[ 2 ]

80 14 11
                                    


إخراجُ مفتاحٍ من جيبِه وهو يحملُ شخصًا كانَ أصعبَ بكثيرٍ مما ظنَّ تشانيول، وأصابعه المرتجفةُ لم تساعد على الإطلاق، وحِملُ أن أحدًا قد يخرجُ فجأةً إلى الرواقَ ويشهدَ الذي يحصل ما زادَ الطينَ إلا بِلة.
تناهى من بينِ شفتيه تنهدٌ حينَ أغلقَ البابَ خلفه بقدمِه أخيرًا فورَ دخولِه ووضعها على الأريكة.

كانت الشقةُ باختصارٍ صغيرةً جدًا، غرفةُ معيشةٍ صغيرةٍ فيها تلفازٌ صغيرٌ على الحائطِ الأيمنِ وأريكةٍ بنيّةٍ طالَ بها الأمد، وبين الاثنينِ طاولةٌ بها شتى الأوراق، بعضُها عليها لطخاتُ حبرٍ كتبَ جملاً انتهى بها المطافُ منسيّة، والبعضُ الآخر عليها آثارُ قلمٍ رصاصٍ لِما يدعوه تشانيول بالعصفِ الذهنيّ ما قبلَ الكتابة.

في الجانبِ الأيسر من المكان، مطبخٌ صغيرٌ بالاحتياجات الضروريةِ المتاحة، والمغسلةُ نظيفةٌ وخاليةٌ من الأواني كما يُفضِل. بابُ غرفةِ النومِ في الناحيةِ الأخرى من الغرفةِ الصغيرة، وفي الجانبِ المقابلِ للمطبخِ بابُ الحمام، وبما أنّه لم يملك مساحةً ولا مالًا يجعله يشتري طاولةَ طعامٍ محترمة، فقد كانت غرفةُ المعيشةِ المكانَ الذي يحظى فيه بترفِ تناولِ غدائه وعشائه.

عاينَ تشانيول معطَفَه وقد باتت المرأةُ مستلقيةً على أريكتِه فتنهدَ بتبرمٍ متجهاً نحو الحمامِ ليخلعه ويرمي به في الحوضِ كي يغسله لاحقًا، ولأنّ بنطالَه لم يكن عليه إلا ترابٌ وعشبٌ لم يهتم بتغييره.
غَسَلَ يديه مما تبقى عليها من بقعِ دماءٍ ثم بدأ جولةَ البحثِ عن علبةِ الإسعافات.

عادَ أدراجه الى الغرفةِ بعد أن جمعَ كل ما يلزمه ليجدَها فاتحةً عينيها تحدقُ به.
للحظةٍ باغتته زرقةُ عينيها وأخرسته مرةً أخرى، ولكنه أسرعَ إليها وجثى على ركبتيه أمامها.

- أتتحدثين؟
سألها همسًا، وحينَ رآها تهزُ له رأسها إيجابًا أتبع بحسنًا وسكتّ.

كانَ أولُ ما بحثَ عنه في العلبةِ هو شيءٌ يضمدُ به الجرحَ الغائرَ في فخذِها، لإنه لم يكفَ عن النزيفِ طوالَ الطريقِ ووجبَ عليه إغلاقه كي يحبسَ الدمَ عن التدفقِ منه. أمسكَ بأكبرِ ضمادةٍ وجدها لديه، ولفّه حولَ الجرحِ جيدًا. بعدَها، انتقلَ إلى وجهها، بحثًا عن ما يفي بالغرضِ ليعقم الجروحَ فيه.

أخرجَ كلَّ ما لديه، لأنّ النظرَ وحده يكفيه ليعرفَ أن كلَّ هذه الجروحِ قد تحتاجُ أكثر مما يملك.

- ما اسمُكِ؟
قالَ بأكثرٍ رفقٍ استطاعَه.

- س.. سارا..

ملأ صوتُ تمزيقِ الضماداتِ الغرفةَ حتى كادَ يكتمُ صوتها الخفيض، ولكن تشانيول سمعَها وأومأ لها متبسمًا.
مدَ يده إلى ذراعها على نيةِ أن يبدأ من الأعلى نزولاً للأسفل، ولكنه حينَ أمسكَ برسغِها شعرِ بها تصلبت فتراجعَ فورًا.

سَاراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن