45| لينا.. و إلينا

2.4K 271 628
                                    


صباح يوم الخميس.
مشفى جامعة طوكيو.

- المعذرة.

رفعَت موظفة الاستقبال الشابة رأسها، تجمّدت أنفاسها وعيناها تمشط ملامح الرجل الواقف أمامها بإعجاب: شعره النحاسي مسرّح بطريقة أنيقة، عيناه العسليتان تحويان قوة لا تخلو من عبث جذاب، ملامحه خشنة، وسيمة، خاصة ببدلة العمل السوداء التي أفصحت عن انتمائه للطبقات الثرية.

حجبتْ الموظفة شعورها وراء لهجتها العملية:

- كيف يُمكنني مساعدتك؟

لم يخفَ على الرجل إعجابها بها، ولم يبالِ بالأمر، إذ اعتاد منذ بداية شبابه على كونه مغناطيسا يجذب نظرات الجنس اللطيف إليه، حتى نال لقب "نشال قلوب النساء" بجدارة!

ابتسم الرجل بهدوء وقال:

- جئِت لزيارة مريض، و أود الإستعلام عن رقم غرفته.

- اسم المريض من فضلك.

لمحِت الموظفة التردد في صوته وهو يقول:

- تاكومي.. إزومي.

•••

بعد أن ارتدى الملابس المُعقمة، وقف أمام الباب والتوتر يفوح من معالِم وجهه، العرق تزحلق فوق جبهته، وقلبه يضخُّ الدماء في اضطراب.

تبا، هل هو حقا رجل تجاوز الثلاثين؟
أين الشجاعة والرزانة التي ينبغي أن يتحلى بها؟

رفع قبضته، ولكَم خدّه بقوة، ثم مسّده وهو يتمتم بانتعاش:

- جيد، كنتُ بحاجة لها.

أمسك مقبض الباب، دفعه بخفة، ودخل كـ سارق حذر، اختلس نظرة لتلّمع عيناه ببريق الحزن وهو يلمحها هناك.. مستلقية تحت غطاء السرير الأبيض، وجهها الشاحب مخفي نصفه تحت قناع الأُكسجين، وكم آلم فؤاده مظهرها بأسلاك الأجهزة المتطورة الموصولة بجسمها الضئيل وصوت نبضاتها الواهن الذي يصدره جهاز مقياس القلب.

جلس على كرسي قريب من سريرها، ابتسم بدفء وهو يطالع ملامحها الساكنة وهمس:

- كم كنتُ أتمنى لو باستطاعتي إخباركِ عن الشبه الكبير بينكِ وبين نشالة قلبي.

طأطأ رأسه يتذكر ما أخبره ابنه مايك حين أتى للمبيت البارحة في منزله عن مشاعر إزومي نحوه، عن خيبتها من كونه هو الأب الذي طالما انتظرت حبه وحنانه، وعن مدى حزنها بابتعاده عنها وتجنبه محادثتها وكأنه يراها حِملا ثقيلا يرغب بإلقائه عن ظهره.

من قال إن الفتيات لطيفات؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن