4

15 3 1
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد

      بعد انتهاء المحاضرة وانصراف الناس، قال لي صديقي: تعالَ نسأل الشّيخ عن بعض ما كان يدور في خلدنا، وكانت علاقة صاحبي بعالِم الدِّين في ذلك المسجد وثيقة بحيث لا يتحرّج أن يطرح عليه أسئلته بصراحة شديدة، فبادره بالسؤال: شيخنا، ما رأي الدِّين بالغريزة الجنسية؟

        فتحدّث الشيخ بلغةٍ واضحةٍ ولطيفةٍ ومؤدّبةٍ عن اهتمام الإسلام بهذه الغريزة التي يتحدّث عنها بعض المراهقين بشكل شهواني مُعيب ومُهين، وكان ممّا قاله:

        لم يخلق الله تعالى غريزة في داخلنا إلا وقد أعدّ لها ما يلبِّيها، فما دامَ هناك (جوع) لابدّ أن يكون هناك (طعام)، وما دام هناك (ذكر) يحتاج إلى (الأنثى) فلابدّ أن تكون هناك (أنثى) تحتاج إلى (الذّكر)، حتى تتوازن الحياة وتستقيم وتعمر بالبناء والإبداع. ومن هنا كان الميل إلى الجنس الآخر سبباً في الكثير من الإبداعات، وليس هناك غريزة تتحرّك لغرض الإشباع فقط، فالجائع يأكل ليحصل على الطاقة، والشاب يتزوّج ليُنشئ أسرة، ولا مانع – في الأثناء – أن يستلذّ الجائع بالطعام، ويستمتع الشاب أو الفتاة بالزواج.

        ثمّ تحدّث عن الدافع الجنسي وأهمّيته في الحياة بطريقة مختلفة عمّا كان يدور بيننا نحن المراهقين في السّرّ وفي الغرف المغلقة، فقال:

 

        إنّ الميل إلى الجنس نعمة من نِعَم الله تعالى على كلا الجنسين، فلو انعدم هذا الميل، لما اهتمّ الشاب ببناء شخصيّته الإجتماعية، وتطوير حياته المعيشية. ولما فكّر أن ينعم بظلال أسرة سعيدة، ولما اهتمّت الفتاة ببناء شخصيّتها التربوية لتكون زوجة صالحة وأمّاً صالحة، ولذلك يمكن القول بأنّ الميل إلى الجنس الآخر يقضي – إلى حدٍّ كبير – على أنانية الإنسان وحبِّه لذاته، لأنّه يجعله يفكِّر في تكوين أولى وأهم نواة إجتماعية وهي (الأسرة).

        كلام الشيخ الواعي عن طبيعة العلاقة الجنسية وأثرها في حياتنا شجّعني على أن أطرح عليه سؤالاً مباشراً، فجمعتُ كل أطراف شجاعتي، وقلتُ له، شيخنا، وما رأي الدِّين بالعلاقة بين الجنسين قبل الزواج؟ وقد أفهمه صديقه أنّ مُرادي علاقة الحبّ وما قد يستتبعها من إحتكاكات؟

        قال الشيخ: اختصر لك الجواب بنقطتين:

        الأولى: إنّ الله تعالى حصر تلبية الغرائز – الجنسية وغير الجنسية – بالمباحات، ولم يسمح لنا أن نُلبِّي أو نُشبع غرائزنا بالحرام، أي الممنوع شرعاً، ولو قارنت بين العلاقة الجنسية الشرعية (الزواج) وبين العلاقات الجنسية غير الشرعية، لرأيت أنّ إيجابيات الأولى أكثر من إيجابيّات الثانية، وأنّ سلبيات الثانية تفوق سلبيات الأولى.

مذكرات مراهق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن