحيرة و التعجب...

فور ما تمالكت نفسي و وقفت على قدمي، سمعت صوت تنفس شديدا و خطوات أقدام كبيرة آتية من على يميني.. و دون تفكير هربت من المدخل الأيسر في خوفي من المجهول.

بينما كنت أركض سمعت الصوت يشتد خلفي، و إن الخوف منعني من التلفت لأرى ماهية ما يلاحقني.
ما إن خرجت من أعماق الكهف المظلم الذي أخذني إليه ما أجهله، أدركت بأنه وقت متأخر من الليل، و سارعت بإكمال الركض بين الأشجار خوفا مما قد يمسكني.. و بعد عدة دقائق، سقطت في حفرة ما... و رأيت الشئ الذي كان يلاحقني ذاهبا في الطريق الذي نويت سلكه بسرعة جنونية! لقد كان مخلوقا وصفه بالكلمات ما وراء المستحيل.. و إني لكنت متجمدا في مكاني حابسا أنفاسي و ضربات قلبي تتسارع أكثر و أكثر..

مر بعض الوقت حتى تجرأت على الخروج من الحفرة، مبتعدا عن كهف الوحش خوفا أن يعود بحثا عني.. و بعد نصف ساعة من المشي، وجدت نهرا صافيا تحت ضوء القمر الخافت يسري بهدوء.. و إذ بهواء الفجر يضرب صدري المغموم، و إطمئنت نفسي قليلا، لكن حيرتي لازالت مثل ما هي؛ هل كان ذلك الخيال فعلا والدي؟ ساتأكد عندما أقرأ الرسالة الذي تركها لي مع أمي، فإني أخشى أن يكون ذهابي إلى الغابة التي تقع شرق البوابة فخا يقودوني إلى أمارانث...

يا ترى كم مر من الوقت في عالمي..؟

نهاية الفصل السادس

حكايات ماجا: ما وراء قبو الغموضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن