توسلت إليّ إليزابيث في خطابها كي أكتب إليهم ولو كلمة واحدة، فقد مر زمن طويل منذ أن سمعوا أخباري.
وأخبرتني أنها اضطرت أن تقنع والدي ألا يذهب إلى ألمانيا للوصول إليّ!
وأخبرتني وسط كلامها الحلو كم تاقت إلى المجيء إلى إنجولشتات أيضا، لكنها كانت مضطرة أن تمكث للإعتناء بالمنزل وبأخويّ.
أوحت لي كلمات الخطاب بالأخبار السارة فحسب؛ فقد بلغ أخي إيرنست لتوه السادسة عشرة من العمر، وأخبرتني كم يرغب في العمل في السلك الدبلوماسي، مثل أبينا.
وذكرت كم كنت سأفخر به لكونه مواطنًا سويسريًّا صالحا!
وأخبرتني بشأن مدى كفاءة مربية الأطفال جاستين، وكم هي مسرورة بوجود صديقة إلى جانبها.
كتبت إليزابيث: «نحن كأختين! أنا سعيدة للغاية بوجودها معي ولا سيما لأن ويليام مشاغب للغاية!»
وأكملت بقية الخطاب بأخبار محلية حول أصدقائنا وجيراننا.
استمتعت بكل كلمة في الخطاب. وأنهت إليزابيث الخطاب بطلبها مرة أخرى أن أكتب إليهم من أجل خاطرها.
ّيا لها من فتاة جميلة عذبة. ولكم افتقدتها في تلك اللحظة. وشعرت بجم حماقتي لعكوفي على عملي البائس.
كنت قد نسيت الأمور المهمة في العالم؛ حب الأصدقاء والأسرة.
رددت على خطابها في الحال، وأخبرتها كم أتوق لها وكم أحبها، وعندما انتهيت من كتابة الخطاب وضعته في بريد نفس اليوم.
وأخيراً، وبعد أسبوعين آخرين استطعت أن أغادر غرفتي. كان هذا أمراً رائعاً أيضا، لأن هنري كان على وشك بدء دروسه ومن ثم سيتسنى لي أن آخذه في جولة في أنحاء الجامعة.
قضينا يوما نتجول في الجامعة، وقدمته إلى كل شخص أعرفه، وأريته كل مباني أقسام العلوم القديمة وكل فصولي القديمة.
وعندما بلغنا المعمل شعرت بالدم يهرب من وجهي لدى رؤيتي كل الأدوات التي أزعجتني بشدة.
لاحظ هنري انزعاجي وساعدني في عطف على الخروج من المعمل.
أعرف أنه أرادني أن أخبره ما الخطب، لكنني لم أستطع أن أفعل هذا؛ فالحقيقة مرعبة للغاية.
بدأ هنري دراسته في غضون يومين، ولم يكن لديه اهتمام بالعلوم على الإطلاق، وإنما أراد أن يتعلم كل شيء حول شتى لغات العالم.
ولما لم أكن ممن يؤثرون الراحة قررت أن أستذكر هذه اللغات أيضا.
ًقضينا الصيف على هذا المنوال؛ نقرأ ونستذكر دروسنا معا، فقد كان من الجيد أن أشغل بالي. وأرسلت إلى أبي أخبره أنني سأعود إلى جنيف في الخريف.
لكن عندما حان الوقت الذي كان من المفترض أن أرحل فيه ساءت الأحوال الجوية بشدة فاضطررت أن أمكث في إنجولشتات طول فصل الخريف.
لم تكن الطرق آمنة للسفر عليها قبل شهر مايو/آيار. ومرة أخرى جعلني جو الربيع أشعر بتحسن كبير.
مر عام على نوبة مرضي وأصبحت أقوى من ذي قبل.
كنت أشعر بأنني على ما يرام بالفعل حتى إن هنري اقترح أن نذهب في جولة سيراً على الأقدام في أنحاء البلد حول الجامعة. رأيتها فكرة رائعة إذ يمكنني أيضا أن أودع الأرض التي كنت أدعوها وطني على مدى الأعوام القليلة الماضية.
ّسافرنا لمدة أسبوعين، وأنعش الهواء النقي قلبي ورئتي، فقد أمضيت الكثير من الوقت في معملي وأنفي مدفون في التجارب والكتب.
ونسيت تماما كم كنت أستمتع بوجودي في الخارج. تفتحت الأزهار وأخذني جمالها، وبدت الأشجار رائعة. وتلألأت صفحة مياه البحيرة، فنسيت السنة التعيسة الماضية.
تمشينا أنا وهنري وتسامرنا كثيراً ، فقد كانت تربطنا علاقة صداقة قوية، وقد أدخلت صحبته الطيبة السعادة على قلبي بشدة.
تذكرت من كنت، قبل أن آتي إلى المدرسة وأعبث بالطبيعة وقبل أن أخطئ وأصنع مسخاً بشعاً.
رجعنا إلى الجامعة بعد ظهر يوم أحد. وفي طريق عودتنا إلى إنجولشتات لم نلتق إلا بأشخاص مبتهجين.
ارتفعت معنوياتي وكنت أسير في نشاط وبهجة وامتلأ قلبي بالفرح.
أنت تقرأ
فرانكنشتاين أو برومثيوس العصر
Fantasiaرواية فرانكنشتاين أو بروميثيوس العصر . ( 1818). للكاتبة ماري شيلي . تحكي القصة عن الفتى الطموح الشغوف بالعلم 《 فيكتور فرانكنشتاين 》 الذي تحول طموحه الى هوس وجنون بأن يصنع بشراً فما كان منه الا أن صنع مسخاً غاية في القبح ، لتتحول حياته بعدئذ الى جحيم...