نبذة واقع،،

28 5 128
                                    


نبذة واقع،،



متى تشعر بالإنهزام،،

أخاطبك ،أنت يامن تقرأ حروفي!

متى و متى..

حكايتي اليوم لك و لي و لجميع من يدرك بمشاعر و يفهم بعقل ،،

فهي سطور تحكي نبذة واقع،،

عندما نظرت لأمٍّ تبكي بدموع قلبها لفقد ثلاثة أبناء بحادث ، بينما تحتظنني لأن من فقدَت اعزة لي !

عندما ترعرعتُ و أنا أجد في جملتين لها خمس مراتٍ حمدٌ لها .. فهمت معنى الصبر ،،

ذهبتُ لها ذات يوم ، كانت تناجي ربها ظهراً و أنا جلست ُُ بصمت و أدب خلفها حتى أتمت وِردَها ،كانت لي الراحة .. و العزم و الهمة و العَمَل ...

أدارت وجهها لي و نطقت بصوتها الامومي المتهالك : هل أطلت؟

حركت وجهي نفياً ثم نهضتُ أحبها على رأسها.. احتراماً لعمرها و لكونها أما لقلبي ..

أما لي ،جدتي التي أحب و أعشق..ملجأ وحدتي ربما!

قامت من مصلاها و انتزعت لباس صلاتها المزرق الباهت و هي تتسامر معي،، تضحكني بمزاحها الهادئ ..و بكل حرف منها نور علم ما لا يدركه الكثير..بسيطة و عميقة .. هادفة و سلسة ..

طبيعية و غزيرة الحكمة،،

نهضتُ خلفها للمطبخ ، كانت بأيام لها قليل من القوة لتيسير قليل أمور حياتها فتطبخ..

و أنا لها يد يمنى عند حظوري ، سألتها بمرح بين حديثنا:- أمي، و ما عليَّ أنا؟

أخرجت كيسَ البصل تشير له بسرعة :- عليك تحميره ، سيكون غداؤنا كبسة دجاج .

استغربت جملتها.. كانت غريبة لي ، فهذه المرة لم تطردني لاجلس مقابل شاشة التلفاز كالعادة!

اخرجت ثلاث بصلات أظن ، و أنا أصرّح لها بابتسامة بهجة :- هذه المرة لم تطرديني أمي، هل لأني كبرت .

ضحكت علي و بدأت بتقشير بطاطا ::-بل لأنك ستتحدثين كثيرا، و هذا سيشغلك عن الثرثرة .

جملها بسيطة،غير طويلة،مختصرة لكنها عالم.. و عليها أنا أصبحت قليلة الحديث مع غيرها و ثرثارة معها .. لأن عالمي هيَ ..

أسئلتها لي بسيطة..لا تتعدى ثلاث كلمات ربما،لكن تقودني للاسهاب ساعة كاملة،كسحر!

أمضيت معها أجمل الساعات حتى تم إعداد الغداء و جلسنا على الأرض ببساطة تاركين طاولة الطعام بالمطبخ مهجورة لنحتظن دفء العائلة البسيطة..


-لا تحزني ،فكل شيئ سيتغير دوما فدوام الحال من المحال.

هذا ما قالته لي بين صمتنا.. لم أشك مابي ،لم أتحدث عن مشكلة بالأساس ..لكنها قرأت حزني،ألمي دون حاجة لسماع شيئ ..هكذا الأمهات بالعادة ..


اجبتها بهدوء :- لا شيئ مهم أمي،لا تقلقي علي .

لكنها احتظنتني و تجاهلت كلماتي الباردة القوية !

بدأت تمسح على رأسي حتى بكيت ، لم يكن لي حق الصمت في حجرها !

هي تعلم و أنا أدرك أنني لو صمت الدهر كله لم يكن لذلك أثر او حتى تقطيب حاجب علي ، كنت كآلة أحكم عقلي دوماً و أبداً بظاهر صلب و عقل واع..


لكن هي تلمست حطامي و كيف..حتى أنا لا أعلم !!

كانت تتكلم بحديث قصير متقطع ، عن أن الله أرحم الراحمين، أن رسول الله عليه الصلاة و السلام أكثر من عانى غربة بهذه الدنيا ..عن أن الأيام فانية و العمل المخلص لله هو الغاية لاغير..و أني أهل للبلاء ،،


هي بالطبع علمت أني لم أعد لمنزلي للهرب من الأعين و الألسن و المشاكل ،شيئ أنا لم أكن أدركه ..ما أدركه أني اشتقت لها لا غير..

أخرجت ورقة اختباري للإنشاء .. علامة كاملة ..

أحب لغة الأم هذه و اهيم عشقاً بها، و لأني أنجز احب أن اري جدتي انجازاتي كأي مراهق يحب اثبات ذاته ربما..

حتى الاستشهاد الذي أقوم به عادة بيت شعر شخصي ،،

قرأته ..رأت وعياً و هدفاً و ثورة كلامية اعتادتها مني ، فنطقت بلطف جدي :- أنتِ ماهرة بالقلم حبيبتي، سلاحك لا يهزه الريح فلا توقفيه ..استمري بجعله تأسيس الفكر و الخلق المبتغى ففي زماننا نحن بحاجة لفكر،خُلُق نزيه، غاية تنتهي لخير تعرفينه.. فالاسلحة موجودة..الحروب موجودة، الحركة ظاهرة ، لكن الثبات لا ..و قلمك يثبت و يبني ..


لأنها حروفها حفظتها،اتبعتها.. عملتُ الكثير بسطور متوارية لهدفي المبتغى و ساستمر و استمر ببناء ما أراه و لو خفية عن مدركات العقول ..


هذا لي هدف و حركة و غاية ،،

غلبتني الظروف بإيقاف الكثير إلا القلم بالنهاية .. و لن توقفني ،،


أود إرسال رسالة لها الآن،اقول لها..ها أنا على ما قلتي متبعة.. قلمي سلاحي الثابت ،،


أشتاق لتلك اللحظة التي قادتني لما أنا عليه..هدف لا يفهمه الكثير،،


لذا، في الواقع الانهزام لا معنى له بقاموسي 


لأن انهزامي لايكون إلا بانقطاع سعيي لهدفي و هذا محال،، 


فأنا له أمضي 

في ظلال حكاية..Where stories live. Discover now