أنا حينَ أرسلتُ هذه القصةَ القصيرة إلى الناشرين، ما فعلتُ ذلكَ إلا من دافعِ الفُضولِ والتجربةِ ليسَ إلا، لأنّ هذه القصةَ تعني لي أكثرَ مما قد يجذبُ مضمونُها رأي العامّة، ولذلكَ دُهشتُ عندما اتصلَ بي أحدُهم بعد حوالي شهرٍ أو شهرين يطلبُ مني مقابلَتَه.صحيحٌ فُوجئتُ، ولكني كذلكَ سَعِدت، فالناشرُ إنّ اتصلَ بكَ فهو دلالةٌ على استحسانٍ لما أرسلتَ له، أليسَ كذلك؟ بمعنى أنه يرغبُ بمقابلةِ الكاتبِ ليخبره عمَّ اتفقوا عليه بشأنِ قصتِه وربما يحادثُه عن الحديثِ الذي يترتبُ على العقدِ وعمليةِ الطباعة.
وصلتُ هناك قبلَ عشرينَ دقيقةٍ من ميعادِ اللقاء، وذلكَ ربما نتاجًا للإلتزامِ أو ربما هو التوتُر.
جلستُ في غرفةِ الانتظارِ بشرودٍ أعزفُ أنغامًا بأناملي على فخذي، والناسُ من حولي يحومونَ بأكوامٍ من الملفاتِ في أيديهم، يرتدونَ ملابسًا فاخرةً حَسنةَ المظهر، ويعبرون من بابٍ إلى باب، يتزاحمَ الصمتُ بأصواتِ خطواتِ النساء بكعبهِنّ العالي على الأرضِ الخشبيّة، وأصواتِ رنينِ هاتفِ السكرتير وهمساتِ الحديثِ بين الحاضرين، وإلا كانَ الصمتُ المطبقُ ليكونَ شرَ رفيقٍ لانتظاري..- سيد بارك تشانيّول.
نهضتُ على عجلٍ على مسمعِ اسمي، امسحُ العرقَ في كفيّ بسروالي ثمَ خطوتُ إلى مَن نادتني. رأيتُها تتفصحُني بعينيها سريعًا ثم مدت لي كفَها لنتصافح، وأنا أرددُ في نفسي أنّ كُن محترفًا، هذه نقطةُ تحولٍ في حياتكَ المهنيّة.
- السيد جونغ جاهزٌ ليراكَ، اتبعني إذا سمحت.
عبرنا من أبوابٍ كثيرةٍ من كلٍ حدبٍ وصوب،
وأنا أتبعُها بصمت، حتى وصلنا لردهةٍ مفتوحة بدت كاستراحةٍ للموظفين ثم سرنا في رواقٍ طويلٍ حتى واجهنا بابًا في نهايتِه كُتِبَ عليه: مكتبُ المديرِ مين جُونطرقت السيدة، والتي بدت لي كمساعدةِ المدير، البابَ مرتين ثم فتحتَه قليلاً.
- السيد بارك هنا يا حضرةَ المدير.
- جيد. أدخليه..
فُتَحَ البابُ بكلِّه هذه المرة، ودخلتُ أخيرًا، تمامًا حينَ أغلقَ المديرُ ملفًا ما، وحينَ أمعنتُ النظر في الحبرِ الأسودِ الذي كتبَ الكلماتِ على الغلافِ واقتربتُ أكثر، أدركتُ أنّها الكلماتُ التي حدقتُ بها مليًا قبلَ أنّ أعتزمَ شجاعةَ إرسالِها.
سَارا
قصةٌ قصيرةٌ بقلمِ بارك تشانيول.
وقفَ المديرِ وخَطَا إليّ مادًا لي يده ليصافحني بثقةٍ تامّة.
- وأخيرًا تقابلنا شخصيٍّا!
تفضل بالجلوس.
أنت تقرأ
سَارا
Misteri / Thrillerهذه قصةُ سارا.. قد تكونُ قصةَ أحدِهما، أو ربما هي قصةٌ لا تمتُ لأحدّ.. في النهايةِ هي لا شيءٌ إلا مِن بقايا ذِكرى، فهي قصةٌ خطفَها الماضي.. فبقيّت قصةً مُجَرَدةً تخَلِدُ نفسَها.. " ومَرأى عيناكِ الحلوتانِ حينَ تلمعان.. لن أنسَاه ما حَييت.. " ****...