الفصل الثامن عشر
*************وقفت فرح تنظر الي العمال وهم يعملون ..تشعر بالسعاده لما ستفعله من أجل الاطفال .. معهم نسيت وجعها ونسيت حبها لمهنة الصحافه .. وتنفست بحنين وهي تتذكر والدها
" هكون بذره طيبه في الأرض يابابا "
ودمعت عيناها وهي تتذكره ..الي ان سمعت صوت خلفها
تعلم صاحبه تماماً ..فألتفت نحوه بعد ان مسحت دموعها
- انتي كنتي بتعيطي
فأشاحت وجهها بعيدا عنه .. ليقترب منها بقلق
- فرح فيكي أيه
لم تعلم لما قلبها دق فجأه وهي تري لهفته وقلقه عليها .. ولكن نفضت تلك الأفكار من رأسها سريعا فهي مازالت تُشفي من حب أنتهي قبل أن يبدء
وتسأل ادهم مُجدداً وهو يزفر انفاسه بحنق
- فرح ردي عليا
فتمتمت بأرتباك : مافيش حاجه .. بس افتكرت بابا الله يرحمه
شعر بالحزن لأجلها .. ولم يجد مايقوله ..وأزال نظارته السوداء لتسقط اشعة الشمس علي عينيه
وأخذ يُغمض عيناه بحنق .. لتضحك هي
- لسا متعودتش علي شمس ام الدنيا
فأبتسم وهو يُطالع المكان حوله
- هتعود أكيد زي مابقيت اعتود علي حاجات كتير هنا
وابتعدت عنه .. لينظر لها بحب لأول مره يعرفه
حب لا يعلم كيف نبت في قلبه ولماذا هي
..................................................................
جلست تنتظره الي أن يعود من العمل لتعد له وجبة العشاء فهذا أصبح روتنها اليومي منذ انا جائت معه من أسبوع .. تنتظره بلهفه لا تعلم سببها .. وتذكرت أمل ونعمه ومنيره وكيف كانت تقضي يومها معهم بالمطبخ
ونهضت من فوق الاريكه لتصعد لأعلي .. فالشقة التي يمكثون بها تتكون من طابقين
ودخلت غرفتها التي بجانب غرفة عمران .. وفتحت احد الأدراج لتخرج صور خطبة نعمه في حارتهم البسيطه
وسمعت صوت عمران يهتف بأسمها .. فوضعت الصور بمكانها وهبطت الدرج بخفه وعلي وجهها ابتسامه سعيده لقدومه
- حمدلله علي السلامه
فأبتسم عمران وهو يُطالعها بشوق يخفيه لسانه ولكن قلبه يفضحه
- الله يسلمك ياحياه
وتسأل وهو يصعد الدرج : ها قوليلي عملتي ايه النهارده
فأخذت تخبره عن مكالمتها مع كرستين ومنيره
وتبدلت ملامحها للعبوس وهي تتذكر كذبها علي منيره التي سألتها عن مكان أقامتها وكيف حال صحة صديق والدها
لينظر اليها عمران بعد أن خلع سترته .. وتسأل
- مالك ياحياه
فأخبرته بما يُزعجها .. ليجلس علي فراشه وينحني قليلا يخلع حذائه بملامح جامده
وعندما لم تسمع رد منه .. أنصرفت وهي تُتمتم
- عن أذنك
وألتف نحوها وهي تغادر غرفته وزفر انفاسه بضيق لانه السبب في ذلك الوضع الذي بات يمقته ...................................................................
تعالت صوت ضحكاتها وهي تستمع لمدح صديقتها..
- أمتي هتعلني خطوبتك انتي وعمران يانيره
فأسترخت نيره بجسدها وهي تزفر أنفاسها في أظافرها المطلية
- قريب ياسوزي
ثم تابعت بزهو وهي تلعب بخصلات شعرها
- عمران للأسف حاليا مسافر الامارات عنده مشروع ضخم فيه
وبدأت تُثرثر عن علاقتهما التي تصنعها هي بخيالها .. الي ان هتفت سوزي
- بصراحه يانيرو عمران العمري ده صيده تقيله
وأبتسمت وهي تتخيله
- لاء وجنتل مان أخر حاجه ورياضي .. راجل مثالي
وتأففت وهي تتذكر زوجها الذي يبلغ من العمر خمسون عاما والذي تزوجته من اجل ماله
- ديما بتقعي وقفه يانيرو
فضحكت نيره بعلو وهي تنظر الي صديقتها
- نيره ديما بتاخد اللي هي عايزاه
ووقعت عيناها علي رجلا يدخل بهيبته ويبدو انه في العقد الرابع من عمره واقترب منه رجلا اخر يُصافحه بحراره
- سوزي مين ده
وأشارت نحوه وهي تُتابع حركته..فأبتسمت سوزي وهي تنفس انفاسها بحراره
- ده فهد الحسيني ثري عربي
لتلمع عين نيره وهي تُطالعه ... وألتقت عيناهم وانصرف بعدما نظر لها وأبتسم
..................................................................
أبتسمت مها عندما وجدت رامي أمامها .. ف رامي اصبح يعمل بالشركه ومنذ بداية عمله وهو يُعاملها بلطف
- أتفضل يابشمهندس
وأشارت نحو غرفة مكتب مروان .. ليبتسم رامي
- مديرك فاضي ولا هعطله
فأبتسمت بود
- الكلام ده لباقي الموظفين اما حضرتك لاء
فضحك رامي وهو يتقدمها
لتتبعه وتحمل بعض تقارير العمل
وأبتسم مروان عندما رأي صديقه .. وأشار اليه بالجلوس
لتقترب منه مها وتضع التقارير أمامه
فنظر اليها مروان بجمود وهي يري أبتسامتها الخجله لصديقه
- اتفضلي انتي يامها .
فطالعته بأرتباك .. وانصرفت وهي تشعر بالحنق من أسلوبه الفظ معها .. لينظر رامي لصديقه
- بنت هايله بجد يامروان
فتجمدت ملامح مروان وهو يُطالع صديقه ..وهتف بنبره عمليه كي يغير محور الحديث
- مبسوط معانا في الشغل ...................................................................
وضعت امامه قهوته وجلست جانبه ..ثم نظرت الي الكتاب الذي بيده وأقتربت منه تُحدق في محتواه
- ده كتاب خاص بمجال شغلك
فحرك عمران رأسه ومال نحو الطاوله ليلتقط فنجان قهوته وبدء يرتشف منه
- قهوتك تجنن ياحياه .
وأبتسمت بأرتباك لمدحه وتابع وهو يُكمل أرتشاف قهوته
- زي ماأكلك كمان حلو
وتوردت وجنتيها وهي تشعر بالسعاده ..وعندما عاد الي مايقرأه .. نظرت للمكان حولها بضجر
وحملت فنجان القهوه خاصتها وبدأت تسأله عن بعض الأشياء .. ليُجيب عليها بكلمات مُختصره
ففضلت الصمت .. وأقتربت تقرء معه حتي لو لم تفهم في مجال عمله
واسترخي بجلسته وهو يري أقترابها .. ثم مدّ احد ذراعيه علي أريكه
كان يظهر مشاعره ولكن بطريقة عمران العمري الرجل الذي لم يُحب يوماً الا في مرهقته وكانت قصة حب كلما تذكرها ضحك علي حاله
وكتم ضحكته وهو يُطالعها بطرف عينيه .. فهي تفتح عيناها علي وسعهما كي تلتقط الكلمات
وتنحنح بخشونه .. وأقترب منها وهو يتسأل
- تحبي نتفرج علي فيلم رعب
فأنتفضت خائفه وهي تتذكر الفيلم الذي شاهدوه سويا فهي لم تكن يوماً من محبين هذه الأفلام
ليضحك عمران وهو يتذكر تلك الليله وعاد يتسأل
- خلاص شوفي أنتي عايزه تتفرجي علي ايه
وأبتسمت حياه وهي لا تُصدق أنه سيترك الكتاب الذي كان يأخذ كل تركيزه وسيجلس معها وأقترحت بشغف
- أحكيلي عن التاريخ الاسلامي
وعندما رأت نظراته التي لم تفهمها ... طأطأت رأسها بأسف
- انا معرفش حاجات كتير عن الأسلام ..
فشعر بالأسف نحوها لنشأتها مع أب لم يهتم يوماً بأن يعلم أبنته أمور دينها
وتسأل
- حياه أنتي أتحجبتي أمتي ؟
فأبتسمت وهي تستعيد ذكري ذلك اليوم
- سنه وتلت شهور
فأبتسم وهو يري سعادتها ..ووجدته بدء يسرد عليها بعض القصص
وأقتربت منه دون شعور وهي تنظر اليه كيف يتحدث .. وكيف لديه كم هائل من المعلومات
وأخذت تتأمله ولاول مره تتمني ان يكون زواجهم حقيقي
وضمه عمران بذراعيه وهو يتسأل
- المكتبه اللي في الفيلا فيها كم هايل من الكتب عن التاريخ الاسلامي والسيره النبويه .. وكتب دينيه كتير هتعجبك
وتذكر جده رحمه الله
- جدي الله يرحمه كان شغوف أووي بالقرايه وخاصه الكتب الدينيه ..
وتابع وهو يتذكر جده بحب
- رغم انه كان رجل شديد وصارم الا اني اتعلمت منه حاجات كتير اووي
فهتفت بحماس وهي لا تشعر أنها بين ذراعيه
- كنت بتحبه اوي مش كده
وفجأه أبتعد عنها وهو يتذكره ويتذكر عمته .. ونظر اليها ليجد صورة والدها فيها
وتمتمت بكلمات جامده
- هبقي أجبلك الكتب .. وتابع وهو يتجه نحو الدرج
- تصبحي علي خير
تعجبت من أبتعاده عنها ونظرت اليه وهو يتجه الي غرفته
وجلست تُطالع ما أمامها بشرود
.................................................................
أستيقظ عمران من نومه وهو يشعر بالعطش .. ونهض من فوق فراشه يُحرك يده علي خصلات شعره .. وهبط الدرج حافي القدمين .. ووقف يُحدق في تلك التي تنام علي الاريكه التي كانوا يجلسون عليها منذ ساعات قبل أن يتركها ويصعد لغرفته مع الماضي
وأقترب منها بخطوات بطيئه .. ونظر الي وجهها في الظلام
كانت نائمه بعمق منكمشه كالجنين .. وأنحني نحوها يتأمل تفاصيلها .. وسقطت عيناه علي ساقيها البيضاء ...
وتقلبت لجهته واصبحت انفاسها قريبه من أنفاسه ..ومدّ كفه ببطئ نحو وجهها يُلامسه بضربات عنيفه تخترق أضلعه
ومال أكثر نحوها بشفتيه ليُطبع بقبله دافئه علي جبينها
وعندما وجدها تفتح عيناها أعتدل في وقفته وطالعها بجمود مصطنع يُدراي خلفه أرتباكه
- حياه أطلعي نامي في اوضتك
كانت الرؤية أمامها مشوشه .. وعاد صوته يُناديها من جديد
فنظرت نحوه بنعاس .. ثم تذكرت هيئتها ..وأعتدلت سريعا وهي تُغطي ساقيها بطرفي فستانها
- محستش بنفسي ..فنمت مكاني
فمدّ كفه نحوها كي يُساعدها علي النهوض .. ونهضت معه
وهي تشعر بوجع في جسدها بسبب نومتها علي الأريكه
وسارت بتمايل وهي تتثاوب ولا تري شئ امامها غير الفراش الذي ستقسط فوقه فور ان تصل الي غرفتها
وأبتسم وهو يري حركة جسدها وهي تتمايل ..وحاوط خصرها
- لاء انتي شكلك لسا نايمه
وصعد بها الي غرفتها ..لتتسطح علي الفراش دون ان ترفع الغطاء من أسفلها
فضحك وهو يزيح الغطاء ويعدل نومتها..ووقف يتأملها بحب ينبض داخل قلبه ولكنه يرفضه
واغلق نور غرفتها وأنصرف وهو يعنف قلبه
" اشمعنا ديه اللي حبيتها ..ليه عايزها اوي كده ..ليه حياتك بقي ليه روح "
ونسى ان يخبر نفسه
" لا سُلطة لنا علي قلوبنا .."ْ
..................................................................
تلاقت عيناهم وكل منهما سار نحو طريقه .. لتقف نهي بعد عدة خطوات وتلتف نحوه بحنين
اما هو شعر بالألم وهو يراها كل يوم تنطفئ وتزبل لم تعد نهي التي عرفها بل أصبحت كالعجوز حتي مظهرها الذي كانت تهتم به بشده بات شاحباً
واكمل سيره وهو يُصارع رغبته في الذهاب لضمها وبين كرمته فهو الي الان لم ينسي وصف فارس له وكيف كانت تُغريه لتتقرب منه وعندما تذكر بعض اللحظات التي كانت بينهم ..اغمض عيناه بقوه وهو يهتف داخله
" انساها ياغبي "
..................................................................
أنتهي عشاء العمل وجلسوا يحتسون قهوتهم ويتحدثون بعمليه كان عمران كل لحظه ينظر الي ساعته فهو يتوق للذهب اليها ولكن عشاء اليوم جاء فجأه ولم يستطع أحراج شريكه ورفقائه فقد أحبوا ان يتعارفوا عليه
كان يدور بعيناه في المكان فالحديث بات ممل بالنسبه اليه
ووقعت عيناه علي أخر شخص يتخيله .. لتتلاقي عيناهم
وينهض بعدما أعتذر من الجالسين وكلما خطي خطوه نحو تلك الجالسه تنظر اليه بأرتباك ..تذكر مازن شقيقه
فهاهي ندي التي كان يري حبها لأخيه وعشقها له ..
ونظر الي الجالس جانبها وطفلا صغيراً يجلس علي المقعد المخصص للأطفال
ووقف أمامهم وعلي وجهه أبتسامه بارده
- ازيك ياندي
فأبتسمت بتوتر ونظرت الي زوجها الذي يُطالعها بنظرات جامده
- عمران العمري
وعندما جاء بذهنه أسم عائلة العمري تذكر أسم زوجها الراحل .. فأبتسم بتهذيب وهو ينهض كي يُصافحه
- أهلا وسهلا ..
وعرفه بنفسه : دكتور احمد منصور
فصافحه عمران وهو يُطالع تلك الجالسه وكأنه يتهمها علي زواجها بعد شقيقه
وأشار الرجل نحو صغيرهم
- مازن أبننا
ليقع الاسم علي مسمعه .. فيجد نفسه يُحدق بالطفل الذي يشبه والده .. وبأبتسامه دبلوماسيه أنهي الحوار وانصرف خارج المطعم باكمله متجهاً نحو سيارته ...................................................................كانت تجلس تنتظره ومن حين للأخر تنظر الي الساعه .. فبدأت تشعر بالقلق عليه.. وكملت قراءة احد الكتب التي جلبها له وبالها مشغول به .. وأرادت أن تُهاتفه ولكنها شعرت بالحرج
وبعد ساعه سمعت صوت الباب يُغلق .. فنهضت من فوق الأريكه وأتجهت نحوه بلهفه
- قلقت عليك اوي .. انت اتأخرت ليه
فطالعها عمران بجمود وصعد الي غرفته دون ان يُجيبها
لتقف حائره في أمره .. وظلت تدور حول نفسها الي أن عزمت قرارها وصعدت اليه
وجدت باب غرفته مفتوح وهو متسطح علي الفراش بحذائه وملابسه وقد تخلي فقط عن سترته ورابطة عنقه
وأرتبكت وهي تردف لغرفته
- مش هتتعشا
فتنهد عمران وهو يزفر أنفاسه بقوه
- أتعشيت بره .
وعاد لشروده .. فأقتربت منه بتوتر
- في حاجه ضايقتك
فلم يُجيبها ولكن صوت أنفاسه كانت تُخبرها بأن يوجد أمراً ما قد ضايقه
ووقفت للحظات تنظر اليه .. واخيرا أقتربت من الفراش وجلست علي الطرف الاخر
- احكيلي وصدقني مش هتندم
ومازحته بلطافه كي تُخفف عنه
- يلا ياعمران يابني أحكيلي ..
كان صوتها يشبه العجائز .. فلم يتمالك نفسه وأبتسم
وألتف نحوها وهو يُطالعها
- حياه انا عايزه أنام ممكن
فأسترخت بجلستها وعقدت ساعديها وهي تُحرك رأسها برفض
- انا حابه القاعده هنا ومش همشي غير لما أعرف
وحركت جفونها بطريقه مُضحكه
ليتنهد عمران وهو يُطالع الفراغ الذي امامه وبدء يسرد لها رؤيته لندي زوجة شقيقه مازن رحمه الله
ظلت تستمع له دون أن تُقاطعه ..
وشعرت بالاسي لحبه الشديد لشقيقه وأبتسمت وهي تضع بيدها علي ذراعيه
- يمكن كلامي ميعجبكش .. بس اللي ندي عملته شئ عادي ومن حقها انها تكمل حياتها
فهتف عمران بجمود وهو يحدق بها بقوه
- والحب اللي كان بينهم
تنهدت وهي تختار كلماتها بعنايه
- لو كل واحد فارق انسان غالي عليه ووقف حياته ..الحياه عمرها ماهتمشي ... في ناس حياتها بتقف وفي ناس بتقدر تكمل حياتها من تاني ولا ده وفيّ ولا التاني خاين للذكري بس كل واحد فيهم اختار الطريق اللي هيكمله ... الذكري الحلوه والحب الحقيقي عمره مابيتنسي ومش معني الانسان قدر يكمل حياته فهو خان العشره .. الحياه عباره عن رحله والرحله لازم تكمل
وتابعت وهي تتسأل
- ابنها اسمه مازن
فحرك رأسه بعدما هدأ قليلا ..
- متوقعش في يوم هتنساه .. هتفضل فكراه في أبنها
واصبح صوت أنفاسه هو من يملئ المكان الي ان هتفت
- أعملك قهوه
فألتف نحوها وهو يبتسم
- أعملي ياحياه
وركضت وهي تُتمتم بتحذير
- أوعي تنام
فأتسعت أبتسامته .. وكل يوم يسقط في بحور عشقها رغماً عنه
...................................................................
الكل يُصفق وصوت الغناء يصدح في ارجاء المكان .. والمُباركات هنا وهناك .. وهي تجلس تلعب بهاتفها تُلهي نفسها عن الأعين التي تُطالعها
وأبتسمت ساخره وهي تتذكر عدد المرات التي سمعت فيها تلك الجمله التي تمقتها
" عقبال مانفرح بيكي يامها ياحببتي" ثم تتبعها زغروطه طويله تصم أذنيها
ونظرت الي والدتها وخالتها التي تجلس جانبها .. ولمياء شقيقتها والتي تقف بجانب العروس ترقص معها
وسمعت صوت خالتها وهي تلوي فمها بأمتعاض
- ياحببتي قومي كده فرفشي وهيصي مع البنات .. ماانتي لو فضلتي كده مش هتتجوزي فكيها شويه
ووكظة شقيقتها
- ما تخلي بنتك تدردح ياصفيه
فأمتعضت صفيه من حديث شقيقتها .. ونظرت لمها التي أشاحت بوجهها بعيدا عنهم
- اطلعي شمي شويه هوا ياحببتي بره القاعه ... انا عارفه انك بتتخنقي من الجو ده
ثم نظرت لأختها بضيق
- ماتحسبي علي كلامك ياروحيه ..
لتتأفف الاخري
- خليها قاعده جنبك كده ..
فأبتسمت صفيه : بكره بنتي ربنا هيكرمها ماهو ياحببتي مش بالرقص والهيافه .. ماياما رقصوا وحطوا الاحمر والأخضر وفي النهايه ايه أتجوزوا اه بس قوليلي أتجوزوا الراجل الصح اللي يصونهم ويحميهم
وعندما وجدت ملامح شقيقتها قد تغيرت .. لانها ذكرتها بأبنتها التي تطلقت بعد عامان من زواجها
وتنهدت بضيق فالكلام الجارح ليس من طباعها
- كل واحد وليه نصيبه .. ووقت ما ربك بيأذن بتتعجبي من تدبيره ...................................................................
خرجت من الفندق الذي يُقام فيه حفل الزفاف .. ووقفت في الخارج تستنشق الهواء ، أعتادت علي تلك الكلمات حتي أصبحت لا تشعر بشئ .. وتنفست بعمق وأخذت تُعدل من حجابها .. وأتسعت عيناها وهي تجد مروان جالس بسيارته وبجابنه فتاه يُقبل يدها
وسار بسيارته .. لتسقط دموعها
..................................................................
أنتهي من سهرته التي أعتاد عليها وخرج من الملهي الليلي
فأقتربت منه إحداهن
- ممكن توصلني
ثم ضحكت وهي تتمايل
- ولا مش فاضي
فأبتسم مروان وهو يميل نحوها
- تعالي يلا
كان يعلم بأنها تُريد ان تصطحبه لشقتها كالأخريات.. وهو كان يُسيرهما
ويصعد معهم كان يُبرر لنفسه أنها مُجرد قبلات لا اكثر ثم يرحل
وصعد سيارته لتصعد الفتاه جانبه تُثرثر وتضحك
بل وتلامس جسده بيدها
ووقف فجأه بسيارته وهبط وهو يجد منظر صدمه
رجلا يجلس وبجانبه أطفاله يأكلون من صندوق القمامه
واقترب منهم .. ليفزع الرجل وينهض يجذب صغاره نحوه
فنظر اليهم مروان بألم
- متخافش
وأقترب من الطفله الصغيره ومال بجسده نحوها يمسح علي وجهها
فالطفله كانت تأكل كسرة من الخبز العفن
المشهد أوجعه ... وهو يري حياة غيره ..
وبدء يمر شريط حياته أمام عينيه الفتاه التي ركض خلفها وأحبها وتزوجها وعندما خسر امواله التي تزوجته من اجلها .. هجرته وطلبت الطلاق لانها لم تتحمل حياة الفقر .. ليصبح انسان بائس مُدمراً ولكن الله لم يتركه
وأقترح عليه عمران الذي تعرف عليه من خلال شاكر الذي كان صديق والده رحمه الله .. لتفتح له الحياه ابوابها من جديد وبدلا ان يُدرك نعمة الله عليه ..ضاع وسط حياة اللهو
وأفاق علي صوت الطفلان وهم يجذبون ذراع والدهم بخوف
ووجد الرجل يأخذ أطفاله كي يبتعد ..فأمسك ذراعيه ليخرج بعض الاموال من حافظته لكن الرجل أشاح وجهه
- لاء يابيه انا مش بشحت ..
وأدمعت عيناه .. ووقف حائراً وهو يري نظرات الصغار لأبيهم .. ليهتف الرجل بمراره
- طردوني من الشغل عشان مبقتش أصلح للعمل
واشار نحو رجله العرجاء .. ثم أزال بقايا دموعه
- طب تحب اساعدك بأيه قولي
فتهللت أسارير الرجل
- شوفلي شغل الله يكرمك
لينظر مروان الي صغاره ثم اليه
- خلاص تمام انا موافق
وأخرج كارته الخاص
- تعال العنوان ده .. واديهم الكارت بتاعي
ووضع المال بيده وهو يبتسم
- خليهم معاك دول مني عشان ولادك
وأتجه نحو سيارته حيث التي تجلس تتأفف من الأنتظار
ليسمع صوت الرجل وهو يدعو له
- ربنا ينور قلبك وطريقك يابيه
...................................................................
هوت بجسدها علي أقرب مقعد ومازال صدي كلماته في أذنيها .. صديق والدها قد مات .. أمس أخبرها أنه أصبح بخير ..ام اليوم فكل شئ قد تبدل
وأخذت تُردد بضعف
- مات !
كان عمران يقف بوجه شاحب من الصدمه بعد أن تلقي الخبر .. وشعر بالوجع وهو يري نظرت الأنكسار في عينيها
وأقترب منها يمسك كفيها ليحتويهما بين كفيه
- عيطي ياحياه ..البكا ساعات كتير بيريحني
فرفعت وجهها نحوه بألم
- حكايتنا كده أنتهت .. تقدر دلوقتي تتخلص من عبئ
فلم يشعر بنفسه الا وهو يضمها بقوه
- مين قال أن حكايتنا أنتهت .. احنا ..
وقبل أن يُكمل باقي عباراته .. دفعته بعيدا عنها وركضت لأعلي نحو غرفتها
فصعد خلفها راكضاً .. ليجدها تضع حقيبتها وتُخرج ملابسها
- انا كنت أمانه عندك عشانه هو .. انا مينفعش أفضل هنا ماليش حد وسطكم ..
ووضعت ملابسها داخل الحقيبه ومازالت الصدمه تخترق قلبها
وفجأه سقطت علي ركبتيها وهي تنتحب
- ليه كلهم بيروحوا ويسبوني ..
كانت كلماتها تدمي قلبه لا يُصدق ان هذه تلك الفتاه التي تبتسم وتعطي الأمل لمن ينظر الي وجهها.. ليجثي علي ركبتيه وقلبه لم يعد يتحمل رؤيتها هكذا
- حياه انا معاكي وعمري ماهتخلي عنك
فطالعته بنظرات تائها وهي تُتمتم
- كلهم قالولي كده ..
ولم يشعر بنفسه وهو يضمها ويُقبلها بقبلات متتاليه دافئه كأنه بذلك يُخبرها حبه .. وأرتجف جسدها وأصبح قلبها يدق بعنف .. وعندما أرادت دفعه لتبتعد ..همس بحب
- عايزك ياحياه
وتعلثمت وهي تنظر اليه بضعف
- انت مبتحبنيش
وضاعت معه بعد كلمتها الأخير ... ليُخبرها في كل لمسه وهمسه منه انه يعشقها ويُريدها بقلبه وعقله وكيانه كله
..................................................................
أنت تقرأ
ودق القلب (سهام صادق)
Romanceالمقدمه ******** حينما يدق القلب لا يعرف المنطق ولا الفلسفه لا ينظر الي المال ولا الجمال ... ينسي الاحلام التي صنعها في فارس الأحلام... تجبرهُ بأن يصمد ولكن يصبح كالطفل الصغير لا يريد شيء سوي ما دق له ..ضعيف بين اضلعنا نضعف معه دون ان نشعر نسقط معه...