الهواء الخريفيّ البارد لفح وجهه لكنّ ذلك لم يكن السّبب الذي يدفعه ليحني عنقه ويدفن وجهه في وشاحه الخفيف ولا ليقبض شرائط حقيبة ظهره بقوّةٍ يبّست أصابعه، بلّل حلقه الجّاف إذ علت أصوات الطّلاب في أذنيه وبدأ يمرّ بقربهم باستمرارٍ في باحة المدرسة الواسعة.
مساحته الشخصيّة الضيّقة التي كان راغبًا أن يحميها ويعزلها قدر الإمكان أخذت تُختَرق، وحدته التي حمته مؤخرًا أصبحت من الماضي، لا يمكنه التّغيّب عن المدرسة إلى الأبد ويكفي أن فاته العام الماضي وأصبح عليه إعادته لذلك ورغم ضربات قلبه المتوتّرة وقلقه الشّديد كان عليه أن يمضي إلى الأمام مهما كان راغبًا في الالتفاف إلى الوراء والجري دونما عودة
توقّف لحظاتٍ وأخذ أنفاسًا مرتجفةً
"اهدأ.. اهدأ.. كلّ شيءٍ على ما يرام.. أنت بأمانٍ"
حدّث نفسه لحظاتٍ قبل أن يفتح عينيه ثانيةً ويجتاز باب المدرسة الزّجاجي سائرًا في الممرّات وصاعدًا بعض الأدراج حتّى وصل أخيرًا إلى الفصول، ودون سؤال أحدٍ تجوّل دقائق وهو يمرّر عينيه على لوحاتها حتّى عثر على المكان المطلوب
"2-ب"
بيدٍ مهزوزةٍ كثقته فتح الباب، لحسن حظّه كان المكان خاليًا فتنفس ببعض الارتياح قبل أن يتّجه بعزمٍ إلى المقعد الأخير ويحتلّه، ولم يلبث أن فعل حتّى دخلت مجموعةٌ صاخبةٌ من الطّلاب وما إن لمحوه حتّى هدأوا قليلًا وألقوا التحيّة عليه لكنّ كلّ ما فعله كان الإيماء برأسه قليلًا حتّى أنّهم لم يلحظوه ربّما
"ما باله هذا الأحمق؟" قال أحدهم بانزعاجٍ فيما يتّجه إلى المقاعد الأماميّة وينادي أصدقاءه الذين سرعان ما التمّوا وتناسوا أمره وأشعره ذلك بالرّاحة، على الأقل لم يؤذوه
أنزل يديه عن شرائط حقيبته وأنزل حقيبته كلّها إلى الأرض بجواره ورغم ذلك لم يتّخذ جلسةً مريحةً، ومع كلّ طالبٍ يزداد كان توتّره يزداد حتّى أخذ يفرك يديه تحت الطّاولة أخيرًا وهو يحدّق في سطحها بقلقٍ
فجأةً تهاوى هيكلٌ ما على المقعد بجواره ممّا أفزعه وجعله يقفز في مكانه قليلًا بينما يلتفت إليه بأعينه البنيّة الواسعة، بينما شاحب البشرة الذي كان من جلس بجواره نظر إليه باستغرابٍ مشوبٍ ببعض المراعاة: "أفزعتُكَ؟ هل أنت على ما يرام؟"
ولم يكن منه سوى أن أطلق نَفَسين متكّسرين قبل أن يستطيع إرغام نفسه على الإيماء ثم التفت أمامه بسرعةٍ، وصاحب المقعد المجاور بقي ينظر اتّجاهه لحظاتٍ بغرابةٍ قبل يتجاهل ما حصل ويخرج هاتفه من جيبه ليعبث به.
أنت تقرأ
Fate Reversed | KSJ x MYG ✔ -تحت التعديل-
Fanfictionبطريقة ما تبادلنا المصير، والآن سأُعيد لكَ كُلّ ما فقدتَه بسببي.. كتبت في: 21 12 2018