١٥

34.1K 890 6
                                    

الفصل الخامس عشر
****************

وقف عمران من بعيد يُطالعها وهي تقف علي أحد المقاعد تعقد رابطة الزينه التي انقطعت .. وأبتسم وهو يراها تصفق بيديها بعد أن أنجزت مهمتها
بدء عقله ينشغل بها حتي ان عيناه بدأت تلتقط كل كبيره وصغيره تفعلها .. وتحركت قدميه لخطوه كي يقترب منها
ولكنه تراجع سريعا ..ليعود الي المنزل بخطوات حازمه ويصعد الدرجات نحو الأعلي .. وأنتبه لصوت منيره
- هتفطر هنا ولا بره
فألتف عمران لها ليُطالعها بملامح جامده بعض الشئ
- هفطر بره يامنيره
وأكمل صعوده وداخله صراع بين قلبه وعقله
فالقلب يريد ان يحيا من ظلمته وسكونه اما العقل يقف أمامه كالمعلم
...................................................................
جلست فرح علي فراشها وهي شارده في تلك الليله التي أخبرها فيها أمجد عن حبيبته ..لم تكن تعلم ان الحب مؤلم هكذا ..وزفرت انفاسها بأسي ورفعت وسادتها تضمها اليها
حبها الصامت لم يُجني نفعاً وقد اخذت حلمها أخري
أحيانا صمتنا يكون هو سبب خسارتنا واحيانا اخري يكون هو نجاتنا من هلاك لا نعلمه ... ومالت بجسدها علي الفراش
وأغمضت عيناها بقوه تمنع دموعها ...وغفت دون شعور
ذاهبه لعالم أخر به الهدوء
...................................................................
الأيام تمر والكل يسير بحياته كما اعتاد .. من يسير نحو حلم جديد ومن يودع حلم عاش به طويلاً
وقفت نهي أمامه تنتظر منه ان ينتبه اليها ولكن أمجد الذي أصبح عليه الان لا تعرفه فمنذ ان عاد من اجازته التي أخذها لبضعة ايام .. عاد جامد الملامح يتحدث معها كأن لم يحدث بينهم شئ .. وتذكرت لحظاتهم الجميله رغم انها قليلا ولكنها أجمل ماعاشته بحياتها المظلمه
وتمتمت بأرتباك : السكرتيره قالتلي انك عايزني
وانتظرت للحظات الي أن رفع وجهه نحوها وألقي بكلماته بقسوه لم تراها منه من قبل
- هتتنقلي لقسم العلاقات العامه
وكادت ان تتكلم الا انه لم يعطيه فرصه للحديث ليُشير اليها بجمود
- ده قرار نهائي ولو مش عجبك تقدري تقدمي أستقالتك
وعاد الي مُطالعة أوراقه .. لتقترب منه قائله بنبره باكيه
- انا عملت ايه طيب !
فزفر أنفاسه بقوه وهو يرفع وجهه
- أنسه نهي أتفضلي علي شغلك !
لتقف حائره ونظرت اليه وارادت ان تتكلم ولكن أشار بيده نحو الباب .. لتنصرف في صمت
وبعدما رحلت ظل يدور بمقعده بجمود وهو يُدرك حقيقه واحده أنه أحبها حقاً ووقع في فخها كما وقع الأخرين
...................................................................
رأت سيارته من شرفتها وقد عزمت ان تذهب اليه كي تتحدث معه وتسأله عن صحة حسام وهل أستيقظ من غيبوبته ام مازال كما هو .. وأرتدت حذائها ونظرت الي ساعة هاتفها لتجد ان الوقت تجاوز العاشره مساءً .. وخرجت من غرفتها مُتجه نحو المطبخ
لتجد مُنيرة جالسه بمفردها تتثاوب .. فمنذ بداية ذلك الشهر ونعمه وامل يرحلون الي منازلهم مُبكراً قبل موعد الأفطار
ونظرت اليها منيره
- مالك واقفه كده ليه .. شكلك جعانه ياحببتي
وتابعت بأمومه : ما أنتي مبتفطريش كويس يابنتي
ونهضت كي تعد لها الطعام .. فأوقفتها حياه
- انا جيت اشرب معاكي الشاي
فقد خجلت أن تُخبرها أنها تُريد أن تستأذن لها كي تُقابل عمران
وقررت أن تؤجل حديثها معه الي ان تراه صدفه ..فلا داعي للانتظار
وصنعت منيره الشاي وجلسوا يشربونه سوياً ويُثرثرون ..وعادت تتثاوب منيره ومسحت علي وجهها
لتشفق عليها حياه
- شكلك تعبانه وعايزه تنامي .
ونهضت كي تتركها ولكن جاء صوت عمران وهو يردف لداخل المطبخ
- ممكن فنجان قهوه يامنيره
وأنتبه لوجود حياه ولكنه تجاهلها وهو يُصارع رغبته في تأملها
ونهضت منيره تصنع له فنجان القهوه.. وقبل أن يُغادر المطبخ هتفت حياه
- ممكن أتكلم معاك دقيقه
فألتف عمران اليها .. ونظرت لها منيره وهي تعد القهوه
- ابعتي القهوه معاها يامنيره
وانصرف بعنجهته التي اعتادت عليها .. فكشرت بملامحها لمعاملته تلك .. فضحكت منيره
وبعد دقائق انهت منيره اعداد القهوه وأعطتها لها
- اهي القهوه ياستي ...
وتابعت وهي تربت علي كتفها
- هروح ارتاح في اوضتي شويه قبل ميعاد السحور
فحركت حياه رأسها وتقدمت امام منيره وكل منهما ذهب لأتجاهه
طرقت الباب طرقات خافته وبعد ان أذن لها بالدخول
أردفت بأرتباك وتمتمت بخفوت
- احط القهوه فين
فألتف عمران لها وقد كان يتحدث في هاتفه وأشار اليها بأن تنتظر لحظه
وأنهي مُكالمته .. ونظر اليها طويلا ولم يعلم لما أراد ان يري حنقها منه ويُشاكسها قليلا
- هاتي القهوه
وقبل أن تقترب منه بها .. أتجها نحو الأريكه يجلس عليها بغرور ويسترخي بجسده
فزفرت انفاسها بحنق تكاد تنفجر به ... وأتجهت نحوه
ثم وضعت صنية القهوه علي الطاوله المستديره القريبه من موضع جلوسه
ليهتف عمران ساخراً : هنقعد ساعه عقبال ماتديني القهوه
ومدّ له يده وداخله يضحك علي هيئتها الحانقه .. وتنهدت بقوه وهي تحمل فنجان القهوه كي تعطيه له وتخبره بما جائت وتنتهي تلك الجلسه قبل أن تسكب عليه تلك القهوه
وحدث ماأرادت .. فسقطت عليه بالقهوه بعد أن تعرقلت قدماها بطرف ثوبها الطويل
لتبتعد سريعا عنه .. فينهض وهو يفك ازرار قميصه بضيق
- أنا قولت تديهاني مش تحرقيني
وأتسعت عيناها وفتحت فمها كالبلهاء وهي تراه عاري الصدر امامها بعد ان خلع قميصه
ووضعت يدها علي عينيها وهي تُتمتم
- البس هدومك مينفعش كده
كان عمران يُطالع موضع الحرق دون أن ينتبه لها .. ورفع عيناه نحوها ليجدها تقف تعطيه ظهرها وتُخبئ عيناها بيديها
- انا هجيلك في وقت تاني
وتحركت خطوه من امامه .. ليمسك ذراعها حانقاً واراد ان يستفزها
- يعني تحرقيني وتمشي
فتمتمت حياه بخجل : عيب افضل هنا معاك وانت كده
استفزته كلماتها فنطق بحنق
- حياه انا جوزك علي فكره
وأزالت أحد ايديها عن أحدي عيناها
- ها !
هيئتها هذه أنسته حنقه منها ومافعلته ..حتي الم الحرق لم يعد يشعر به
- ولا انتي نسيتي
وتابع وهو يراها تبتلع ريقها بصعوبه
- عالجيني بقي
كلمته الأخيره جعلتها تفيق من غيبوبتها المؤقته .. ودفعته بيدها وركضت من امامه
لتعلو ضحكاته وهو لا يُصدق انها خجلت منه رغم انها عاشت سنين عمرها في المجتمع الغربي
...................................................................
رفعت مها عيناها نحو التي تقف أمامها ..وظلت تتفحصها من قدميها الي رأسها ..ف نادين اصبحت فاتنة الشركه منذ تعينها
لتهتف نادين بوقاحه : انتي يا أنسه
وبدأت تعدل من شعرها بيديها
- بشمهندس مروان عايزني ..ممكن ادخوله بقي
فتمتمت مها ببعض الكلمات المُبهمه .. ونهضت حانقه
- أتفضلي
وسارت أمامها والأخري تتباطئ في خطواتها
وطرقت الباب ثم أردفت وهي تخبره
- الانسه نادين يافندم
فأبتسم مروان ونظر الي نادين التي تتقدم نحوه
- تعالي يانادين
واشار اليها ببرود عكس تلك
- اتفضلي انتي يامها
فوقفت للحظات تنظر اليهم ..الي ان أنصرفت وقلبها يخبرها انه اذا فَتن بإحداهن فستكون هي نادين
وجلست علي مكتبها تُلملم الأوراق بعنف ..فهي تُريد ان تخرج غضبها بأي شئ
اما هو جلس مع نادين بعمليه يُخبرها عن المشروع الذي ستعمل به واختارها لان المشروع مشابه لمشروع تخرجها
ونادين كانت تجلس امامه بهدوء لا تفكر بشئ سوي عملها ...................................................................
تسير شارده في الحقيقه التي علمتها .. حقيقة مؤلمه ولكن جعلتها تفيق من أحلامها وسمعت صوت سياره خلفها
ولكنها لم تقف وأكملت سيرها
ليخرج ادهم من سيارته ..ويذهب نحوها
- أنسه فرح
فأنتبهت فرح لصوته وألتفت اليه بوجه شاحب
لينظر لها أدهم بقلق
- شكلك تعبان ..فيكي حاجه تحبي اوديكي المستشفي
لتخفض فرح رأسها أرضاً لعلها تُداري بؤسها
- لاء ابدا انا كويسه
واشارت نحو طريقها
- انا رايحه الملجأ
وتقدم امامها وهتف بود
- طب تعالي اوصلك
فنظرت الي طريقها وتمتمت برقه
- لاء شكراً اتفضل انت
وأكملت سيرها بخطي بطيئه ..فهي تُريد أن تسير لاكبر مسافه ممكنه لعلها تجد في ارهاق قدميها مُسكن لقلبها
ووقف ينظر اليها بقلق ثم عاد الي سيارته وداخله مشاعر كثيره نحوها كلما رأها نسي انه لا يُريد ان يقع في فخ الحب مجدداً
...................................................................
انهت حديثها مع مها بعد أن أكدت عليها موعدهم بعد انتهاء دوام عملهم وسارت للأمام ثم ألتفت نحو مها مره اخري
- هستناكي بره قدام باب الشركه .. اوعي تتأخري
وشقهت فجأه عندما وجدت نفسها تنصدم بجسد أحدهم
ورفعت عيناها نحو الذي وقف يُطالعها بصمت .. وأتسعت حدقتي عيناها وهي تجد عمران امامها
ومها تقف أمام مكتبها تكتم صوت ضحكاتها
- اه ياراسي
وكاد عمران يبتسم ولكن منع أبتسامته وظل ينظر اليها ..فأرتبكت حياه وأبتعدت عن طريقه وقبل ان تتخطاه وجدت عمران ينحني نحوها
- سلامتك
ثم تابع بخبث : أعتبريها ضريبه عن القهوه
وتابع خطواته وأبتسم .. لتقف مها تُطالع الموقف وهي لا تُصدق ان عمران العمري يبتسم
...................................................................
وقفت نهي تُطالعه من بعيد وكلما تقابلت عيناهم كان يشيح بوجهه نافراً وكأنه لا يُطيق رؤيتها
وذهبت لتجلس علي مكتبها وهي مُطأطأت الرأس تتذكر اي شئ فعلته يجعله ينفرها هكذا ولكن لم تجد
وأدمعت عيناها ولأول مره تُدرك ان للحب ضريبة
وتنفست بصعوبه وهي تمسح دموعها ..فالشخص الوحيد الذي أحبته قد تركها بعد ان فتحت معه صفحه جديده مع الحياه ونسيت ماضيها المؤلم من والد يتهم زوجته باطلا بل ويأتي برجلا لها كي يحكم خطته ويثبت انها عشيقته ويجعلها تتنازل عن كل املاكها من اجل ان لا يفضحها
وعادت الذكريات تخنقها ..فسحبت حقيبتها من علي مكتبها وخرجت تركض من مقر عملها دون ان تشعر بشئ حولها
ونظرات اخر يقف من بعيد يُطالعها
...................................................................
كان شعور حياه مختلف وهي تنهض من فوق فراشها بحماس .. فالعيد قد أت ولأول مره تشعر بفرحه هكذا
وظلت تدور بحجرتها وتُدندن بالغنوه التي سمعتها امس في هاتف نعمه
- "العيد فرحه واجمل فرحه تجمع شمل قريب وبعيد"
ووقفت تتذكر باقي الكلمات ولكن تلك الجمله الوحيده التي تذكرتها من الغنوه
ورن هاتفها لتركض نحوه ..وابتسمت وهي تهتف بسعاده
- كوكو الجميله ................................................................
وضعت منيره القهوه امام كل من عمران وأمجد
وانصرفت نحو المطبخ تعد وجبة الأفطار لها ولحياه
اخذ أمجد فنجان قهوته وأرتشف منها
- انا مش عارف ماما وفرح هيفضلوا لحد أمتي في المزرعه
فتنهد عمران وهو يعبث بهاتفه
- مدام مرتحين ياأمجد يبقي خلاص
ونهض من فوق مقعده
- انا هقوم اجهز قبل ما نسافر
وحرك يده علي لحيته ..فضحك أمجد
- وياريت تحلق كمان
فأبتسم عمران وتابع سيره
ليزفر أمجد انفاسه وهو ينظر الي هاتفه فيجد رساله من نهي
وفتحها كي يقرأها ولكن أغلق هاتفه وأكمل احتساء قهوته
...................................................................
وقفت حياه تستمتع بالحديقه وهي ترتدي ثوبها الجديد .. وأكملت سيرها نحو المطبخ .. فوجدت أمجد يقف بجانب سيارته يتحدث في هاتفه وعندما لمحها أشار اليها ان تقترب منه
فأقتربت منه بأرتباك وهي تعبث بيديها بفستانها .. وانهي امجد مُكالمته وابتسم لها
- عيد سعيد ياحياه
فأتسعت ابتسامتها فهي كانت تظن ان بعد لقائهم الاخير سيُعاملها وكأنها لا شئ
- عيد سعيد ليك انت كمان
فأبتسم أمجد ومازحها قليلا .. ولا يعلم لما شعر بالضيق من عمران وسألها بود
- هتعملي ايه في العيد
فنظرت حولها وهي لا تعلم الاجابه وحركت يداها بعفويه
- هقعد مع ماما منيره في المطبخ
فضحك أمجد : يعني هتقضي ايام العيد في المطبخ مع منيره
فأرتبكت من ضحكته وحركت رأسها
- اه
ونظر اليها بتمعن وهتف بجديه
- ماتيجي معانا المزرعه انا وعمران
وعلي أسم عمران جاء الأخر بوسامة لم تراها فيه من قبل .. فقد حلق لحيته واصبح عمره اصغر ..كما ان ملابسه مُنمقه كالعاده ورائحة عطره تملأ رئتيها.. ووقفت تتأمله وقلبها يدق بعنف
وعندما وجدت عيناه تتفحصها طأطأت رأسها أرضاً
ونظر أمجد الي شقيقه بهدوء
- كنت بقول لحياه تيجي معانا المزرعه ياعمران انت أيه رأيك
وغمز له بعينيه بأن يوافق .. ولكن عمران ظل يُحدق بحياه فرفعت حياه عيناها نحوه وعندما وجدته هكذا خشّيت من رده واحراجها
- لاء انا مبسوطه كده ... انا وماما منيره عندنا خطط كتير هنعملها
وتحركت من امامهم بعدما أستأذنتهم
ليهتف أمجد به
- حرام عليك أحرجتها .. كنت أتكلمت ولا قولت حاجه البنت خافت لترفض
ليضع عمران نظارته علي عيناه ويتحرك نحو سيارته
- يلا عشان منتأخرش
وركب سيارته وهو يشعر بالضيق من تصرفه معها ولكن هكذا أفضل لها وله فطرقهم مختلفه
...................................................................
ضحكت حياه وهي تُشاهد احدي المسرحيات وتحمل طبق الحلوي ومنيره تجلس جانبها وتضحك أيضا .. ووضعت بيدها علي بطنها التي قد أنتفخت من طعام منيره الشهي
- أنا بقول كفايه اكل كده
لتضحك منيره وهي تتأملها
- ومين اللي هياكل الكيكه اللي انا عملتها
فشهقت بألم في معدتها : لاء كفايه كده
وتابعت بدعابه : فينك يا أمل انتي ونعمه
فوكظتها منيره بخفه: حد يقول لأكل منيره لاء
وظلوا هكذا طيلة اليوم الي ان حل الظلام
.................................................................
جلسوا يتمازحون مع والدتهم وكل منهما عاد وكأنه طفلا صغيراً
ومال أمجد علي كتف والدته ينام عليه
وعمران جالس بجانبها يتصفح هاتفه تارة وتارة اخري ينهض ليُجيب عن اتصالات المُعايدة
فنظرت اليه ليلي بحنان
- كفايه كده وأقفل تليفونك اللي مبطلش رن من الصبح
فضحك أمجد وهو يُطالع عمران
- انا ريحت نفسي وقفلت التليفون ياست الكل
فربتت ليلي علي شعره بحنان
- طول عمرك مريحني ياحبيبي
فضحك عمران وهو يرفع يدها يقبلها
- بقي كده ياست الكل
فأبتسمت ليلي وضمته اليها
- مش ناوي تتجوز وتفرحني بيك
فتمتم عمران بحنق : ان شاء الله
فتنهدت ليلي بضيق منه.. ليعتدل أمجد في جلسته وينظر الي عمران ويغمز له بمكر
فنظر اليه عمران بقوه .. ليضحك أمجد
- انا بقول أدخل اشوف البت فرح أحسن بدل ماافضح الدنيا
ليقبض عمران علي يده وهو يتوعد له .. ونظرت ليلي اليه
- هو في ايه .. انت واخوك مخبين عني حاجه
فأسترخاء عمران بجلسته
- تفتكري احنا نقدر نخبي عليكي حاجه
فحدقت به وهي تتسأل
- ايه رأيك في نيره ياعمران .. انا صحيح مش راضيه عن لبسها وتحررها الزايد .. بس هي بنت حلوه ومثقفه وعليتنا وعيلتها أصدقاء من زمان
فزفر أنفاسه بيأس وأبتسم وهو يحتضنها ويُقبل رأسها
- لو لقيت عروسه زيك ياست الكل .. أوعدك هتجوزها علطول
لتضيع ليلي مع كلماته وتبتسم وهي تدعو له
...................................................................
اشرق يوماً جديد ..وذهبت حيث مكانها الدائم لتجد منيره تُحادث أحدهم بالهاتف وبعدما أنتهت من مُكالمتها
نظرت الي حياه التي جلست امامها بنظرات متسائله
- دول اهل جوزك الله يرحمه
فأبتسمت منيره وهي تتذكر الطفل الصغير ابن شقيق زوجها الذي سيكون عُرسه غداً ويدعوها لحفل زفافه
وتنهدت بسعاده : اه ياحببتي ..
ونظرت الي حياه وهي لا تعلم أتذهب كما وعدتهم ام لا
واخبرت حياه بأصرارهم عليها لمشاركتها فرحتهم
فأبتسمت حياه وهي تربت علي كفها
- روحي أفرحي ...اكيد بقالك كتير متجمعتيش معاهم
وتسألت منيره بقلق : طب وانتي يابنتي
ثم دارت بداخلها فكره
- ايه رأيك تيجي معايا
فطالعتها حياه بخجل ولم تُريد ان تكون عبئ عليها
- متقلقيش عليا انا هخرج اتفسح مع منار وكمان مها
وتابعت بحماس كي تجعل منيره تُسافر دون قلق
- انا حكتلك عنهم .. وانتي اه بتقولي يومين وراجعه
فحركت منيره رأسها برفض
- محدش قاعد في الفيلا .. نعمه وامل اجازه .. وعمران بيه مسافر
فأبتسمت حياه : نسيتي الحارس اللي علي البوابه ..
وجذبت يدها : قومي نحضر الشنطه ..
وأقنعتها ان تذهب كي تُرفه عن نفسها فمنيره نادراً ان تترك الفيلا فعندما رأت بعينيها رغبتها في الذهاب وهي العائق الوحيد لها
قررت ان لا تجعل نفسها أنانية وتحرمها من تلك السعاده التي ستجدها مع أقاربها
وجاء صالح بالسياره وحمل حقيبة منيره وهو ينظر لحياه التي تقف تُطالعهم بحماس
- كويس انك اقنعتيها ياحياه تخرج .. انا مش فاكر اخر مره منيره خرجت كان امتي
وضحك وهو ينظر لمنيره التي تُحدق به شزراً
واقتربت منيره من حياه وضمتها اليها
-خلي بالك من نفسك ... تعالي ياحياه معايا عشان اطمن عليكي اكتر
فقبلتها علي وجنتيها وهتفت بمشاغبه
- هكلمك كل دقيقه .. واوعي تنسي تصوريلي الفرح
فضحكت منيره وودعتها وأتجهت نحو السياره
وبعدما أنطلقت السياره .. جلست علي الدرج وهي تتأمل طيف السياره والبوابه تغلق والسكون يعم المكان
...................................................................
نظر عمران الي هاتفه وهو يدق لتنظر اليه والدته بحنق
- مش قولت أقفل التليفون ياعمران
وأخذت ليلي الهاتف وكادت ان تغلقه لتجد رقم منيره
- ازيك يامنيره
فهتفت منيره بود : ازيك ياست ليلي
وتسألت منيره : هو عمران بيه موجود جنبك
فنظرت ليلي الي عمران
- اه يامنيره قاعد بيفطر .. في حاجه حصلت في الفيلا
فنظر عمران الي والدته وهو يرتشف من كأس العصير الذي امامه وينتظر ان يعرف منها لما هاتفته منيره
وأغلقت ليلي الهاتف بعد أن انتهت المكالمه وعلمت سبب اتصال منيره
وجلست علي المقعد الذي بجانبه
- منيره سافرت تحضر فرح في بلدها وتقضي اجازة العيد معاهم .. يومين وهترجع
فأكمل أرتشاف العصير وحرك رأسه بتفهم وقد نسي أمر حياه
ليقترب امجد منهم ويُقبل والدته علي وجنتيها .. ويُطالع عمران : فين فرح
فتمتمت ليلي وهي تضع الطعام في الطبق الخاص بها
- راحت الملجأ
فتمتم عمران وهو يتناول أفطاره
- ادهم عازمنا النهارده علي الغدا في مزرعته
..................................................................
وقفت فرح تنظر الي الأطفال وهم يرتدون ملابس العيد ولكن وجوههم ليست سعيده وأقتربت من احد الأطفال تسأله
- مالك زعلان كده ليه يا كرم
فنظر لها كرم بحزن
- احنا مش هنخرج في العيد ياماما فرح .. انا نفسي اخرج
وسألها بنبره حزينه
- هو اللي معندهوش بابا وماما مبيخرجش
فضمته اليها بحزن وربتت علي ظهره ولاول مره تشعر ان الحياه أعطتها الكثير وهي لا تعلم
والدتها تركتها بسن صغير ولكن والدها عوضها بكل شئ .. لديها عمه تحبها وكأنها ابنتها ولديها عمران وامجد اللذان يحبونها ويُدللونها ..لديها المال والاهل فحتي لو فقدت شئ بحياتها ..فلديها مايعوضها ولكن هؤلاء من سيُعوضهم
وأبتسمت ومسحت علي وجهه
- وعد مني بكره هفسحكم
فأنطلق الصغير يُخبر رفقائه .. ووقفت هي تضحك عليه كيف تبدل حاله من مجرد وعد بسيط .. وتمتمت
- انا محتاجه مساعده من حد في الموضوع ده
وسمعت صوت خلفها يسألها
- ايه هي بقي المساعده ديه وانا في الخدمه
فأبتسمت فرح وهي تري الصغير مالك بين ذراعيه
ومدّت يداها له .. واخذت الصغير تُقبله وتُدغدغه
فضحك الصغير ..
- ها مقولتيش علي المساعده اللي محتاجاها
فتنحنحت فرح بحرج وبدأت تخبره عن رغبه الاطفال في التنزه
فأبتسم أدهم وهو يُفكر في امر ما: بسيطه ياستي .
فطالعته بتسأل : يعني هتقدر تساعدني
فحرك أدهم رأسه وهو يبتسم
- بكره الساعه تسعه جهزي الأطفال
وظهرت السعاده علي وجهها
- انا مش عارفه اشكرك ازاي
وتأوهت بألم وهي تجد مالك يصفعها علي وجهها
لتضحك فيضحك ويشير لصغيره
- مالك عيب كده
فتمتم الصغير بكلمات أصبح يفهمها والده .. فقبلته فرح ضاحكه ثم قرصت وجنتيه بخفه
- بقيت عفريت ...................................................................
نظرت حياه الي هاتفها بعد أن هاتفت مها ومنار وكل منهما اعتذر لها عن مُقابلتها هذا اليوم
فمنار ستخرج مع خطيبها .. ومها ستذهب الي أقاربها
واخذت تُطالع غرفتها وهي تشعر بالوحده .. وسقطت دموعها فالكل لديه عائله الا هي تجلس وحيده
فاليوم أدركت مامعني كلمه عائله .. ولو خيروها الأن بأي شئ تُريد ستتمني ان تحظي بعائلة
وأتكأت بجسدها علي الفراش وغفت وهي تمسح دموعها
...............................................................
تغيرت ملامح نيره وهي تجد والدها يُرحب بأحدهم ..وبدء يُعرفها عليه ويعد لها مميزاته ووالدتها تهتف
- ماشاء الله
ونظرت اليهم بشك فهي الان علمت سبب هذا الجمع .. وعندما وجدت والدها يدعو ذلك الرجل للجلوس معهم
ايقنت انه عريس أخر ..................................................................
تعالت ضحكاتهم وهم يحتسون القهوه ويشاهدون الصغير مالك كيف يجذب فرح من حجابها ويُشاكسها اذا لم تنتبه له .. كانت جلسه هادئه ودافئه
وبدء الحديث يأخذ طريقه الي السياسه وأحوال البلد والأقتصاد ..
وتعلقت عين ليلي بأمجد وهي تراه أغلب الوقت شارداً ثم نظرت الي فرح لتستعجب من تجنبها له والابتعاد عنه
وأبتسمت وهي تري كيف يختلس ادهم النظرات نحو فرح
وأنتهت جلستهم التي ظلت لثلاث ساعات .. واكد ادهم علي فرح لقائهم غداً ...................................................................
صعدت ليلي الي غرفتها بعد ان جائوا من مزرعة عائلة القاضي
واتبعتها فرح .. واتجه أمجد نحو الأسطبل لعله يجد الهدوء مع حصانه المفضل
أما عمران جلس يُدخن بعقل شارد وفجأه أطفئ سيجارته .. وألتقط هاتفه بعد ان تذكر شئ
ليأتيه صوت منيره وحولها اصوات صاخبه
- منيره حياه فين معاكي
فنطقت منيره بصوت عالي
- مرضتش تيجي معايا .. وفضلت في الفيلا
وقبل ان تُكمل منيره حديثها .. أغلق الهاتف
وصعد لغرفته يجلب مفاتيح سيارته
وعندما لمحه امجد من بعيد أشار له بأن ينتظره
- انت رايح فين ياعمران .. ومالك قلقان كده
فأردف عمران داخل السياره
- محدش في الفيلا منيره سافرت ونعمه وامل اجازه .. حياه لوحدها هناك ومافيش غير الحارس
فوضع أمجد بيده علي شعره
- ماانا قولتلك ناخدها معانا .. انا البنت ديه بقت تصعب عليا
فين أهل ابوها طيب محدش ليه بيسأل عنها
فتمتم عمران قبل ان ينطلق بسيارته
- بعدين ياأمجد نبقي نتكلم
وظل يبحث عن رقمها وهو يقود .. ليكتشف انه لا يعرفه
وزفر انفاسه بقوه .. وهو يشعر بالخوف عليها
ودق القلب دون شعور صاحبه
...................................................................

ودق القلب  (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن