52| يوم أسود

2.3K 251 961
                                    

يوم الأثنين.
مدينة سابورو.
الساعة الثامنة صباحا.

- صباح الخير أمي.

أغلق الباب خلفه، وانتقلت نظراته تتأمل والدته الجالسة على السرير. كانت البارحة حزينة ومتعبة، أما اليوم، فقد استوطن الإشراق ملامحها، وطلى الحنان ابتسامتها، والحب يكسو زرقة عينيها، ولا بد، أن خيوط الشمس تغار من خيوط شعرها الذهبي الطويلة. صدقا، كان يظلمها بتلك الصور التي رسمها خياله الطفولي لها!

"ألن تُلقي التحية على الضيفة؟" إلينا أخرجته من حفرة شروده، هو نقل بصره إلى الجالسة على الكُرسي: "صباح الخير يا..." ارتفع حاجبه: "يونا!"

"صباح الخير لك ايضا" واستفسرت: "هل أحضرت الفستان معك مثلما اتفقنا البارحة؟"

رفع هيرو الكيس بين أصابعه وهو يتقدم منها: "كما أمرتِ". وقفت يونا وتناولت الكيس منه، تأكدت أن فستانها نظيف وتم كيّه، ثم شكرته بعفوية.

"لماذا غادرتَ المشفى البارحة؟" إلينا قالت في عتاب، هيرو التفت إليها وتبسّم متوترا: "آه، كنتُ.. بحاجة للعودة إلى المسكن.. من.. من أجل شيء مهم ومستعجل!" عقدت والدته ذراعيها: "وهل هناك ما يفوق أهمية البقاء مع والدتك بعد سنين من الفراق؟"

بالطبع مناقشة خطة فعالة للتهرب من موعد مقرف مع أكثر فتاة تثير اشمئزازي ليس أمرا مهما، بل فائق الخطورة!
أسرّ هيرو لنفسه، واستحسن أن يُبقي سؤال والدته مُعلقا بلا جواب.

"أستميحكم عذرا، عليّ المغادرة الآن" قالت يونا ثم انحنت لـ إلينا بأدب: "أرجو لكِ الشفاء العاجل إلينا- سان". ودّعتها إلينا: "رافقتكِ السلامة عزيزتي".

فيما اتجهت يونا للباب، هيرو جلس على الكرسي، وصَفعه بشكل غير متوقع سؤال والدته:

- هل أنت خارج في موعد اليوم؟

لزمت يونا مكانها تستمع، هيرو قال بدهشة:

- هل ذلك مكتوب على جبيني أم أنه من السهل قِرآتي؟!!

- بل هذا ما أفشت عنه ملابسك!

أنزل نظره يتفحص ملابسه: قميص وسترة حمراء بقلنسوة وبنطال أزرق، ملابس عادية لا تُخمن أن صاحبها ينتظره موعد بعد ساعة. ربما والدته تملك الحاسة السادسة كما هو معروف عن جنس النساء!

"ليست الحاسة السادسة يا من تفكر بصوت مرتفع، بل كان مجرد تخمين، وردُ فعلك أثبت أنه صحيح" إلينا وضحت قبل أن تجلس متربعة وتنهال عليه بالاسئلة في حماسِ مراهقة:

من قال إن الفتيات لطيفات؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن